ما الذي خرجت به من هذه الدنيا؟! صحيح ما الذي يمكن أن يخرج به الإنسان من هذه الدنيا. والجواب: لا شيء.. لأنك إذا قلت انك (خرجت) من هذه الدنيا بشيء فأنت لا تعرف ماذا تقول.. لأنه لا أحد يخرج منها بشئ.. فالذي يموت لا يترك شيئا لأحد.. لأنه بعد وفاة الانسان لا أحد فكل الناس بعده لا شيء أيضا.. وانما الذي يحدث هو الانسان كما دخل الدنيا سوف (يخرج منها كان وزنه ستة أرطال وسوف يخرج منها ووزنه ستون رطلا.. دخلها سليما وخرج منها مريضا.. أو تقول لنفسك: كل هذا التعب والعذاب في الدنيا والنتيجة ماذا ؟ لا شيء. فأنت قاتلت وحاربت وصارعت وناقشت ومرضت وسهرت وأكلت وشربت وكسبت وخسرت وكفرت وآمنت ودق قلبك طالعا نازلا ثم ضاق صدرك والتوت أمعاؤك واحترقت معدتك وزاغت عينك وانشطر رأسك وحارت قدماك في كل أرض وامتدت يدك الي كل الكتب والعقاقير.. والنتيجة ماذا ؟ لا شيء.. فما الذي يمكن أن يخرج به الانسان من دنياه؟! وقد تقول أن الإنسان لا يصح أن يأخذ من هذه الحياة شيئا لأن الحياة لا شيء.. ان الحياة كوبري تعبر عليه الي الناحية الأخري والطريق طويل.. ولذلك يجب أن يكون الانسان خفيفا حتي يكون عبوره سهلا.. وكل الذي قدمناه وعملناه في هذه الناحية سوف نحاسب عليه في الناحية الاخري ان خيرا فخير. وان شرا فشر.. وهذه الناحية عابرة والناحية الأخري أبدية.. وكل شئ هنا من اجل هناك.. وليس الجسم إلا ثوبا يتسلمه جديدا.. ويتركه باليا قديما.. والموت هو أن يسقط هذا الثوب عنا. فالدنيا إذن مستشفي دخلنا فيه مرضي.. وأما العلاج ففي الناحية الأخري. المزيد من أعمدة أنيس منصور