في الندوة التي نظمتها دار العين للنشر لمناقشة كتاب "قضايا الشيوعية المصرية 1955-1957" للمفكر الكبير سمير أمين، وأدارها الكاتب والمحلل السياسي نبيل عبد الفتاح، قال د. جلال أمين إن هذا الكتاب الذي تعود أحداثه إلي 60 عاما مضت يمتلك إشارات قوية وواضحة لما يجري في مصر والمنطقة العربية الآن، مضيفاً:" استفدت من خلال قراءة كتب الماركسية والشيوعية وكتب سمير أمين في فهم أهمية العوامل الاقتصادية والنظر إلي ثورات الربيع العربي من منظور اقتصادي بجانب المنظور الاجتماعي والسياسي، فالامر ليس مجرد تولي رئيس للسلطة أو تركها، لكن هناك مسائل أعمق من ذلك بكثير وربطها بما يجري الآن ". جلال أمين تابع:" عندما نقرأ عن جماعة داعش وتأثرها بالفكر الوهابي، فالمسألة ليست بهذه البساطة، إذن لابد من وجود أهداف أخري ، لكن لو نظرنا لما يحدث في المنطقة كجزء لما يحدث في العالم ككل، يتضح لنا أن الربيع العربي ليس عربياً. أمين أوضح: "لو نظرنا لما حدث في ثورات أوروبا الشرقية من حوالي ربع قرن، فقد قدمت لنا علي أنها انتصار للديمقراطية، لأن الجماهير كانت تنادي بالديمقراطية، لكن القوة الدافعة والنتيجة الحاسمة ليست الديمقراطية ، بدليل لو نظرنا الي دول أوربا الشرقية الآن، هل حققوا الديمقراطية التي كانوا يأملونها؟ وبرغم تأييد الدول الغربية لهذه الثورات، إلا أن الغرب كثيرا ما تجاهل الديمقراطية لصالح نظام السوق. وبالنظر للمنطقة العربية بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات، نلاحظ أننا لم نحصل علي ديمقراطية أكثر ، ولدي شكوك في حصولنا علي مزيد منها،، ليس في مصر فقط، بل في العراق وتونس وليبيا وسوريا، وأعتقد أن الوضع لا يبشر بمزيد من الديمقراطية، خصوصا أن القوة الخارجية بصفة عامة والتي أيدت ما يسمي بالربيع العربي ، كانت تؤيد نظام مبارك لمدة 30 سنة رغم إنه كان نظاما غير ديمقراطي. من جانبه، قال د .سمير أمين إن الكتاب يتضمن وثائق ذات أهمية، ويضم قراءتي لتاريخ مصر في الفترة الحاسمة ما بين 52 حتي 57 ، وللمرحلة الأولي للناصرية قبل ان تتبلور في شكلها الأخير ، مستعرضاً بشكل أوسع من الناحية الجغرافية والتاريخية الحركة الاشتراكية علي صعيد عالمي خلال ما يقرب من حوالي قرن ونصف. و أضاف:" نحن الآن في 2014 وهو عام تختلف ظروفه تماما عن الفترة الناصرية، ولذلك كنت أري أن المقارنة تحتوي علي خطر كبير، والسبب يرجع إلي تغير الأوضاع سواء عالميا أو اقليميا، وأشار إلي العولمة باعتبارها قديمة قدم تاريخ الإنسانية، لكن العولمة الحديثة دخلت في مرحلة جديدة، فالتغيير حصل في مرحلة قصيرة جدا ما بين 1975 وحتي عام 1990، تغيير في درجة تمركز السيطرة علي رأس المال الاحتكارية . فيما قال حلمي شعراوي إن هذا الكتاب الذي نناقشه اليوم هو الكتاب الرابع ضمن السلسلة التي كتبها سمير أمين عن ثورة مصر ، فقد صدر له الكتاب الأول في باريس عام 63 "مصر الشيوعية و الناصرية " باسم مستعار وهو "حسن رياض "، وذلك نتيجة اضطهاد الحركة الشيوعية في مصر ، وتم ترجمته من قبل المخابرات العامة المصرية ، وكانت الترجمة سيئة جداً، لكن كان هذا هو التقليد السائد في ذلك الوقت ، حيث تُترجم الكتب الصادرة في الخارج ويتم عرضها علي جمال عبد الناصر ، لأنه كان يقرأ الكثير من الكتب المترجمة لاهتمامه بالشيوعية.كما صدر الكتاب الثاني عن ثورة مصر وفيه يعرض تحليلا اجتماعيا عن الأوضاع الاجتماعية والحركات الثورية ومشكلات التمرد علي النظام السابق،أما الكتاب الثالث صدر بعد 30 يونيو تحت "عنوان ثورة مصر بعد 30 يونيو" واستعرض فيه الوضع الاجتماعي والاستقلالية وامكانيات التقدم والصعوبات وسيطرة الطبقات الاجتماعية القائمة علي الوضع داخل المجتمع المصري، وكان له بصمة واضحة في تحليل طبقات المجتمع . شعراوي أضاف أن سمير أمين يتابع في هذا الكتاب خلافات الحركة اليسارية والشيوعية في مصر حتي الآن، فهناك ثلاث وثائق اساسية احتواها نشرت ما بين عام 55 ،و56، ويعتبر سمير من مفكري حركة الراية التي ظهرت خلال تلك الفترة مع المفكر والكاتب فؤاد مرسي وتم إعداد وثيقة له صدرت باللغة العربية ثم ترجمت للغة الفرنسية، وتعتبر هذه الوثيقة معبرة عن ثلاث سنوات لتحليل الشخصية المصرية . الندوة عقدت الندوة بدار العين بوسط البلد، حضرها د.علي الدين هلال، استاذ العلوم السياسية، وشهيدة الباز ، وحلمي شعراوي، ومديرة دار العين الناشرة فاطمة البودي.