التحق بالإذاعة وعمره 17 عامًا ولقب بالكروان.. محطات في حياة الشيخ أبو العينين شعيشع

صوت اجتمعت فيه كل مقومات الجمال، صاحب أداء غير عادي في قراءة القرآن الكريم، قادرًا على تصوير معاني الآيات بأسلوب نغمي بديع لا نظير له، لدرجة أن بعض الموسيقيين اعتبروه مدرسة أبيّة على التقليد، إنه الشيخ الكبير والقارئ العملاق أبو العينين شعيشع.
ولد الشيخ أبو العينين في 22 أغسطس من عام 1922 في مدينة بيلا، بمحافظة كفر الشيخ، ترتيبه الثاني عشر بين إخوته.
اقرأ أيضا ب "الروب".. صورة نادرة للقارئ الشيخ أبو العينين شعيشع
التحق بكتاب قريته، وأتم حفظ القرآن الكريم كاملا وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره، ذاع صيته بين القرى المجاورة لعذوبة صوته وحلاوة أدائه ولقبوه بالطفل النابغة، بعد مشاركته التلاوة في حفل أُقيم بمدينة المنصورة عام 1936 وكان وقتها لم يتجاوز ال 14 عاما.
في نهاية الثلاثينات أرادت الإذاعة المصرية إصلاح التسجيلات التالفة للشيخ محمد رفعت، فلم تجد أفضل من الشيخ أبو العينين شعيشع، وبالفعل التحق الشيخ أبو العينين شعيشع بالإذاعة المصرية عام 1939 وكان عمره لا يتجاوز وقتها 17 عاما، وبرغم حداثة سنه إلا أنه استطاع أن يحفر اسمه بين كبار القراء، وكان أول قارئا مصريا يقرأ القرآن الكريم في المسجد الأقصى المبارك.
رغم تأثر الشيخ أبو العينين شعيشع بقيثارة السماء الشيخ محمد رفعت، إلا أنه كون لنفسه مدرسة خاصة به، ساعده على ذلك صوته الرخيم وذكائه الفريد، ونغماته المتفردة التي حيرت الموسيقيين قبل الجمهور.
استعانت السينما المصرية بصوت الشيخ أبو العينين شعيشع في العديد من الأفلام، نظرا لقدرته على التصوير النغمي وهو فن لا يجيده إلا قارئ متمكن وعبقري، ومن هذه الأفلام آمنت بالله لمحمود المليجي وإسماعيل يس ومديحة يسري عام 1952.
وشارك القارئ أبو العينين شعيشع أيضا في العديد من الأفلام منها: النائب العام، المرأة، وبلد المحبوب.
وفي آخر حوار للشيخ أبو العينين شعيشع، روى الكثير عن حياته وحبه للقرآن الكريم، قائلا: "عندما كنت طفلا عمري 5 سنوات، كنت أحب الاستماع إلى القرآن الكريم، ولم تكن هناك تسجيلات منتشرة، بل إن الإذاعة لم تكن أنشأت في ذلك الوقت، فكنت أبحث عن أماكن إقامة سرادقات العزاء وأحاول الدخول لاستمع إلى القراء وكثيرا ما كان أصحاب العزاء يطردونني لصغر سني، وبرغم ذلك كنت أقف بالقرب من السرادق حتى أستمع القراء".
ولفت الشيخ أبو العينين شعيشع، أن هذا الأمر الذي واظب عليه منذ الصغر، من الإصغاء إلى القراء في مناسبات العزاء، كوّن لديه حصيلة نغمية كبيرة، كان لها عظيم الأثر في مسيرة حياته وكانت سببا في تفوقه على كثير من القراء الأكبر سنا منه.
تم اختيار الشيخ أبو العينين عام 1969 قارئا لمسجد عمر مكرم، وناضل الشيخ في بداية السبعينات كثيرا لإنشاء نقابة القراء وبالفعل نجح مع زملائه القراء في تأسيس النقابة، وعُيّن الشيخ عبدالباسط عبدالصمد نقيبا، وبعد وفاته تم ترشيح الشيخ "شعيشع" بإجماع القراء عام 1988 وظل نقيبا لها حتى وفاته، وفي عام 1992 عُيّن قارئا لمسجد السيدة زينب رضي الله عنها.
حصل الشيخ أبو العينين شعيشع على العديد من التكريمات والأوسمة، منها وسام الاستحقاق من سوريا وفلسطين، وسام الرافدين من العراق، كما حصل على العديد من الأوسمة من تركيا والصومال وباكستان والإمارات العربية المتحدة، وبعض الدول الإسلامية.
عُيّن الشيخ "شعيشع" عميدًا للمعهد الدولي لتحفيظ القرآن الكريم، وعضوا بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، كما عُيّن عضوا للجنة اختبار القراء بالإذاعة والتليفزيون، وعضوا باللجنة العليا للقرآن الكريم بوزارة الأوقاف، وعضوا بلجنة عمارة المساجد بالقاهرة.
عُرف عن الشيخ أبو العينين شعيشع جرأته وشجاعته في اختيار الأصوات المتقدمة للإذاعة المصرية، فكان لا يأخذ بالوساطة والمحسوبية ورفض كثيرا من القراء المشهورين، لا لشئ إلا ابتغاء وجه الله -عز وجل-، حيث كان يعتبر هذا الأمر أمانة سوف يسأله الله عنها يوم القيامة ويحاسبه عليها، وبالرغم من ذلك كشفت مصادر مقربة من الشيخ أن أحد القراء المشهورين تقدم للإذاعة أكثر من مرة وفي كل مرة كان يرفضه الشيخ أبو العينين، ونظرا لشهرة هذا القارئ الكبيرة ونفوذه، استطاع أن يدخل الإذاعة من خلال اتصال تليفوني برئيس الإذاعة وقتها من أحد رؤساء الوزراء السابقين، لكن إرادة الله حالت دون بقاء هذا القارئ طويلا حتى اتخذت الإذاعة قرارها بفصله نظرا لسوء أدائه وعدم انضباطه النغمي، وجاء هذا القرار بعد وفاة الشيخ أبو العينين بما يقرب من 7 سنوات، وكأنها رسالة من الله!.
وفاة الشيخ أبو العينين شعيشع
وفي 23 يونيو عام 2011، توفى الشيخ أبو العينين شعيشع عن عمر ناهز 89 عاما بعد رحلة طويلة قضاها في تلاوة كتاب الله، ودُفن في المقابر المُجاورة لكلية البنات بجامعة الأزهر بالقاهرة، وصُلى عليه صلاة الغائب في مسقط رأسه بمسجد "أبو غنام"، بمدينة بيلا، وعدد من مساجد المدينة.