نقطة الارتكاز في تحقيق الاستقرار السياسي وصولا الي تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين دون تمييز أو تفرقة هي العدالة الاجتماعية.. وعندما يجنح أي نظام سياسي بعيدا عن مفهوم العدالة الاجتماعية يتفاقم التوتر الاجتماعي وتضطرب الحياة السياسية. هذه حقيقة يجمع عليها المفكرون والباحثون والمؤرخون ويعللون بها أسباب الثورات التي تستهدف الاطاحة بنظم ظالمة وفاسدة, ولعل أبرز دليل علي ذلك ثورة 25 يناير 2011 التي أسقطت حسني مبارك. وكان أبرز مطالبها ومازالت الديمقراطية والعدالة الاجتماعية, وهما الهدفان الرئيسيان لثورة الربيع العربي, وهو ما ظهر علي نحو مثير للقلق إبان سنوات رئاسة جورج بوش الابن وهيمنة المحافظين الجدد في أمريكا علي الحكم. فقد أطلقوا الرأسمالية المتوحشة من عقالها, ومن الجدير بالذكر أن هذه العولمة أفضت إلي تشكيل حركات احتجاجية مناهضة لها منذ مستهل التسعينيات من القرن العشرين وليس أدل علي ذلك من الحركة الاجتماعية الغاضبة التي اندلعت في مدينة سياتل بأمريكا في نوفمبر 1991 ضد مؤتمر عقدته منظمة التجارة العالمية في المدينة. وتقول نخبة من علماء السياسة والاجتماع إن مظاهرات سياتل كانت الميلاد الجديد لحركات الاحتجاج العالمية ضد العولمة والرأسمالية ذلك أن هذه الحركات تنشد تحقيق العدالة الاجتماعية. وقد بلغت هذه الحركات الاحتجاجية ذروة جديدة ومهمة في المظاهرات العالمية التي اجتاحت 82 دولة ونددت بالممارسات الرأسمالية للحكومات وطالبت بالعدالة الاجتماعية, وهنا ينبغي الاشارة تحديدا الي أن هذه الممارسات الحكومية التي حول في ظلها رجال البنوك والمال الرأسمالية الي ما اطلقوا عليه الرأسمالية الكازينو.. قد أدي الي أزمة انهيار النظام المالي العالمي في سبتمبر 2008 وكانت أمريكا مركز الانهيار. غير أنها لم تصحح مسار البنوك, وهو ما أدي الي حركة احتلوا وول ستريت, ومعني هذا أن العالم في حاجة ماسة الي إعادة النظر في النظم الاقتصادية والاجتماعية الراهنة. ونقطة البداية لعالم جديد هي السعي لتحقيق العدالة الاجتماعية.