ليس من نافلة القول أن نؤكد علي أهمية جمع وتصنيف وأرشفة عناصر الفولكلور المصري، وليس جديدا أن يزداد التأكيد، بل والصراخ الحماسي المتواصل للقول بأهمية التراث والمأثور الشعبي جماليا وثقافيا، بل لا نزايد إن قلنا إنه المساهمة الحاسمة والمميزة للوعي الذي يخص ثقافتنا فيما يسمي بالكوكبية، فليس لدينا صناعة، أو علم متجذر يمكن الركون إليه، لكننا نمتلك كنزا من العادات والتقاليد والآداب الشعبية والحرف والفنون وفنون الحركة والموسيقي الشعبية التي لا تزال حصنا للروح المصرية من خللات جماعات الإسلام السياسي، فضلا عن التيارات العواصف للعولمة والكوكبة إلي آخر المصطلحات التي بدأت تتجذر بشكل دعائي في أدمغة بعض المثقفين والمتثاقفين، لكن الجماعة الشعبية تنأي بمأثورها عن تبويره أو تزييفه، أو حتي جعله حلية تافهة للتزين والتوشية، في هذا الإطار وفي غياب المنظومة العلمية التي تمثل مشروعا استراتيجيا للدرس العلمي (جمعا وتدوينا وتصنيفا وتحليلا) يغيب التراث والمأثور الشعبي عن أفكار وتكتيكات واستراتيجيات النخبة الصفوة العَالِمة بما تحمل من بؤس فكري وتخطيطي، وأظن أن أولي الخطوات هي الحفاظ أولا علي حملة المأثور والتراث الشعبي، والبدء في الإعداد لمجموعة من ورش العمل والموائد المستديرة للوقوف علي خطة قومية للجمع أولا، والتوفر علي المادة التراثية والمأثورية، وها نحن نري الكيان الصهيوني يسطو علي مجموعة كبيرة من الأزياء والأغاني والحكايات الشعبية ليحفظها في مركز للتراث ناسبا كل هذه العناصر لنفسه، والسؤال كيف للأشتات أن يكون لهم ذاكرة تراثية، وقد جاءوا من أماكن عدة ومن ثقافات متباينة ؟؟، من هنا يجب إعادة النظر في رؤانا للثقافة الشعبية ودورها في قراءة الذات المصرية ووضعها في الموضع اللائق في أية خطط لتنمية الدولة المصرية وتعميق مدنيتها، والاهتمام بتدريب مجموعة من الهواة المحبين، فضلا عن تدوين وأرشفة وتصنيف ما تم جمعه للوقوف علي تحليله جماليا وثقافيا، إضافة إلي الجمع من تلاميذ المدارس عبر خطة للتعاون بين وزارتي الثقافة والتعليم، لجمع عنصر من عناصر التراث والمأثور الشعبي، لنقل إن هذا العام سوف نجمع من كل تلميذ حكاية من حكايات الجدات مثلا، من هنا سيصبح لدينا مجموعة ضخمة من الحكايات بعدد تلاميذ المدارس المصرية، فضلا عن تفعيل دور المؤسسات المعنية بهذا الحقل العلمي ليصبح لدينا "بنك للمأثورات الشعبية "يسهم فيه كل مصري بسهم، كذا تدريب مجموعة من الكوادر البحثية، وإرسال بعضهم للحصول علي دورات في الخارج للجمع والأرشفة والتصنيف والتعرف علي ما وصل إليه العالم في هذا المجال خاصة في دول مثل: فنلندا وألمانيا وإنجلترا، كذلك عمل دورية تتضمن فقط الجمع الميداني مدونا ومراجعا ومشروحا. إن بعض الباحثين الأجانب يقومون ليل نهار بجمع مأثورنا الشعبي ثم يعاد تصديره إلينا مرة أخري عبر الشركات متعددة الجنسيات، ولا غرابة أن أقول إن محاولات مهمة في رؤية واقعنا الشعبي كانت علي أيدي مجموعة من الأجانب، أذكر منهم: علماء الحملة الفرنسية، فينكلر، إدوارد وليم لين، مكفرسون، إلكسندر تبريو.. إلخ، ولا أظنني مغاليا إن قلت إن كل محاولات الاستعمار والغزو الثقافي كانت مسلحة بمعرفة فولكلورية، وعلي العارفين أن يراجعوا، أما لو تمت هذه المحاولات علي أيدي علمائنا وباحثينا فسنملك أرواحنا التي بدأت تتقطع تحت سنابك العولمة وتشويه جماعات المتأسلمين، وكذا السطو علي مقدراتنا الثقافية لنعود مرة أخري فنشتري "التورماي الفولكلوري" ونندهش ونقول "يا خرابي"