تسريبات : شعبة المخابرات السورية (الفرع 227) اعتقلت قيادي بالحرس الثوري الإيراني قبل سقوط بشار ( وثيقة + تحليل )

كشفت وثيقة مسربة عن تفاصيل اعتقال مخابرات نظام الأسد المخلوع في سوريا شخصية بارزة في صفوف الحرس الثوري الإيراني، مما يسلط الضوء على التصدع العميق الذي طرأ على العلاقات بين النظام السوري السابق وطهران في الفترة التي سبقت سقوطه. وتكشف الوثيقة عن اعتقال جواد حشمتي، وهو أحد القادة البارزين في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، بالإضافة إلى زوجته، وذلك على يد جهاز المخابرات التابع للنظام السابق. وتشير المعلومات الواردة في الوثيقة التي وصفت بأنها 'سرية للغاية'، والتي تم إرسالها من شعبة المخابرات السورية (الفرع 227)، إلى أن عملية الاعتقال تمت قبل حوالي أربعين يومًا من سقوط نظام بشار الأسد. وقد وجهت إلى حشمتي وزوجته تهم تتعلق بتهريب أسلحة إلى الأراضي الفلسطينية.
وثيقة الاستخبارات السوريةوثيقة شعبة المخابرات السورية (الفرع 227)
دلالات الوثيقة على العلاقات المتوترة:
وتعتبر هذه الوثيقة المسربة بمثابة دليل قاطع على حجم التوتر الكبير الذي وصل إليه مستوى العلاقة التي كانت توصف ب 'الاستراتيجية' بين النظام السوري البائد وطهران في الأيام القليلة التي سبقت انهيار هذا النظام. ويكشف هذا الاعتقال عن وجود خلافات عميقة وعدم ثقة متبادلة بين الطرفين في تلك الفترة الحرجة.
أهمية الوثيقة وتأثيرها المحتمل:
وتكتسب هذه الوثيقة أهمية خاصة كونها صادرة عن جهاز مخابراتي رفيع المستوى في النظام السوري السابق، مما يضفي عليها مصداقية كبيرة. كما أنها تلقي الضوء على جوانب خفية من العلاقات الإقليمية المعقدة في تلك الفترة، وتفتح الباب أمام مزيد من التساؤلات حول طبيعة هذه العلاقات والتطورات التي أدت إلى هذا الشرخ. ومن المرجح أن تثير هذه الوثيقة نقاشًا واسعًا بين المحللين والباحثين المتخصصين في الشأن السوري والإقليمي.جواد حشمتي: قيادي بارز في فيلق القدس وتورطه في عمليات تهريب الأسلحة
تُظهر الوثيقة المسربة التي حصل عليها موقع 'تلفزيون سوريا' معلومات تفصيلية حول هوية جواد حشمتي ودوره القيادي في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. ووفقًا للوثيقة، تم تقديم حشمتي بصفته أحد قادة الوحدة 18840 التابعة للحرس الثوري الإيراني، وهي وحدة تابعة بشكل مباشر للوحدة 840 الأكثر سرية داخل فيلق القدس. وتكشف المصادر المتاحة أن الوحدة 18840 كانت في السابق تحت قيادة 'هدايت حسيني فر'، الذي تشير التقارير إلى نقله في أواخر عام 2020 إلى القاعدة 840 في سوريا، حيث استقر هناك برفقة زوجته وأطفاله الثلاثة.
الوحدة 840: العمليات السرية لفيلق القدس واستهداف إسرائيل والغرب:
وتعمل الوحدة 18840 تحت القيادة المباشرة للوحدة 840، وهي وحدة عمليات سرية تابعة لفيلق القدس، الذراع الخارجي للحرس الثوري الإيراني. وتُعرف الوحدة 840 بتخصصها في تنفيذ عمليات اغتيال دقيقة ضد أهداف إسرائيلية وغربية تعتبرها إيران معادية لها. ولدى هذه الوحدة سجل طويل في تنفيذ عمليات استخباراتية وعسكرية معقدة تستهدف شخصيات ومواقع محددة في سياق الصراع الإقليمي والدولي.
وفي يناير 2021، نشر موقع إسرائيلي مقطع فيديو يزعم أنه يوثق عملية سرية نفذها جهاز استخبارات غربي داخل دمشق، مؤكدًا أن العملية استهدفت مقرًا تابعًا للوحدة 840 التابعة لفيلق القدس. ووفقًا لتقرير نشره موقع 'إنتلي تايمز' الإسرائيلي، وقعت العملية في شقة تقع داخل مبنى سكني في حي كفر سوسة بدمشق، وهو حي يتمتع بحساسية أمنية كبيرة لقربه من السفارة الإيرانية (حوالي 500 متر) والقصر الرئاسي (حوالي 3 كيلومترات).
وثيقة الاستخبارات السورية
وقد كشفت مصادر إيرانية في سنوات سابقة عن تأسيس الوحدة 840، مشيرة إلى أن 'مهمة هذه الوحدة التي يرأسها يزدان مير المعروف باسم سردار باقري، هي تخطيط وتنفيذ هجمات إرهابية خارج إيران وضد أهداف غربية وأعضاء المعارضة الإيرانية'.
تورط حشمتي في تهريب الأسلحة وتعاون مع قيادات بارزة:
وبحسب الوثيقة المسربة، فإن جواد حشمتي كان متورطًا بشكل مباشر في عمليات تهريب الأسلحة، حيث كان يتعاون في هذه الأنشطة مع محمد رضا أنصاري. ويُعرف أنصاري بأنه أحد قادة الحرس الثوري الإيراني المتواجدين في سوريا، وقد شغل سابقًا منصب رئيس الوحدة 840. ويجدر بالذكر أن الولايات المتحدة وبريطانيا قد فرضتا عقوبات على أنصاري في وقت سابق، وذلك لاتهامه بالتورط في محاولة اغتيال جون بولتون، مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وتشير الوثيقة أيضًا إلى أن حشمتي كان على تعاون مباشر مع العميد جواد غفاري، الذي يعتبر من أبرز الشخصيات في فيلق القدس. ويشغل غفاري منصب رئيس الوحدة 4000 والنائب الخاص لجهاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني. وقد اكتسب غفاري سمعة سيئة ولقب 'جزار حلب' بسبب دوره في الجرائم التي ارتُكبت ضد الشعب السوري خلال سنوات الثورة. بالإضافة إلى دوره العسكري، كشفت مصادر إيرانية أن غفاري كان متورطًا في عمليات تهريب البنزين من إيران إلى سوريا عبر العراق، وهي أنشطة استمرت لسنوات بهدف تحقيق مكاسب شخصية.
تركيز فيلق القدس على نقل الأسلحة إلى لبنان وغزة والضفة الغربية:
وتشير تقارير إيرانية إلى أن جميع وحدات فيلق القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني قد كثفت جهودها خلال العام ونصف العام الماضيين على نقل الأسلحة إلى مناطق نفوذها في المنطقة، وعلى رأسها لبنان وقطاع غزة، وحتى الضفة الغربية. وتعتبر هذه العمليات جزءًا من استراتيجية إيران المستمرة لتعزيز نفوذها العسكري والسياسي في المنطقة، وتأكيد التزامها بتوسيع دائرة نفوذها في الشرق الأوسط بشكل يتجاوز حدود سوريا.
مصير جواد حشمتي:
لا تقدم الوثيقة المسربة معلومات محددة حول مصير جواد حشمتي بعد اعتقاله من قبل مخابرات النظام السوري السابق. ويبقى مصيره غير واضح في الوقت الحالي، خاصة مع التغيرات الكبيرة التي شهدتها سوريا منذ ذلك الوقت. ومن الممكن أن يكون قد تم الإفراج عنه لاحقًا، أو أنه لا يزال قيد الاحتجاز، أو ربما لقي مصيرًا آخر لم يتم الكشف عنه حتى الآن. وتعتبر هذه القضية مثالًا على التعقيدات والتداخلات في العلاقات بين الأطراف الإقليمية والدولية المتورطة في الصراع السوري.