1 صورة في الحقيبة أقل مما توقعت, بعدما تزوج كان أقام معملا للتحميض في جزء من مطبخه, ولما احترق المطبخ والمعمل طلب مني أن أرسل له ما أستطيع من الصور القديمة التي أرسلها لأنها لم تعد عنده. كانت كلها بالأبيض والأسود, وأنا أرسلتها له بعدما استبقيت عددا قليلا له وزوجته وولديه, كانت في يدي الآن واحدة كبيرة لامعة ومثنية الأطراف, كان يجلس فيها بركن الكنبة في صالة مسكنه, بينما استقلت السيدة زوجته وقد أراحت رأسها في حجره, وساقاها المثنيتان عاريتان تماما, كانا يضحكان ويواجهان الكاميرا, وأنا لما عرضت الصورة وغيرها علي العائلة لأنهم يحبونه جدا تفرج أبي, رحمة الله عليه, ورأي جونيور والزوجة عارية الساقين وناولها لي وهو يلقي نظرة أخيرة يوضح لي متهملا. خلي بالك, أصل دول ما بينكسفوش .2 تناولت صورة أخري كان يقف فيها وسط خمسة من عمال المناجم, كان كل منهم يمد ذراعيه علي كتفي الأخري ويتطلعون إلي الكاميرا ويضحكون بوجوههم وثيابهم الملوثة, وهم يرتدون الأحذية ذات العنق الطويل والأحزمة العريضة, وعلي رأس كل منهم غطاء معدني طويل, في مقدمته مصباح مستدير. 3 كان كتب تقريرا مرفقا بالصورة, لم أجده بالحقيبة, الأمر الذي جعلني أدرك أن يدا ما عبثت هنا ولم تعد كل شيء إلي مكانه, المهم أنه حكي كيف حدث, مرة أن كان هناك منجم قديم تحت قاع المحيط, وكانت الشركة المالكة حفرت نفقا تحت هذا القاع يمتد لمسافة طويلة حتي يقوم العمال بالتوغل داخله لكي يكسروا أحد العروق التي لا أذكر من أية خامة كانت, المؤكد أنها ثمينة, ثم ينقلون هذه الكسور الصغيرة علي العربات إلي الشاطئ, وعندما كانوا يحفرون هذا النفق الممتد حدث خلل لا يتجاوز السنتيمترات في زاوية الحفر بحيث أن سقف النفق مع التقدم راح يقترب من قاع المحيط إلي أن جاءت اللحظة التي انهار عند النقطة الأضعف, والواقفون علي الشاطئ استقبلوا الجثث ومعدات الحفر مع الماء الذي اندفع. 4 لم تستسلم الشركة لما جري, جاءت باخرة كبيرة ووقفت بعيدا وراحت تصب الخرسانة حتي سدت الفجوة التي أحدثها ضغط الماء, ثم شفطوا هذاالماء من النفق حتي أصبح فارغا تماما, بعد ذلك قاموا بحفر نفق آخر تحت النفق القديم, ولكنه أعمق كثيرا وبزاوية مضبوطة, بعد ذلك حفروا ممرات بين هذا النفق الجديد لكي يتسلقوا منها إلي النفق القديم ويكسروا العرق الذي يريدونه ويلقون بهذه الكسور عبر هذه الممرات, ويحملونها علي العربات الصغيرة التي تأخذها إلي شاطئ المحيط, وهم عندما انتهوا من حفر هذا النفق وأعدوا الممرات طلبوا عمالا جددا, وبما أن حكاية انهيار المنجم وضحاياه كانت شاعت, فقد كان الأجر المعروض كبيرا جدا, وجونيور اشتغل فيه واعتدلت أحواله, وهو كان رسم لي الماء, والشاطئ وامتداد النفق القديم تحت القاع وزاوية الحفر المائلة ومكان الانهيار, ورسم الباخرة التي سدته مثل صندوق صغير له عدة قلاع, وتفريغ النفق القديم من الماء ثم النفق الجديد الأعمق, ورسم سلالم الممرات بين النفقين والعرق الذي يكسرونه, كما رسم العربات مثل مستطيلات صغيرة محملة بالأحجار, وعند مدخل المنجم رسم نفسه وقد تحولت ساقاه وذراعاه إلي خطين وكان يضع هاتين الذراعين في وسطه, والمصباح المدور بمقدمة غطاء الرأس الصلب مضاء, ويرسل نوره في خطوط متقطعة بعضها قليل, وبعضها كثير يمتد علي الماء. وللكلام, غالبا بقية