لا أدري لما كل هذه الجلبة والمكلمة التي صاحبت جولة السيد المشير في ميدان التحرير وبعض الشوارع المحيطة به بملابسه المدنية وبدون حراسة. التقطت برامج التوك شو الخبر وكأنها لم تكن تجد ما تذيعه او تناقشه في هذه الليلة واطالت ومطت في مناقشة الجولة وكأن الرجل لم ينزل الي التحرير او الشارع من قبل!! ومناقشة هذه البرامج الهدامة لما حدث ومن هذه الزوايا المشبوهة يعطينا انطباعا بأنه كان يجب ان يحصل السيد المشير علي تصريح من معدى ومقدمى هذه البرامج قبل ان يقوم بهذه الجولة وان يعلمهم مسبقا بعدد الخطوات التي سيمشيها في هذا الشارع بالضبط, وطالما انه لن يرتدي بدلته العسكرية فكان لابد ايضا ان يختاروا له موديل البدلة وكذلك لونها, من باب دس الانوف في كل شئ بغض النظر عن فائدته. المشكلة ان الجولة كانت عفويه ولا تتحمل اية اجتهادات من اى مغرض. وهل تتذكرون جولات المخلوع, وكم كنا نتندر على طريقة اخراجها الفجة حتى تبدو عفوية, ولهذا فان عقلية هؤلاء الاعلاميين والمعدين والمعلقين بعد تسعة اشهر من الثورة لم تستوعب ان جولة السيد المشير عفوية فعلا بعد ان مللنا تمثيل العفوية لمدة ثلاثين عاما. ........... وتذكرت فترة ما قبل الاستفتاء علي التعديلات الدستورية الاخيرة بعد الثورة وقد استضافت احدي مقدمات بوتيك من بوتيكات التوك شو لأستاذ قانون دستوري والله العظيم لمناقشة التعديلات وجاء عند مادة من المواد التي لم يطالها التعديل وبمنتهى الثقة قال ان تعديلها سئ ولا يصلح, ولسوء حظهم جميعا ان المكالمات التليفونية كانت مفتوحة, فاتصل احد المتابعين واوضح لهم جميعا ان هذه المادة لم يتم تعديلها.. فهم وضيوفهم لا يحترمون المشاهد. ........... تعلمنا من محاضرات الاذاعة في كلية الاعلام ان الميكروفون يسمونه في الدول المتقدمة "الطاغية" لان مايخرج من خلاله لايمكن استعادته, فكلمته مثل طلقة المسدس .... لاتعود. وفي بحث اجتماعى اجرته هيئة الاذاعة البريطانية منذ عدة سنوات حول اسباب تمسك الشعب الانجليزى بعاداته وتقاليده بهذه القوة عبر مئات السنين ... خلصوا الي ان السبب الاساسى يعود الى مايقوم به ويقدمه الاعلام البريطانى من صحاافة واذاعة وتليفزيون من مضامين تدفع فى هذا الاتجاه من اجل سلامة المجتمع. السبق لايعنى الهدم ... ولم يكلف احد من هؤلاء نفسه و يذهب بكاميرته الى احد المصانع التى تعمل بكامل طاقتها ليعطى النموذج اللامع للعامل المصرى الذى يسهم فعلا فى بناء مصر ما بعد الثورة ولم يكلف احد من هؤلاء نفسه و يذهب بكاميرته الى احد مزارع الشباب ليعطى النموذج المنير للشباب الذى يروى ارض مصر بعرقه. بدلا من استضافة المنظرين اللذين مللناهم بعد ان ملأت فلوس هذه الفضائيات جيوبهم مقابل الظهور على هذه الشاشات. أغلب هذه الفضائيات لاتتعامل الا مع المشكلات التى هي في جزء كبير منها صنيعة فلول الحزب المسمى ب "الوطنى" وياليتها تتعامل معها فقط بل تذكى نيرانها بشتى الطرق من اجل خراب هذا البلد. ولم يكلف احد من هؤلاء نفسه و يذهب بكاميرته الى احد منازل شهداء الشرطة الذين يتساقطون كل يوم والمنظرين امام الكاميرات بكامل بهائهم ويلوكون في كلام اشبه بالخناجر المسمومة التى تنفذ الى ظهر الوطن و قلوب ضحاياهم من البسطاء. اغلب هذه القنوات مهمتها الاولى الان هي التشكيك فى كل ما هو رسمى من المجلس الأعلى للقوات المسلحة او الحكومة ... واختصارا للكلام فهى لا ينطبق على اغلبها الا قول جورج برنارد شو: أقسى عقوبة للكاذب لا تكمن في ألا يصدقه أحد، بل في أنه لا يستطيع أن يصدق أحدا"" المزيد من مقالات عطيه ابو زيد