جولة المشير.. طبيعية بقلم : وجدى زين الدين منذ 8 ساعة 10 دقيقة ماذا تعنى جولة المشير محمد حسين طنطاوى فى الشارع؟.. وماذا يعنى ارتداء المشير الزى المدنى وتحركه بدون حراسة بين الجماهير فى شوارع القاهرة؟!.. هل يعنى ذلك رغبة المشير فى الترشح لانتخابات الرئاسة؟!.. هل يعنى ذلك رغبة المؤسسة العسكرية فى الاستمرار فى الحكم، والتخلى عن الوعود القاطعة والصريحة بتسليم البلاد إلى سلطة مدنية منتخبة؟!.. وماذا تعنى جولة المشير في هذا التوقيت رغم صدور قوانين اجراء الانتخابات البرلمانية وتحديد موعدها وفتح باب الترشح؟!.. هل جولة المشير لها علاقة بما يجرى الآن من صراع شديد بين القوى السياسية ورفض مراسيم القوانين المنظمة للعملية الانتخابية. ولدىَّ قناعات أن جولة المشير فى الشارع لا علاقة لها علي الاطلاق بتمسك المؤسسة العسكرية بالحكم، وقيام المشير بارتداء الزى المدنى والتجول بين الناس، لا يعنى أبداً أن المشير لديه قناعات بالترشح للرئاسة، ولدى قناعات أكثر أن المجلس العسكرى لن يتخلى عن وعوده التى قطعها علي نفسه أكثر من مرة بتسليم البلاد إلى سلطة مدنية منتخبة.. فالمشير حسين طنطاوى الذى تعودنا منه على التزام الصمت وعدم الخوض فى إدلاء تصريحات أو خلافه، بحكم أنه رئيس المجلس العسكرى الحاكم بالبلاد، يقوم بأعمال وأفعال وليست هذه هى المرة الأولى التى يتجول فيها فى شوارع القاهرة وبدون حراسة.. فقد تكرر هذا المشهد ثلاث مرات أبرزها ليلة عيد الفطر المبارك عندما قام بتهنئة الجنود والضباط القابعين والمرابطين فى ميدان التحرير. الذى زاد فى جولة المشير هو قيام الفضائيات ببث الجولة فى الشوارع، وانبرى المحللون وخلافه فى اجراء التفسيرات المختلفة حول ارتداء المشير الزى المدنى وعلاقة ذلك باستمرار المؤسسة العسكرية فى الحكم.. بل إن هناك محللين بطبعهم يميلون الى تفسيرات متطرفة جزموا فيها بتمسك المجلس العسكرى بالحكم.. والدليل هو جولة المشير.. وهذا مخالف للحقيقة لأسباب كثيرة ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر انه من حق رئيس المجلس الحاكم ان يتحرك بين جماهير مصر يسمع منهم ويشاركهم فى مناسباتهم، وليس من المقبول على من يتولى مقاليد الحكم فى البلاد أن ينعزل عن البشر ويقبع خلف جدران القصور والحصون.. ومن هذا المنطق كانت زيارة المشير لشوارع وسط البلد. ثم إن الفرص كانت متاحة كثيراً أمام المؤسسة العسكرية منذ اندلاع الثورة للسطو على الحكم ولم يحدث ذلك، بل ان المجلس العسكرى حدد مواعيد ثابتة من البداية لنقل السلطة وحتى هذه اللحظة يقوم بمراحلها وكانت البداية فى الاستفتاء ثم أخيراً مراسيم قوانين اجراء الانتخابات البرلمانية وفتح باب الترشح وبعدها تأتى انتخابات الرئاسة.. ولو أن المؤسسة العسكرية لديها العزم علي الاستمرار فى السلطة، ما قطعت على نفسها العهود والوعود بتسليم البلاد الى السلطة المدنية المنتخبة التى يرعى المجلس العسكرى حالياً خطوات تنفيذها على أرض الواقع. أما الذين انبروا بتحليل جولة المشير بأنها رغبة منه فى الترشح للرئاسة أو استمرار المؤسسة العسكرية فى الحكم، فهذا فيه تجاوز وتطرف لتفسير الزيارة نفسها.. صحيح انها زيارة ليست عفوية لكنها فى واقع الأمر من وجهة نظرى طبيعية جداً بحكم أن المشير هو رئيس المجلس الحاكم حالياً، بمعنى أنه هو الحاكم الفعلى الآن.. ولاننا تعودنا على مدار عقود طويلة ألا نرى الحاكم يتجول فى الأسواق ويلتقى مع شعبه، ويتحصن خلف القصور والأبراج ذهب البعض منا الى تفسيرات فيها شطط حول الزيارة الطبيعية التى قام بها المشير فى الشوارع والتى ليست الأولى من نوعها.. الجديد فيها ان الفضائيات نقلتها على الهواء. جولة المشير الطبيعية حدث لم نتعوده منذ عشرات السنين، وليس معناها تمسك المؤسسة العسكرية بالحكم.. والذى سيسكت كل التفسيرات المتجاوزة لتحليل الجولة هو خروج المشير عن صمته رغم أننى أرى أن الجولة نفسها أكبر دليل على الخروج من الصمت.. ولا أعتقد أبداً ان المجلس العسكرى سيعطل عملية نقل السلطة..