كنت أنوي أن أتحدث عن القهوة عندما لمحت في عيني الرجل كرتي ملح ونبتة قرنفل، اسمعي يا بنتُ: أنا لا أخاف الحزن. أنا لا أخاف الحزن... أنا.. أنا أكذب.. أنا والرجل كانت لكلٍ منا نسخة قلبٍ وحيدة والضباب يشبِك ما بين أصابعنا كمسخ كافكا رغم ذلك كانت الذكري تمر بين وجهينا كوجعٍ بنيٍ وتسيل. الرجل كان يشبه الأفلام بشيبه الدخاني وكوفيته العارفة بكل شيءٍ وأنا أدور حول مقعده كقطةٍ أعد تجاعيده وأزرار قميصه وأركل الورقات الصفر حول الدكة. أتعشم في صوتٍ حادٍ، صرخة إبرةٍ، نزيف، يووه، حتي دقات حذائي يطمسها الرصيف أنا أكرهه... في صباحٍ مضببٍ كهذا كنت سأنسي أرق البارحة وقسوة الولد وأنقط لأول مرةٍ دموعاً زرقاء، أعلق فيها الحزن من أطرافه وأرسل للموسيقي عتاباً خفيفاً لكنني في هذا الصباح كنت أنا أيضاً أكذب.