بعد 5 سنوات قضاها فى الأسر تم الإفراج عن الجندى الإسرائيلى جلعاد شاليط مقابل افراج اسرائيل عن ما قدر ب1027 أسير فلسطينى بالسجون الإسرائيلية. قالوا أن الصفقة تمثل إنتصار أمنى وسياسى خالص للمقاومة الفلسطينية بوجه عام ولحركة حماس على وجه الخصوص بعد ان إكتسبت مسحة من الشرعية الفعلية فى تعاملها مع الجانب الإسرائيلى ونجاح المقاومة الفلسطينية فى إخفاء الجندى الإسرائيلى طوال 5 سنوات و4 شهور فشلت خلالها إسرائيل بأجهزتها الأمنية المختلفة ووسائلها الفائقة التقدم فى تحديد مكانه أو إجبار الفلسطينيين على تسليمه بثمن بخس, كما فتحت الصفقة الباب لإمكانية إجراء المزيد من التفاوض بين الطرفين. ومثلت الصفقة إنجاز مصرى دبلوماسى وأمنى بعد ان نجحت إتصالاتها ووساطتها فى انهاء ازمة معقدة فشلت عدة دول كبرى فى انهائها طوال تلك الفترة. وهناك من يرى ان تلك الصفقة ما هى الا محاولة من رئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو للإستمرار فى موقعه عبر الإستفادة من بوابة إستعادة جلعاد شاليط. حيث بدا التعنت الإسرائيلى فى التفاوض حول إستعادة الأسير على مدار 5 سنوات مبالغا فيه بعض الشئ الى الدرجة التى دفعت والد شاليط الى تنظيم مظاهرات إحتجاجية لإجبار الحكومة الإسرائلية على اظهار قدر أكبر من الجدية لإستعادته. وخلال رحلة التفاوض التى استمرت 5 سنوات تعرض الفلسطينيين والعرب بوجه عام لضغوط صعبة ومنها مثلا تلك الغارة الجوية التى نفذها الطيران الإسرائيلى فوق قصر الرئيس السورى بشار الأسد عقب اختطاف شاليط بهدف تهديد لسوريا التى تعتبرها إسرائيل الراعى الرئيسى لحركة حماس. وشهدت السنوات ال 5 شن اسرائيل العديد من الحملات القمعية والغارات الجوية الهجومية على غزة للضغط من أجل اعادة شاليط وهى الهجمات التى راح ضحيتها عشرات الفلسطينيين بين قتيل وجريح. ومن المؤسف ان وسائل الإعلام العالمية فى بعض الدول الغربية اظهرت عدم ارتياح لتبادل الأسرى بعد ان تبنت ابراز وجهة نظر المتشددين من الإسرائيليين الذين رأوا أن الأسرى الفلسطينيين ليسوا سوى ارهابيين لا يستحقون الحرية وان جانب كبير من المفرج عنهم يمكن ان يعود لمهاجة إسرائيل من جديد. بل ولم يفلت الإعلام الدعائى الإسرائيلى الفرصة ووجه انتقادات شديدة للتليفزيون المصرى وللإعلامية شهيرة أمين لأنها اجرت مقابلة خاصة مع شاليط قبل ان تتسلمه اسرائيل بل وادعوا ان اللقاء التليفزيونى تم "عنوة"! وباختصار كان خبراء الدعاية الإعلامية فى إسرائيل قد وضعوا خطط أخرى لتوصيل رسائل محددة الى العالم وجاء لقاء التليفزيون المصرى ليخطف منهم النصر الدعائى المتوقع ويحقق السبق ويجبر وسائل الإعلام العالمية على نقل ما أذاعته مصر. وظهر ما بالنفوس عندما أعرب الإسرائليون عن غضبهم من قيام المصريين بإجراء مقابلة مع شاليط واذاعتها على العالم بحجة انها محاولة لتحقيق نصر دعائى بالإضافة للنصر التفاوضى الذى تحقق بالإفراج عن شاليط والأسرى الفلسطينيين!! والطريف حقا هو ان شاليط ذاته وافق على اجراء المقابلة, كما ان إبراز نجاح دور مصر فى الإفراج عنه بعد فشل اسرائيل وعدد من دول العالم فى ذلك لا يمثل خطأ ما بل هو عين الصواب فلا يوجد مبرر لأن تحجم مصر عن إعلان انجازها بل والحصول على الشكر من الأسير الذى زجت به قيادته الإسرائيلية فى ذلك الموقف المأسوى وتركته واسرته فى دوامات المعاناة لأكثر من 5 سنوات. أما الأكثر طرافة فكان بروز روح "الأشقاء" كما جرت عليه العادة فى مثل تلك المواقف ذات الصبغة العالمية. فقد اعلن موقع "العربية نت" الإلكترونى وبعنوان من الحجم الكبير انه نجح فى رصد عدد من الأخطاء فى الترجمة من العبرية الى العربية اثناء اللقاء الذى اجراه التليفزيون المصرى مع الأسير الإسرائيلى!! يبدوان احدهم يريد بعض "الحمص" من "مولد شاليط" وكل شاليط وأنتم بخير. حقا صدق من قال ان للنصر الف أب وأم وأشقاء وأعمام أما الهزيمة فيتيمة. المزيد من مقالات طارق الشيخ