سعر الدولار اليوم الجمعة 18 يوليو 2025 مقابل الجنيه المصري (العملة الخضراء الآن)    المشاط تبحث مع الأمم المتحدة ومؤسسات التمويل الدولية آليات تنفيذ مخرجات المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية    صحة غزة: أعداد غير مسبوقة من المواطنين تصل أقسام الطوارئ بسبب الجوع    إسرائيل: يجب وقف مسلسل القتل بحق الدروز في سوريا    وزير الخارجية يبحث مع نظيريه الإيراني والبريطاني خفض التصعيد في المنطقة    اتحاد الكرة: قيد الأجانب تحت السن يبدأ من مواليد 2005    سحب 859 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    إصابة طفل ومُسن في انقلاب سيارة أمام سور الطاقة النووية بالضبعة    كيان وهمي وشهادات مزورة.. سقوط المتهم بالنصب والاحتيال على المواطنين بالقاهرة    حصريًا.. شبكة تليفزيون «الحياة» تعرض حفل النجمة أنغام في افتتاح مهرجان العلمين الليلة    نانسي عجرم تتصدر لوحة سبوتيفاي في تايمز سكوير بعد اختيارها سفيرة ل EQUAL Arabia    قصور الثقافة تشارك ب200 عنوان وبرنامج فني في معرض بورسعيد للكتاب    ألمانيا تنتقد تصرفات إسرائيل في غزة: الأحداث في القطاع لم تعد مقبولة    انهيار عقار مكون من 3 طوابق بمنطقة الساحل وانتشال مصابين    انتخابات مجلس الشيوخ.. تعرف على أول لجنة تستقبل الناخبين بالخارج    وزير المالية: ملتزمون بتحسين بيئة الأعمال وتنفيذ خطط إصلاح حقيقية وملموسة    جامعة برج العرب التكنولوجية ومديرية العمل بالإسكندرية يوقعان مذكرة تفاهم    كيف تحمي نفسك من الإجهاد الحراري؟.. الصحة توضح أعراض الخطر وطرق الإنقاذ    صور| بعد ملاحظة تورم في رجليه.. ترامب يعاني من قصور وريدي مزمن    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد إبراهيم الدسوقي بكفر الشيخ    نصر أبو الحسن وعلاء عبد العال يقدمون واجب العزاء في وفاة ميمي عبد الرازق (صور)    عاشور وناجي في القائمة النهائي لحكام أمم إفريقيا للمحليين    ارتفاع تأخيرات القطارات على الوجهين البحري والقبلي    استقرار أسعار النفط وسط هجمات كردستان ومخاوف الرسوم الجمركية    الأنبا إنيانوس يرسم شمامسة جدد للخدمة في إيبارشية بني مزار    1810 فرصة عمل جديدة فى 35 شركة خاصة فى 11 محافظة    الداخلية: ضبط مخدرات وأسلحة بقيمة 50 مليون جنيه| صور    التعليم العالي: 40 ألف طالب يسجلون في يوم واحد باختبارات قدرات الجامعات    يمامة: لا علاقة لحزب الوفد بالقرآن الكريم وكنت أقصد اللفظ    زلزال بقوة 4.6 درجة على مقياس ريختر يضرب محافظة سمنان الإيرانية    أسرار فيلمي صراع في النيل وحبي الوحيد    6 أبراج شخصيتهم تؤهلهم للعمل بالهندسة.. هل أنت منهم؟    الاثنين.. ندوة "التراث في عيون صناع الأفلام القصيرة" وعرض 4 أفلام بنادي سينما المرأة    الليلة.. دار الأوبرا تستقبل انطلاق فعاليات المهرجان الصيفي للموسيقى والغناء    ما الحكمة من مشروعية صلاة الجمعة في جماعة؟.. الإفتاء توضح    وزير الدفاع البريطانى السابق يدافع عن استخدام القضاء لمنع كشف تسريب بيانات    الرعاية الصحية وهواوي تطلقان أول تطبيق ميداني لتقنيات الجيل الخامس بمجمع السويس الطبي    الكشف المجاني على 480 مواطنا بقافلة قريتي الروضة ببئر العبد والميدان بالعريش    استمرار إصلاح كسر خط مياه لإعادة الحركة المرورية لمحور الأوتوستراد    بعد رفع كوبري مشاه طوخ.. عودة الحركة المرورية لطبيعتها بالطريق الزراعي    قبل ترويجها للسوق السوداء.. ضبط 4 طن من الدقيق الأبيض والبلدي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 18-7-2025 في محافظة قنا    مانديلا العرب ينال حريته.. فرنسا تفرج عن جورج عبد الله.. اعرف قصته    الأهلي يغادر القاهرة لبدء معسكر تونس    "كل ابن آدم خطاء".. مروان حمدي يعتذر لجماهير الإسماعيلي    رئيس جامعة قناة السويس يُعلن اعتماد وحدة السكتة الدماغية كمركز دولي من "WSO" العالمية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فشكراً أشرف!?    نجم الزمالك السابق يشيد ب عبد الحميد معالي صفقة الأبيض المحتملة    موعد إعلان نتيجة الثانوية العامة 2025 برقم الجلوس عبر الموقع الرسمي للوزارة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 18 يوليو    رابط تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. قائمة كاملة بالكليات والمعاهد المتاحة لطلاب دبلوم صنابع    الهاني سليمان: الأهلي لا تضمنه حتى تدخل غرف الملابس.. والزمالك أحيانا يرمي "الفوطة"    أبرزها حبس رجال الأعمال.. وزير العمل يوضح كيف اعترض النواب على قانون العمل الجديد    هل تعد المرأة زانية إذا خلعت زوجها؟ د. سعد الهلالي يحسم الجدل    عم الأطفال الخمسة المتوفين بالمنيا: الطفل يكون طبيعيا 100%.. ويموت خلال ساعة من ظهور الأعراض    «حزب الوفد مذكور في القرآن».. مظهر شاهين يهاجم يمامة: كتاب الله ليس وسيلة للدعاية    «لمصلحة الفريق».. الهاني سليمان يرد على هجوم البعض بسبب تضيعه للوقت    حان وقت الانتهاء من المهام المؤجلة.. برج العقرب اليوم 18 يوليو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المباراة

فتحت عيني بصعوبة بعد سهرتنا الطويلة الصاخبة بليلة الأمس, كنت أقف مشرئبا بمنتصف ملعب كرة قدم, علي نقطة البداية, بمنتصف الدائرة المخطوطة بالأبيض ووجهي شطر المرمي مباشرة, أرتدي بدلتي الكاملة ورابطة عنقي الأنيقة القابضة علي تفاحة آدم دافعة إياها لأعلي, كان الجاكت لامعا مناسبا لسهرة حافلة, والقميص مجسما لجسدي وحذائي الجلدي أملس لا تمسه الأتربة, اقترب مني الحكم وقطب جبينه وهو يشير إلي بسبابته أن أبدأ, ثم أشار لساعة يده موضحا أننا تأخرنا عن الموعد المحدد, أطلق نفيرا متكررا من صافرته المستقرة بين شفتيه, شعرت أنني يجب أن أجاريه وامتثل لطلبه, فقررت أن أبدأ, لم أجد كرة بين قدميّ, اقتربت حثيثا من الحكم وقلت له " أين الكرة؟ أنا لا أجدها", انفعل الحكم ووقع نظري علي ركبتيه العاريتين فكتمت ضحكة داخلي بينما قذف الحكم بصافرته من فمه حتي طارت خلفي وصاح معنفا "ابحث عنها يا أخي." جريت علي الأرض المعشوشبة ويبدو أن أحدهم قد رطب أرضية الملعب ببعض قطرات الماء فشعرت بأقدامي تنغرس قليلا بين الأعشاب, ظل الحكم يترقبني ويركض بجواري ولكنه أبقي علي المسافة التي تفصل بيننا, تعثرت في رجل افترش الأرض بجوار زوجته وأمامهما صينية بدت ساخنة من فرط الدخان المتصاعد من بين ضلوعها محملا برائحة ورق العنب, تجنبت الرجل والتفت إليه معتذرا فصدمت ولده وهو يلعب مع أخيه ويحفران بأرض الملعب... فككت رابطة عنقي وما لبثت أن طارت أثناء جريي بحثا عن الكرة الضائعة. استوقفني صوت يصيح باسمي, فألتفت إلي يميني, كان المدرب ينادي عليّ من خارج الملعب, قال بلهجة حماسية " تقدم.. تقدم", ولكنني توقفت لأتأمله, كان حليق الرأس تماما, ظننت لوهلة أنه من أولاد حسن, غيرت وجهتي وتقدمت نحو خط التماس مقتربا منه بابتسامة طفولية شاردة وغاصت يدي بجيب البنطلون بحثا عن الكاميرا لألتقط لي صورة مع نجم طفولتي, عبس الكابتن وعلا صوته المبحوح بالصراخ والشتائم, أشار إلي بوسطاه وقال مجددا" تقدم إلي الأمام .. تقدم". عدت لأتقدم باتجاه المرمي مرة أخري, عبرت بين مجموعة من الفتيات الحلوات اللاتي اعترضن طريقي, اصطدمت بأجسادهن عمدا ودون قصد, عطلوني قليلا قبل أن أمد يدي وأضم إحداهن واخذها بطريقي, لم أتبين ملامحها جيدا إلا بعد أن جرينا بعض الأمتار. نظرت خلفي إلي الفتيات, لمحت سمراء نافرة النهدين, كدت أفلت يدي من بين يد فتاتي عائدا إلي السمراء, لكنها لوت ذراعي حتي كاد ينكسر بين قبضتها, دفعتني إلي الأمام غصبا فأطعتها.
أثناء جريي وعند اقترابنا من حدود منطقة الجزاء, لحقت برجل عجوز, نظر إلي عندما سمع صوت لهاثي وسألني بصوت متقطع مرهق "هل وجدتها؟", سكت لدقيقة ثم قلت "ما هي ؟", فأجابني "الكرة يا ابني, الكرة" !
كنت قد نسيت أمر الكرة برمته, نسيت أنني أبحث عنها, وكان اهتمامي بالركض فقط. علي دائرة منطقة الجزاء جلس شاب طويل الشعر يشرب الخمر ويضحك وهو يردد بصوت متقلب من جملة لأخري " لا توجد كرة, لقد أوهموكم.. الملعب يخلو من الكرات." لمحت شابا يضاجع فتاة شقراء علي خط المرمي, صوت تأوهاتها وصلني عبر منطقة الجزاء, كانت تمارس عهرها دون أي خجل من النظرات المتابعة, تسمرت للحظات أتابعها حتي خطفت نظري نيران مشتعلة بجوار راية الكورنر اليمني, كان رجلا قد أشعلها ورفع راية بجوارها وأعلن استقلاله عن باقي الملعب, قال أنها أرض أجداده, علق أحد المارة قائلا " لا بد أن جده كان روبرتو كارلوس." لقد تاهت فتاتي ولم ألحظ تيهها إلا متأخرا, لم أعبأ, النساء هنا كثيرات والرحلة مرهقة وطويلة. أوقفت شابا يدخن سيجارة مستوردة, وسألته عن الكرة فسألني بعين نصف مفتوحة "أي فريق تتبع ؟؟". أوووف, كيف فاتني أن أسأل هذا السؤال, كادت المباراة تنتهي دون أن أعرف أين الفريق الذي ألعب له, هل كان يجب علي أن أجري بالاتجاه المعاكس!! ولكن الكابتن أشار إلي أن أتقدم وهو خبير بتلك الأمور. كان عليّ أن أسأل الحكم, غير أنه أختفي وسط الجموع.
منعني ضابط من دخول منطقة الست ياردات, قال لي أن دخولها يتطلب تصريحا من المسئولين عن إدارة الملعب, سألني عن رقم فانلتي, تحسست بدلتي واعتذرت له أني لا أملك رقما, فكاد يقبض علي قبل أن أعطيه خمسة جنيهات ثم أضفت خمسة أخري. عندما اقتربت من خط الست ياردات, أدركت أن من يضاجع الفتاة الشقراء هو حارس المرمي, لم يكن يرتدي إلا قفازه المميز, لقد ترك المرمي خاويا وانغمس في حضنها الساخن.
الجو حار جدا بمنطقة الجزاء, قال لي أحدهم أن منطقة الجزاء تمر بالقرب من خط الاستواء. وقف رجل بذقن مهندمة علي حدود المنطقة مخاطبا جماهير تحيطه, دفع رشوة إلي مساعد الحكم علي خط التماس فأعطاه دكة البدلاء, صنع منها منصة ووقف فوقها وبدأ يصيح بهم ثم رفعه بعضهم علي الأعناق وهتفوا باسمه وهتفوا للقدس حتي هاجمتهم قوات الأمن المركزي مرتدين فانلات فريق برشلونة بالخطوط الحمراء والزرقاء, مغطين رؤوسهم بالخوذ وحاملين عتادهم, وألقوا علي المتظاهرين قنابل مسيلة للدموع. مازلت لا أجد الحكم. انضممت إلي جمع يصلي صلاة المغرب, خلعت بدلتي وحذائي واستقمت بين الصفوف, صلينا ثم ذهبت لأصافح الإمام, بدا شبيها جدا بباراك أوباما, ابتسم ابتسامته الشهيرة ورد تحيتي بالإنجليزية. ذهلت وتحركت بالجوار دون أن أرتدي ما خلعته من ملابسي.
بالكورنر الأيسر تجمع بعض الشباب بجوار راية الزاوية بينما تغطيهم سحب من الأدخنة, سحبت كرسيا وأشرت إلي النادل طالبا كوبا من الشاي, نسيت سبب وجودي هنا مرة أخري, بحثت في أركان ذاكرتي دون جدوي, طرطقت أذني آملا في التقاط أية معلومة عن الهدف من تلك المباراة, سمعت رجلا يتحدث عن فرح سيقام الليلة عند نقطة الجزاء, تحدث الرجل عن زجاجات البيرة وراقصات من كل صنف ولون وأغان مبهجة. تركت عملتين معدنيتين للنادل علي الكرسي الخشبي ورحلت متجها نحو نقطة الجزاء, بدا الطريق مزدحما, كانت الأنوار والزينة تمتد حتي حدود منطقة الجزاء, وقفت علي حدود الفرح حيث علا صوت الأغاني الشعبية, أعطاني شاب أسمر زجاجة من البيرة الساقعة, لم أشرب أي كحوليات من قبل, رشفت من الزجاجة لأول مرة, تجولت بالظلام, كان الضباط المحاصرون للست ياردات مندمجين مع أنغام الفرح, تسللت بينهم دون أن يلحظوني, عبرت فوق جسد حارس المرمي العاري الذي كان يضاجع فتاة أخري, لامست خط المرمي الأبيض بأطراف أصابع قدمي متخوفا, تركت زجاجة البيرة علي الأرض وخطوت فوق الخط بقدمي كاملة, عبرته وحاصرتني الشباك والقائمان والعارضة, وجدت بأرضية المرمي مجموعة من الحفر الطولية, غلبني الفضول لاكتشافها, هبطت بإحداها, كان طولها مساويا لطولي بالضبط, حيث تساوت قمة رأسي مع أعشاب الملعب. قام حارس المرمي من فوق صديقته, لف وسطه بفوطة صغيرة, بدا منزعجا, أحضر بعض الطين من كومة بجوار المرمي ورماها فوق رأسي وعندما نفضت الطين عن رأسي منفعلا, أجاب سؤالا لم أسأله وقال أنه سيغلق عليّ الحفرة حتي الصباح ثم سيزيل عني الطين ويطلق سراحي, كان صوت الفرح قد أصابني بالصداع, كما أن الخمر قد أصابتني بالدوار فشعرت أنني بحاجة لراحة فعلا, أرخيت مفاصل جسدي وساعدته في مساواة الطين فوق رأسي منتظرا أن يأتي الصباح, تذكرت أنني كنت أبحث عن الكرة ولكنني لم أقو علي النداء علي الحارس, تثاءبت وانغمست في نوم طويل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.