يعرف تقييم الآثار البيئية بأنه دراسة الآثار المحتملة لأي مشروع علي البيئة من جميع جوانبها, والآثار البيئية منها الإيجابية ومنها السلبية, وهناك علاقة تبادل عكسي بينهما فالآثار السلبية يمكن تخفيضها بتكاليف عالية كما أن المنافع الاقتصادية يمكن تحقيقها ببعض التبعات البيئية, ويشمل تقييم الآثار البيئية جميع البدائل الممكنة, ويحدد البديل الذي يمثل المزج بين التكاليف البيئية الاقتصادية وبين منافع المشروع, ويعتمد هذا التقييم علي التوقعات, أي تقدير التغيرات في نوعية البيئة التي يمكن توقعها كنتيجة للمشروع المقترح, حيث يتم التقدير طبقا لأسس عامة بالتكاليف الاقتصادية والمنافع المتوقعة, أي أن تقييم الآثار البيئية هو أداة لصنع القرار تضع أمام متخذه صورة واضحة للبدائل والتغيرات البيئية المتوقعة وعلاقة التبادل العكسي بين الآثار البيئية لكل بديل. وبذلك فإن تقييم الآثار البيئية وسيلة وليس غاية في ذاته لأنه معيار للاختيار بين البدائل المتاحة يعمل علي تقليل التكاليف وزيادة العوائد, فيتحقق من خلال ذلك تخفيف الضغط علي مكونات البيئة ويرفع العائد علي استخدامها, ومن أهم ما يحققه هذا التقييم من نتائج أنه يعمل علي ألا يكون العائد الحالي علي استخدام البيئة علي حساب احتياجات الأجيال المقبلة لمكوناتها, ومن ثم يعتبر تقييم الآثار البيئية من أهم أنساق تحقيق التنمية المستدامة. ويجري التقييم علي مستويات مختلفة, فقد يتم علي مستوي المشروع, القطاع, الإقليم, أو علي المستوي القومي حيث تدرس الآثار المحتملة لمشروع بذاته كمشروع اقامة مصنع لإنتاج السيارات, أو قطاع صناعي كصناعة الحديد والصلب, أو إقليم معين بدراسة الآثار البيئية لما يقام علي هذا الإقليم من مشروعات جديدة أو التوسع في مشروعات قائمة, ويجري التقييم علي المستوي القومي بدراسة الآثار البيئية لبرامج التنمية الاقتصادية. وكما يختلف التقييم تبعا لنطاق العمل يختلف أيضا تبعا لمداه الزمني, حيث يجري التقييم في الأجل القصير أو المتوسط أو الطويل شاملا الآثار التي تحدث أثناء الإنشاء أو بعد تمام التنفيذ أو التي تظهر بعد فترة من الزمن كالآثار البيئية التي حدثت ولاتزال تحدث نتيجة مشروع السد العالي في مصر, وتتطلب التنمية المستدامة أن يكون تقييم برامج التنمية والتقييم علي المستوي القطاعي والإقليمي وتقييم المشروعات العملاقة كمشروع السد العالي ومشروع توشكي علي المدي الزمني الطويل حتي لا يكون النمو الاقتصادي الحالي أو القريب علي حساب الأجيال المقبلة وحتي يستمر عطاء البيئة في الحاضر والمستقبل. ولتقييم الآثار البيئية أساليب متعددة أكثرها استخداما هو تحليل التكلفة والعائد وهناك أسلوب أكثر تطورا ولكنه أصعب تطبيقا في تحليل الانساق يعتمد علي نماذج رياضية تتفق مع كبر حجم العمل المراد تقييمه ويحتاج الي بيانات علي درجة عالية من التفصيل والدقة, مما قد لا يكون متاحا في الدول النامية بصفة خاصة, ويناسب هذا الأسلوب تقييم برامج التنمية الاقتصادية والتقييم الإقليمي والقطاعي وتقييم المشروعات العملاقة التي تستهدف أغراضا متعددة وتنصرف الي أجيال مقبلة. والآثار البيئية التي يتم تقييمها هي كل التغيرات التي تحدث في البيئة بسبب المشروع ويشمل ذلك تغير الخصائص البيئية أو ظهور خصائص جديدة لها, وهذه الآثار قد تكون مباشرة أي ناتجة عن تنفيذ المشروع أو غير مباشرة أي ناتجة عن عمل المشروع بعد تمام تنفيذه, وأوضح السبل للتعرف علي الآثار البيئية هو حصر خصائص البيئة المحيطة بالمشروع قبل تنفيذه وإعادة فحص هذه الخصائص بعد اكتمال المشروع, ولا صعوبة في التعرف علي ما يحدث من تغير في خصائص البيئة ولكن الصعوبة تثور في تقييم هذه التغيرات أي في تقييم الآثار البيئية. ويتصل بعملية تقييم الآثار البيئية عدة جهات في مقدمتها إدارة المشروع المقترح والجماعات غير الحكومية التي ترتبط بالمشروع برابط جغرافي, تعاقدي, تكاملي, تنافسي أو غير ذلك من الروابط, كما يبرز دور الأجهزة الإدارية المختصة بالبيئة, كل ذلك الي جانب دراسة الجدوي الخاصة بالمشروع, وقد يندرج فيها التقييم فتسمي دراسة الجدوي البيئة, وتلعب الجهات غير الحكومية كالجمعيات الأهلية, الشركات, الاتحادات المهنية, والفنية دورا ملحوظا في عملية التقييم من جانب اهتمام بعضها بحماية البيئة كما يتصل بهذه العملية الشركات المتاخمة أو المملوكة للمشروع بل والشركات المنافسة والاتحادات المختلفة. أما الأجهزة الإدارية المختصة فذات صلة مباشرة بعمليات تقييم الأثر البيئية من جانب الإسهام في إجراءات هذا التقييم بما هو متاح لديها من بيانات وخبرات بشرية وأجهزة علمية وقياسية, ومن جانب مراجعة دراسة الجدوي البيئية اذا تطلب القانون الحصول علي اجازة الجهاز المعني بشئون البيئة لهذه الدراسة, وهكذا يتبلور النسق التنظيمي لتقييم الآثار البيئية من جانب الإسهام في إجراءات التقييم وفيما تضطلع به هذه الجهات من مهام في عملية التقييم وفيما تعقده بينها من أوجه الاتصال لتشكل الاتساق البيئي الواجب بينها جميعا. وأهم ما تجنيه البيئة من تقييم آثارها أنه أداة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة بما يحققه من تنمية تعود علي الأجيال الحالية ولا تفتئت علي الأجيال المقبلة واستمرار هذا التواصل بين الأجيال في بيئة سليمة متجددة, الأمر الذي يبدو معه لزوم تقييم الآثار البيئية للدول النامية لزومه للدول المتقدمة.