جاء في مقال الروائي الكبير الاستاذ/ يوسف القعيد المعنون (وزارة الثقافة والتراث) المنشور بالاهرام يوم 12 سبتمبر الحالي بعض الآراء التي تنتهي إلي ضرورة إعادة دمج الآثار مع الثقافة في إطار وزارة الثقافة مع تغيير بعض الملابسات التي تواترت حتي الآن. ومن باب الأمانة أرجو أن يسمح لي الكاتب الكبير أن أختلف معه في كثير مما أورده في هذا المقال حيث ذكر أن 75% من آثار العالم بمصر, والحقيقة أن هذا الكلام يصح أن ينطبق علي الصين وعلي العراق وعلي اليونان وعلي الأناضول لأن العبرة في تقييم حضارات الشعوب التي هي إرث إنساني بما قدمته للعالم من إضافة وليست بالكم. وإني لأتساءل.. ماهي علاقة الآثار بالمسرح أوالسينما أوالثقافة الجماهيرية حتي تجتمع هذه الإدارات المتباينة معا؟.. ثم ألا يتفق معي في ان الثقافة جزء من الآثار وليس العكس حيث يمكن تتبع ثقافة شعب في فترة ما واعتبارها جزءا من الإرث القومي لهذه الشعب وليس العكس. إن التجربة التي استمرت حقبا من الزمن سواء بوجود الآثار ضمن الثقافة أو باستجلاب بعض الأكاديميين من الجامعة لإدارتها جلبت الكوارث علي الآثار سواء من ناحية سوء الإدارة واستنزاف الموارد أو مشاريع الترميم المتخبطة.. وعليه فلترفع كل من وزارة الثقافة والجامعة يدها عن الآثار ولينصرف كل لماأنشيء من أجله. فلا ينبغي أن تنسينا الموارد المادية ضرورة الانتباه إلي عظم قدر الحضارة الإنسانية التي تعاقبت علي أرض مصر في كل عصورها سواء المصرية القديمة أو اليونانية أو الرومانية أو القبطية والإسلامية بكل مراحلها. أن البعد المادي في الزواج الباطل بين الآثار والثقافة لا تخفي علي العيان وينبغي الفصل التام بينهما حفاظا علي الآثار, ويمكن لوزارة الثقافة أن تبحث عن موارد بإنتاج ثقافة جيدة تدر دخلا سواء سينما أو مسرح أو ثقافة جماهيرية بدلا من إنتاج هابط رديء أو تحصل علي موارد سيادية من مجلس الوزراء, وكذلك يمكن أن يصب الفائض من الآثار في ميزانية الدولة لتدعيم كافة الانشطة بما فيها الثقافة عن طريق غير مباشر.إن الفصل التشريعي بين الثقافة والآثار, ينبغي أن ينظر إليه كضرورة لتعديل تشويه قائم لايصب في مصلحة الآثار وهي أغلي ما نملك حيث إن الإرث الأثري والحضاري المصري هو ما تزهو به مصر وتتميز به عن غيرها من الدول, كما أن تطوير المسرح أو السينما أو الثقافة الجماهيرية والمسرح التجريبي وغيره يجب أن ينظر إليه بمنظور مختلف تماما عما ينظر إلي الحفاظ علي تراثنا وآثارنا التي تنفرد ولا تعوض. وسواء كانت منظومة الآثار تلتئم في وزارة أو هيئة مستقلة فإنه ينبغي أن يخضع لإدارتها كل ما هو في حكم الإرث الحضاري لهذا الوطن, ولينتهي إلي الأبد بعثرة المتاحف فمنها ما يتبع وزارة الري (كالمتحف الأثنوغرافي) أو وزارة الزراعة كالمتحف الزراعي بل يجب أن تنضوي جميعها بما فيها المخطوطات القديمة التابعة حاليا لوزارة الاوقاف أو الأزهر أو المحاكم الشرعية, وأن تتبع جميعها المجلس الأعلي للآثار أو هيئة الآثار أو وزارة الآثار لكن بعيدا عن الجامعة ووزارة الثقافة..