الطريق لتحقيق آمال وطموحات الشعب بعد ثورة25 يناير يرتكز علي اقامة دولة القانون وترسيخ مفهوم المواطنة. ويمكن القول, دون شطط أو غلو, أن هذا هو السبيل الذي انتهجته دول العالم وصولا للتقدم والنهضة وكان هذا ما فطنت إليه مصر. بكل أطيافها وفي مقدمتهم طليعة المثقفين والمفكرين والسياسيين منذ مستهل القرن العشرين. وقد تجلي ذلك بكل وضوح أبان ثورة1919, حيث برز مفهوم المواطنة في أروع اشراقاته الوطنية, وشكل سياجا منيعا لدرء الأخطار الخارجية والأجنبية, وأفشل محاولات الاستعمار البريطاني آنذاك لاختراق القوي الوطنية, وثمة إجماع في الرأي بين المؤرخين والمثقفين علي أن ثورة1919, كانت في سنواتها الأولي نقطة انطلاق نحو بناء المستقبل, غير أن هذا المستقبل المأمول تعثرت أهدافه بسبب السيطرة الاستعمارية البريطانية, ثم استعادت مصر عافيتها بثورة يوليو1952, وكان مشروعها طموحا لتحقيق العدالة الاجتماعية, دون تمييز أو تفرقة. غير أن هذا المشروع الاجتماعي لم يكتمل إنجازه, والأدهي والأمر أن العدالة قد انهارت أبان سنوات حكم مبارك, وجرفت في اعصار انهيارها لمصلحة تحالف الاستبداد والفساد دولة القانون ومعني المواطنة, وهو ما أدي إلي غياب العدل الاجتماعي والديمقراطية وسط تفشي الفساد وهيمنة الاستبداد, وكان هذا ما أدي إلي ثورة25 يناير, ولذلك, فإن البناء الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الجديد حتي تحقق الثورة أهدافها الشعبية النبيلة لابد أن يرتكز علي دولة القانون والمواطنة, دولة العدالة الاجتماعية والديمقراطية. وعندما تتضح المؤشرات الحقيقية لهذه المبادئ والآليات يبدأ المجتمع مسيرته نحو الاستقرار والبناء. وهنا لابد من تأكيد أن مصر بكل أطيافها تؤمن إيمانا عميقا بأن الشعب الذي صنع ثورة25 يناير قادر بالوعي علي حمايتها والدفاع عن أهدافها حتي تنهض الأمة من جديد. ومما لا جدال فيه أن حرفة المصريين ورسالتهم منذ فجر التاريخ هي صناعة التقدم والحضارة.