بعد انتظار دام 14 عاماً، وبعد غياب عن المشهد السردي الأوروبي، ظهرت رواية جديدة للكاتب التشيكي الكبير ميلان كونديرا (1929) عنوانها "حفلة التفاهة"، والتي صدرت عن دار جاليمار الشهيرة بفرنسا، كما ظهرت طبعتها الإيطالية وباعت 100 ألف نسخة حتي الآن وحققت أصداءً قوية، فيما تظهر طبعتها الإسبانية في سبتمبر القادم. تقول le monde عن الرواية إنها "خفيفة مثل جناح الحجل أو جناح ملاك"، حيث يطير كونديرا عالياً أكثر من طيرانه في روايته السابقة "الجهل". ماذا كان يفعل في السنوات الماضية؟ أين كان مختبئاً؟ هو الذي يتردد منذ سنوات دون أن يعرف إجابة محددة له، فربما كان منعزلاً، يقرأ بالفرنسية والألمانية والتشيكية، باللغات التي يجيدها. وربما يواصل الآن قراءة القصص الكافكاوية التي تثير شغفه ويتعرف من خلالها علي ملامح هذا الزمن الغامض. يحاول كونديرا الاستمتاع بوضعه كمؤلف محتجب، خاصةً بعد كل المشكلات التي طاردته في بلده الأصلي، حيث اختار النفي في 1975 بعد أن وجهت له تهمة التعاون مع النظام الشيوعي، وحينها قرر أن يكون نادر الظهور. كما قرر أيضاً ان يقطع كل الخيوط التي تربطه بالجمهورية التشيكية، بل ورفض مراجعة ترجمة رواياته من الفرنسية للتشيكية بحجة "ضيق الوقت". وأثناء ذلك، استطاع كونديرا أن يعبّر عن هذا الإرث القاتم داخل أعماله بحثاً عن ضوء أو عن العبث، هذا ما نلمحه في "كتاب الغراميات المضحكة" "المزحة" "الحياة علي الضفة الأخري" "كائن لا تحتمل خفته"-التي نشرت في بلده عام 2004 رغم كتابتها في منتصف الثمانينيات-. هذه الحياة ساعدته أيضاً كدليل لتملك أسلوبه الغامض في روايات "الخلود" و"البطء" وكذلك روايته الجديدة "حفلة التفاهة". تقول ناشرته الإسبانية دي مورا، إحدي أكثر المدافعين عن كونديرا:"تضم روايته الجديدة أغلب الموضوعات المفضلة لدي المؤلف: الأمومة، الجنس، السلطة بأوجهها المختلفة-بداية من العنف والتعسف وحتي العبث والرقة-." وتضيف:"رواية سهلة القراءة صعبة الاستيعاب". يذكر أن كونديرا أحد أهم الروائيين الأكثر تجريبا في فن الرواية، كما أنه منظر عظيم لهذا الفن، وأحد أكثر الكتاب الأجانب ترجمةً باللغة العربية، والمرشح الدائم لجائزة نوبل.