مساحات الالتباس والوعي بالنص الشعبي .. احدث كتب الشاعر والباحث مسعود شومان صدر عن هيئة الكتاب .يقول مسعود شومان عن هذا الكتاب حين يفتح عالم الجماعة الشعبية. ويقرأ قراءة منصفة. دقيقة سنفهم قدر الوعي الذي يتمتع به المصريون من أبناء جماعتنا الشعبية. وسندرك كيف ساهموا بحكمتهم ونصوصهم الفاعلة في تماسك المجتمع. وكيف رفدوا الحياة بفنونهم البديعة التي لا تتيه بالجماليات فحسب. لكنها تسعي للناس علي قدمين هما الحكمة والفن. وفي لجة انشغال المثقفين والمبدعين بالثقافة العالمة وبالفنون الرفيعة تناسوا دراسة أو حتي قراءة ما أنتجته العقلية الشعبية من إبداعات. أما من التفتوا لهذه الثقافة فقد توزعوا بين محب وعاشق للماضي دون وعي بما يحمله هذا الماضي من تاريخ يمكن قراءة وعي الإنسان المصري من داخل مراحله. وتوقف أمر محبتهم عند "النوستالجيا". بينما اجتهد البعض ليجمع النصوص ويدونها ويصنفها ويحاول إبراز فرادتها بشكل إنشائي. لكن ما جمعوه لا يزال حبيس التصانيف والفهارس والمكانز يكاد يصرخ أن انقذوني من معاملهم وأدراجهم المملوءة بالمواد الحافظة. وهناك صنف آخر من الباحثين يحاول تقديم قراءة نصية لفهم وعي الجماعة الشعبية وإدراكها العميق لقوانين الحياة. ذلك الفهم الذي لا يقتصر علي سلوكها في الحياة لكنها تمارس الحياة بالفن آو تمارس الفن في الحياة بحيث يصيران جسدا واحداً. وهو ما نحاول أن نكاشفه في فصول أربعة. يضم كل . واحد منها مجموعة من الإطلالات التي تعتمد علي تحليل النصوص التي جمعت ميدانيا. وتحاول الدراسة ألا تنساق وراء تكثير الرؤي النظرية التي وصلت بنا حد "تشقيق الشعرة". كما تحاول هذه الدراسة أن تفض بعض الإشكاليات الاصطلاحية الدائرة حول: التراث. الموروث. المأثور. طارحة مجموعة من التساؤلات منها: لماذا تغافلت معظم الدراسات المشغولة بقضايا التراث العربي - برغم اختلاف. بل وتناقض. مناهجها ومنطلقاتها وتوجهاتها - التراث الشعبي. فقد أجمعت دراسات التراث العربي علي موقف مشترك من تراثنا الشعبي فتجاهلته. أو ترفعت عنه. أو جنبته بوصفه في مرتبة أدني. وها نحن نري" التراث "يتسع ليشمل "كل شئ" لكنه يضيق عن التراث الشعبي. وقد تناول الكتاب مفهوم التراث من وجهة نظر أثنولوجية ومنه يضع فرقا بين التراث والمأثور. فالتراث هو مجموعة الرواسب الثقافية "Survival" التي فقدت وظيفتها بمرور الزمن بحيث يكون استعماله مجرد اتفاق شكلي. ويتحدد الراسب في الأنثروبولوجيا الاجتماعية بأنه سمة ثقافية مستقاة بوظيفة ضئيلة أو بدون وظيفة علي الإطلاق. ولكن يفترض أنها كانت تؤدي وظيفتها علي نحو أكثر أهمية في وقت سابق. أما المأثور فهو ما أثر عن السابقين من عادات وتقاليد ومعتقدات وآداب وفنون. وظلت مستمرة بشكلها القديم. أو خضعت لعوامل الحذف والإضافة دون إخلال بمنظومة القيم. وعلي هذا يمكن أن نتكشف عناصر تراثية عابرة للزمن داخل عدد من النصوص آثرت الجماعة أن تحافظ عليها لأنها تلبي لديها حاجات اجتماعية وجمالية. وقد تقوم الجماعة بإحياء عنصر تراثي هنا أو هناك ليأخذ مجراه منضويا تحت جنس المأثورات. بينما قد تقصي أو تتجاهل عنصرا آخر فيدخل في جنس التراث. والعلاقة بين الجنسين ليست منقطعة. إنما يحكمها مجموعة من آليات الإحلال والإزاحة. الحذف و التعديل والإضافة. وكي نستطيع الكشف عما هو تراثي وما هو مأثوري لابد أن نقوم بمهمة لم يقدر لها أن تتم حتي الآن رغم الجهود المؤسسية والفردية التي تسعي للجمع الميداني. لكن هذا السعي يتم دون استراتيجية علمية منظمة. يأتي هذا الكتاب ليقدم محاولة في فهم الجماعة الشعبية من خلال نصوصها.