كتب: د. قدري سعيلأسباب كثيرة غير عادية, تحولت زيارة السيد رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا, من حدث تقليدي عادي إلي حدث إقليمي واسع وربما أيضا دولي يحاول الجميع استخراج معاني مختلفة حوله ونتائج له علي المستويين السياسي والأمني. فخلال العشر سنوات الماضية, ومع تبوء حزب العدالة والتنمية مسئولية الحكم في تركيا, تغيرت الكثير من السياسات التركية علي المستويين الإقليمي والدولي, وأصبحت تركيا نموذجا معترفا به يحاول البعض تقليده تحت اسم' النموذج التركي' الذي برز في إطار يتبني سياسات وسطية مؤمنة بالحداثة والعولمة والاقتصاد الحر مع حرص علي بناء علاقات إقليمية فعالة مع الجيران القريبين والبعيدين, بالإضافة إلي تبنيها لدور نشط في حل المنازعات ودعم الاستقرار الإقليمي والدولي. وخلال هذه السنوات نجحت تركيا في ترميم وإصلاح علاقاتها مع سوريا, كما ساهمت بقدر الإمكان في محاولات لحل النزاع النووي بين إيران من جهة والدول الغربية وإسرائيل من جهة أخري. ثم حاولت مؤخرا أن يكون لها دور في حل النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني فوقفت بحزم بجانب الفلسطينيين وأهل غزة إلي أن وصلت مؤخرا إلي حد تخفيض مستوي علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل وسحب سفيرها من هناك. وقد تردد أن أردوغان سوف يلقي خطابا في ميدان التحرير أثناء زيارته لمصر, لكن يبدو أنه تقرر إلغاؤها وتركيز المحادثات في مجالات التعاون الاقتصادي والعسكري. من المعلوم أن علاقات تركيا وإسرائيل العسكرية كانت تفوق علاقاتها مع باقي الدول العربية. فكثير من الأسلحة الإسرائيلية قد تم بيعها إلي تركيا, كما تميزت العلاقة العسكرية بين البلدين في مجالات التدريب المشترك البحري والبري والجوي. ولاشك أن تركيا بوصفها عضوا في حلف الناتو, وعلي علاقة وثيقة بالولايات المتحدة, كانت تشارك إسرائيل في تبادل كثير من المعلومات الأمنية. وفيما يتصل بعلاقة مصر وتركيا السياسية والعسكرية فقد تطورت بشكل واضح خلال السنوات العشر الماضية. فقد قامت مصر بدور بارز في دعم العلاقات التركية-السورية بعد طول تشاحن بين الدولتين وحل المشاكل الحدودية بينهما. كما ساهمت أطقم القوات المسلحة المصرية الطبية والفنية بتقديم الدعم للشعب التركي بعد تعرضه لزلزال عنيف في.1999 وفي2005 وقعت مصر وتركيا علي معاهدة للتبادل التجاري, كما ساهمت الدولتان مع باقي الدول الأعضاء في إقامة الاتحاد من أجل المتوسط. وفي16 إبريل2008 وقعت الدولتان علي مذكرة تفاهم لتطوير العلاقات العسكرية وتوسيع مجالات التعاون بينهما في هذا المجال. ولم يتوقف التعاون العسكري بين مصر وتركيا بل امتد إلي عدد من الدول العربية الأخري مثل الكويت والمملكة العربية السعودية وسوريا والأردن. ولاشك أن التناغم المصري-التركي في مجالات التعاون المختلفة قد يقلق إسرائيل, فالعلاقات المصرية-التركية إذا نمت بمعدلات عالية سوف يكون لها تأثير أوسع بكثير علي المستويين العربي والشرق أوسطي.