هل يمكن أن نصف الاضطراب الحالي باضطراب "اللحظة الراهنة"؟ أم أننا نعيش في "اللحظة الراهنة" منذ 25 يناير 2011 لنصنع لحظة مختلفة عن اللحظات المتشابهة التي عشناها لسنوات طوال. ربما استخدمنا مصطلحات كثيرة خلال هذه السنوات الثلاث ما كنا لنستخدمها لولا خروج الجماهير في اليوم العاصف، مصطلحات كانت راقدة في الكتب ثم صارت واقعاً ملموساً يعاش، "ثورة" "استقطاب" "تواطؤ سياسي" "فلول" "انقسام" "تخوين"، وكثير غيرها، حتي إن "الميدان" نفسه اكتسب معني جديداً غير الذي كنا نستعمله لأجله. هل كان يعرف ثوار يناير يوم توجهوا لميدان التحرير أن الثورة ستسير في طريق منحرف؟ أن مطالب الثورة البسيطة التي تقع في حيز حقوق المواطن صعبة المنال؟ هل كانوا يعرفون أن الثمن سيكون غالياً بهذه الفداحة وأن الدماء ستسيل علي الأرصفة كأنها ماء؟ هل كان يعرف أي منا أن النظام راسخ في أرض صلبة وأن انتزاعه لن يكون بين ليلة وضحاها؟ بماذا شعرنا عندما انتقلت الثورة إلي حيز الإسلاميين؟ ماذا كان ينقصنا لنحاوط علي ثورة عمرنا، إن صح التعبير؟ وبعد مرور ثلاث سنوات، وبعد الخسارات الفادحة في الأرواح، ومع تواري الأمل، ومع انقسام معسكر الثورة ذاته.. كيف نري اللحظة الراهنة الممتدة؟ وكيف يمكن أن نخرج من خيار "إما أو"؟ وبين الحلول الواقعية والمثالية، كيف يمكن العثور علي حل يحقق الطموح ويمكن تحقيقه في الوقت نفسه؟ لا أحد يملك الحقائق، هذه قاعدة لابد من تذكرها، وليس من حق أحد تخوين الآخر، وليس من حق أصحاب الأمل أن يلوموا اليائسين، فوراء كل منا قصته الخاصة، رؤيته المهزومة، خساراته الجمعية أو الفردية.. غير أننا يجب أن نتوقف من آن لآخر لنراجع مواقفنا، لنشم أنفاسنا وننظر من قريب أو بعيد، إلي اللحظة التي وصلنا إليها.. ربما يحقق لنا هذا رؤية أفضل بعد كل الغمامات التي مرت وتمر علينا. علي من نطلق الشتيمة؟ محمد خير "إنهم يظنون أننا سوف نقبلهم مرة أخري في "معسكر الثورة". "الثورة لن تنسي أنهم ساندوا الفاشية، ولن ترحم من خانوها عند أول منعطف .." "لقد تخلصت الثورة مبكرا من ألغام كانت ستنفجر فيها عاجلا أو آجلا" "إن حكم الثورة سيكون قاسيا علي ..." إنها ليست ترجمات رديئة عن كتب مصفرّة تروي شعارات حواجز باريس الثورية، أو دماء الشتاءات البلشفية. غالبا، تتردد هذه العبارات عبر أجهزة "جلاكسي إس ثري" من الوضع ماشيا في الشارع أو واقفا في الإشارة، أو "لاب توب توشيبا" من الوضع جالسا علي المكتب أو ممددا علي الكنبة، أما: "معسكر الثورة" الذي لن يرحم ال ...، فهو لا يعني الإعدام بالرصاص عند أحد أكمنة الصدفة، وإنما يعني غالبا أن (س) لن يلقي السلام علي (ص) حين يقابله صدفة في مقهي ما، وربما يتمادي فيخبطه ال بلوك المتين. فلنقتصد قليلا إذن في الكلام عن المحاكم والخيانات والمعسكرات. احنا "أغلب" من كده يا جماعة. وفي هذه "اللحظة الراهنة:" كما في غيرها من اللحظات، أقصي ما نملكه استخدام كلماتنا غالبا، أجسادنا نادرا. لا نحمل السلاح، لا نخوض حروب العصابات، لسنا عنصراً "ماديا" في المعارك، بهجة أو يأس أو "خيانة" أحدنا أو إحدانا، ليست أكثر مما تعنيه أحرف الكلمات العصبية وخلافات الأصدقاء، أما الواقع فيسري وفق قوانينه، تتبادله عناصر القوة غير الافتراضية، القوة الثقيلة، السلاح والعسكر والتنظيم. نحن لا نحاكم الثورة، ولا السلطة، ولا نستطيع، بل نحاكم أنفسنا، وربما هذا هو سر الحماسة والكلمات الكبيرة المستقاة من المراجع الإيديولوجية الثقيلة، ربما هو سر "شجاعة " الاتهام أيضا. إنك لن تجرؤ علي اتهام ثوري حقيقي، من أصحاب الكلاشينكوف والغارات الجبلية، لو فعلت، لن يبقي رأسك فوق كتفك. غير أن هذا الغضب الافتراضي، يسبب الكثير من المرارة الحقيقية، كأن ما كنا نظنه صداقة وأفكارا مشتركة، لم يكن إلا تواطؤاً مشتركا صنعه الركود المباركي الطويل. فما إن تحرك الزمن خطوتين، حتي اتسعت الشروخ، وصرنا تقريبا، لا يكاد يصدّق واحدنا ما ينطق به الآخر. صارت الرياضة اليومية هي التمثّل بيوليوس قيصر (حتي أنت يا ..) ثم ننزع بروتوس، ونضع مكانه حسام عيسي والأبنودي والمخزنجي وصنع الله وكل من يحلو بالأحري لا يحلو لنا. ويتولي الانترنت، العابر الخفيف، حمل الاتهامات الثقيلة، ليروجها في كل مكان. ثمة نكتة عن رجل متعصب رأي شخصا يحاول الانتحار من فوق الجسر، فحاول أن يمنعه، خاصة حين اكتشف أنه من بلده نفسها، ومن ذات مدينته، وعقيدته، وطائفته، ثم اكتشف أنه من جماعة أخري من الطائفة نفسها، فدفعه ليسقط ويموت. نزلنا يناير معا، ورفضنا غزوة الصناديق، ودعمنا مرشحي الثورة، ثم نزلنا ضد الإخوان، وحين اختلفنا في نصف المتر الأخير، إذا ببعضنا يدفع الآخر، ويعلنه ساقطا، أو ميتا. قطار اللحظة إلي صديقي الطيب: عبد العظيم الورداني عبده جبير يقف القطار في هذه اللحظة، في منتصف الطريق، علي الخط الوحيد الشغال، والذي من المفترض أن تسلكه كل القطارات، سواء تلك الذاهبة إلي نهاية الخط، أو القادمة إلي محطة البداية (حيث إنه ولا بد أنك قد عرفت من الأخبار الواردة من هنا وهناك، أن الخط الآخر الذي كان يجعل الحركة بين خطي البداية والنهاية سالكين، قد تم تدميره في هجوم كاسح انتهي بمقتل العشرات وإصابة المئات، ولم تنته التحقيقات بعد، بسبب نقص الأوراق، بتوجيه التهمة لأحد، علي الرغم من أن العديدين يعرفون من هم بالضبط) ولكن المهم الآن أن القطار قد توقف تماما. حين بدأت حركة القطار تهدأ، قبل أن يتوقف نهائيا، بدأ الركاب في الصمت (علي الرغم من أنهم، قبلها، كانوا يتجادلون بأصوات مرتفعة، وقد أخذ الجدل مأخذه، حتي أنهم، قبل أن يتوقف القطار بلحظات، كانوا جميعا يتصايحون حتي أن أحدا لم يكن بمستطاعه سماع أحد) (ويمكننا هنا أن نفتح قوسا آخر، يصف المشهد داخل القطار، حيث كان بإمكانك أن تري أفواها عديدة متناثرة عبر عربات القطار المختلفة، لا فقط بين ركاب الدرجة الثانية الأكثر عددا وصخبا، بل أيضاً بين سكان الدرجة الأولي المكيفة الذين هم في العادة لا يتصايحون بأصوات صاخبة، نقول كان بإمكانك أن تري أفواههم هم أيضا وهي ترغي وتزبد، كما يقول العرب، والمقصود أن الرغاوي المنتفخة تكبر وتتقافز، وتهبط، ثم ترتفع، حتي غطت الوجوه السمينة المنتوفة والمزينة بالميك آب. كما أنك ولا بد قد أدركت الآن، أن ركاب الدرجة الثالثة هم بدورهم كانوا يقذفون من أفواههم بكميات هائلة من الزبد المخلوط ببقايا الفجل والجرجير والبصل الأخضر والفول والفلافل). المهم الآن أن القطار قد توقف تماما، وبعودة للحظات الأخيرة قبل أن يتوقف تماما، أي حين بدأ يهدئ من حركته، بدأت الأصوات تتوقف شيئا فشيئا، (وإن كان الملاحظ أن آخر من أغلقت أفواههم كانت شلة من ركاب الدرجة الأولي ممن بدا أنهن مجموعة من السيدات والفتيات اللواتي يلهجن بلغة خليط من العربية (المكسرة) واللغتين الإنجليزية والفرنسية، كن هن آخر من توقف عن تحريك فكيه وصمتن، وقد تكون هذه ملاحظة ثانوية بالنسبة للكثيرين إلا أنها لفتت نظر كاتب هذه السطور الذي يعرف جيدا أن هذا أمر طبيعي). نقول، المهم الآن أن القطار قد توقف، في هذه النقطة التي توقف عندها، وقد يكون من الممكن أن يحدد السائق أو الكمساري أو أحد الركاب المهتمين بالزمن، يمكن أن يحدد الوقت الذي توقف فيه القطار بعد أن نفث نفسه الأخير، ولكن، وقد حاول الكثيرون قبل أن يسطر كاتب هذه السطور هذا السطر، أن يحددوا المكان الذي توقف فيه (أو عنده) القطار إلا أن أحدا منهم لم يستطع تحديد هذا المكان بالضبط، علي الرغم من انه من المفترض أن يكون مكانا داخل حدود الوطن، أقصد هذا الوطن. كان مكانا قفرا عند بداية النظر إليه من نافذة القطار، لكنك ما إن تذهب إلي أحد الأبواب التي بدأ الركاب يفتحونها واحدا بعد الآخر، ويتزاحمون عندها ليتمكن كل منهم من التمعن في المنظر، وتشاركهم النظر، حتي تبدأ عينك في التعود علي الظلام الدامس الذي يغطي المشهد خارج القطار (وهو ما لم يدركه كاتب هذه السطور إلا حين تمكن من التمعن في المنظر). لكن، والقطار لم يزل واقفا، يمكنك أن تبدأ في التأكد من أن القطار قد اختار مكانا افتراضيا، أراد به أن يضرب المثل، لأن المكان كان: غابة موحشة، (ونحن هنا ليس لدينا في الواقع والطبيعة أي نوع من الغابات الموحشة أو غير الموحشة) تعج بالزواحف الضخمة التي تلتهم الخرفان الصغيرة، والوحوش المفترسة التي تبقر بطون الضحايا من الغزلان النحيلة، والنسور التي تحلق بأفخاذ آدمية ورقاب تطل منها الرؤوس لفتيات صغيرات، والعقبان التي بدأت تتقاتل بشراسة علي قمم التلال البعيدة وهي تتجاذب السيقان والأذرع والرقاب والرئات التي تنزف، طبعا، بالدم. كان المنظر الذي تجري فيه هذه المجازر صامتا لسبب ما، ثم بدأت الريح تخر بأصوات أخذت ترتفع شيئا فشيئا حتي تتداخلت ودوت تخبصغاعاعابووروووسيهوععععراابوووفووعععاموووخابوووووووووووووووووووووووو. ولا يزال القطار في مكانه واقفا، وقد بدا الركاب وهم يرتجفون ويفتحون أفواههم والأصوات تمضي في الدوي: عووووووووووووووووووووو. انتصار بطعم الهزيمة عصام زكريا لن أنساق وراء البحث عن أسباب وتفسيرات للحالة، الحالات، السائدة وسط ما يطلق عليه النخبة المثقفة في مصر الآن. لن أحاول حتي أن أثبت كم هي لا عقلانية، وسأكتفي بإقرار هذا التوصيف الذي أراه ملائما وهو أن هناك حالة من اللاعقلانية تسيطر علي كل الفئات، المثقفين والمأدلجين والعوام، وحتي صناع القرار في مؤسسات السلطة والأجهزة الأمنية. ما يثير فضولي في تلك اللاعقلانية هو المواقف وردود الأفعال والأفكار التي تنتج عنها فتؤدي إلي أخطاء جسيمة بعضها قاتل، ولكنها في سياق "الجنون العام" السائد تمر كما لو كانت شيئا طبيعيا، معقولا ومنطقيا. يعني هل يعقل مثلا أن يتحول جهاز التليفزيون إلي جهاز للتصنت علي المكالمات الهاتفية الشخصية؟ هل يعقل أن يضيع عدد كبير من الإعلاميين، وهم فئة تنتمي لما يسمي ب"النخبة" سواء شئنا أم أبينا، ومن المسئولين في المخابرات والقضاء والحكومة، هل يعقل أن يضيعوا جهدهم ووقتهم لفك شفرة إعلان مصورعن عرض جديد لشركة تليفون محمول؟! إذا تغاضينا عن هذه المظاهر المثيرة للضحك، والرثاء، بل المرارة، وربما "فقع المرارة" أيضا، فإن ما يثير فضولي أكثر هو "لاعقلانية" من يفترض بهم أنهم "كريمة الكريمة"، كما يقول الفرنسيون، أو الصف الأول من النخبة المثقفة. ما بين فريق يتبني موقف مخبر أمن الدولة ناشر المكالمات الهاتفية، غير قادر علي التمييز بين الحسد الشخصي والنقد السياسي أو بين الأشخاص والأفكار... فريق ربما عارض السلطة وابتعد عنها في وقت ما، حين شعر أنها تخلت عنه، ولكنه سرعان ما عاد إلي تبني مواقفها والدفاع عنها وتبريرها، فريق ربما غضب من "بابا" و"ماما" عندما فضلوا أخوته عليه، ولكنه علي استعداد لبيع أخوته جميعا من أجل نيل رضا البابا والماما من جديد. وفريق آخر اعتاد علي الحلم والنضال ضد الوضع الكائن من أجل ما هو غير كائن، ولكنه أيضا اعتاد علي لعب دور المغدور المنبوذ، سرعان ما يستبد به الفرح الهيستيري عند النصر، و لكن سرعان ما ينتابه اليأس والرغبة في الانسحاب عند أول مشكلة. هذا الفريق الأخير هو الذي يهمني هنا. العبيد الذين لا يستطيعون العيش بدون مرشد أو قائد، والانتهازيون "اللبلابيون" الذين لا يستطيعون العيش بدون سلم يتسلقونه لن يجدي، ولا يعنيني، الحديث إليهم أو عنهم. يعنيني فريق الحالمين المحبطين أكثر، ربما لأنه يضم أصدقائي أيضا، وأعتبر نفسي منه. بالورقة والقلم، وبالمقارنة الأفقية، جغرافيا، ورأسيا، تاريخيا، فقد حققت الثورة المصرية نجاحات هائلة حتي الآن. نجاحات لم تكن متوقعة لدي أكثر المتفائلين تفاؤلا...فلا الذين نزلوا في 25 ثم 28 يناير كانوا يتوقعون أن يرحل النظام بتلك السرعة، ولا الذين نزلوا في 30 يونيو كانوا يتوقعون أن ينهزم الاخوان بتلك السهولة. بالعقل المجرد حققت الثورة المصرية ما لم تحققه ثورات كبري في بلاد أكبر في تلك المدة القصيرة، وبالورقة والقلم فمن بين كل دول الربيع العربي فإن مصر هي الأكثر نجاحا وانتصارا في تحقيق أهدافها. الثورة المصرية تتقدم بخطوات سريعة متعثرة...تنكفئ علي وجهها وتصاب بالخدوش والخرطوش، ولكنها لا تتوقف عن التقدم والحركة، حتي لو كانت هذه الحركة عشوائية وللوراء أحيانا. حين تضع كل المعطيات أمامك فسوف تري أن هناك إنجازات كبيرة تحققت، وسوف تجد أن الثورة هي الطرف الوحيد الذي لم يتعرض لهزيمة كبيرة حتي الآن، بالرغم من أنه يتعرض للضربات الموجعة من كل الأطراف منذ البداية. الثورة تكسب المزيد من المساحات وتطيح بمزيد من الخصوم كل يوم، ومن المنتظر أن تنتصر في النهاية لأن التاريخ معها، والمستقبل يدفعها. المشكلة الوحيدة التي تعوقها أحيانا ليست في أعدائها، ولكن في حلفائها الذين ورثوا عيبين كبيرين من عيوب النخبة المثقفة المصرية: الشقاق الذي يؤدي إلي الانشقاق، والميل إلي الحزن والإحباط. الحرب لا تزال دائرة، والثورة لها الكفة الراجحة، فهل يعقل أن ينتابنا الاكتئاب الآن. هذا لعمري، أكثر الأشياء جنونا في هذا البلد المجنون! في مديح الإخوان .. ( إن شاء الله ) باسم شرف عثر ميكي ماوس علي أوراق لشاب عاش بعد ألف عام، مهترئة متآكلة الأطراف، مدونة بعنوان ( رسائل إلي الثوار الأنقياء) يحكي بها الالتباس الذي كان عنوان المرحلة، والارتباك الذي يقود الي صراع بين عدة فرق علي وطن، وغالبا ما يظهر بعد الثورات والأديان والحروب التي تقوم ولا تنطفئ الا بدراسة ما مر وطرح سبل جديدة للخروج من الأزمة. رسالة 1 ( قصة قصيرة عادية جدا ) خرج بعض الفتية إلي الميادين لإسقاط ديكتاتور، شكك الاخوان في نوايا الخارجين، وطرحوا بيانا بأنهم ليسوا مشاركين. ثم هبطوا الي الميادين بلافتات ثورية ليست من كتب البنا، ولكنها من كتب ماركس، ونادوا بمبادئ اشتراكية خالصة. وبعد 18 يوماً من التلون دخل مبارك محبسه هو ونظامه، وسرعان ما رجعت طائفة الاخوان الي كتب البنا وسيد قطب وهتفوا ( المشير هو الأمير) وهي عادة لديهم، وهي الوقوف بجوار المستبد إلي أن يحصلوا علي ما يريدون بالتفاوض. عرفنا اننا اسقطنا الظالم ولم نسقط الظلم، رجعوا للتشكيك في نية من نزل، وتعاونوا بالإثم والعدوان مع أرباب الديكتاتورية العسكرية علي الفتية الأبرياء بشرط أن يربحوا برلمانا ورئاسة ويكرمونهم في خروج آمن. وبعد فترة من الخيانة، سقطوا بأخطائهم وأطماعهم، والآن يرددون شعارات اشتراكية تدغدغ مشاعر الثوار الانقياء فهتفوا جميعا بحجة الثورة والرومانسية والانسانيات. كيف تطلب الحرية لاعداء الحرية؟ فبمجرد ان يحصلوا عليها سينتقمون من الجميع رسالة 2 "يسقط حكم العسكر" هتاف يشبه هتاف الوهابيين الآن ضد قريش بعد هزيمة المسلمين في غزوة أحد، الحكم ليس بعسكري ولا مدني ولا اي كنافة وطنية، فليس هناك حاكم والبلد تسير بالدفع الذاتي وليس بتخطيط. هذا الهتاف يتشارك فيه الاخوان والثوار الانقياء الذين لا يعلمون خطورة هتافهم، لنفترض جدلا والسياسة لا تعرف التخمين- أن الحكم الحالي سقط .. من سيكون الحاكم الفعلي بعد ذلك؟ الإخوان لأنهم خلايا متحركة تعيش داخل الصناديق الانتخابية يأكلون الكلام ويبتسمون بلزوجة ويوزعون سكر وزيت. وبعد أن يظهروا للحكم مرة أخري، ستكون نهاية الجميع ستقوم الفتن وسيقتل الشيعة والأقباط والليبرليين والعلمانيين والصوفيين والفضائيين، سينتقم التنظيم من الجميع حتي ينتصروا لشعار (الإسلام هو الحل) ويدخلوا الجنة كما يعتقدون. رسالة 3 لقد وقعنا في أخطاء عديدة ويجب أن نكون علي وعي بها حتي لا تتكرر. السلطة الحالية فاشلة ولكن هناك طرقاً لإصلاحها. الثورة مراحل، مرحلة الهتافات ثم مرحلة الورقة والقلم والعلم والجماهير التي يكرهها الاخوان ( طبقا لسيد قطب فالشعب المصري هم الجاهلية ويجب ان نتخلص منهم لانهم لم ينتصروا لنا وللاسلام حين كنا في السجون) رسالة 4 تقسيم المجتمع تقسيماً جيلياً، هذا خطأ وقع فيه نظام مبارك أثناء الثورة وفشل. الآن الثوار الانقياء يكررون نفس الخطأ بأن الجيل الكبير جيل عرة، فهذه الكراهية اخرجت السنة النيران في وجه فكرة الثورة من الاساس وسيؤدي هذا إلي حكم عسكري بمطالبة شعبية، لانهم وجدوا شباب الثورة يكرهونهم ويسبونهم ويقفون بجوار الاخوان. رسالة 5 الآن اكملوا في رومانسيتكم، وسذاجتكم، وأخطائكم. لن تربحوا شيئا سوي الهزيمة وكراهية الشعب للتغيير ( وللإخوان من باب الاحتياط) شكرا لساعي البريد انهيار التواطؤ وصعود المعركة بلال علاء ليلة 31 يناير، 2011، دخلت التحرير قادما من المنصورة، بعد انتهاء امتحاناتي، الأيام الفائتة كانت عظيمة ومربكة، قبلها بثلاثة أيام حققنا انتصارنا الأكثر ملحمية علي قوات الأمن، وغداة هذه الليلة المفترض أن توجد "مليونية" للمرة الأولي، قضيت أغلب الليلة في جدالات مطولة مع اثنين من الإسلاميين، أحدهما ينتمي لجماعة جهادية والآخر للإخوان، ورغم جذوري الإسلامية، وانتمائي الإخواني الأسبق، وبالتالي عدم وجود أية جدة حقيقية في هذا الجدال، إلا أنني استوعبت وقتها بشكل سوداوي مدي هشاشة اللحظة التي كنا فيها ما نريده، بدا لي حينها معقدا جدا. قبلها بسنوات، شكّلت حركة كفاية ونمط مطالبها وتحركاتها الأفق النضالي لأغلب التيارات السياسية، وتم التواطؤ علي خليط من المطالب الحقوقية والليبرالية واليسارية باعتبارها ما نريده جميعا، وهو ما أتاح بعدها بسنوات الفرصة ليتشكل مشهد "الميدان" بتنوعه، وباعتباره التجلي الأكثر فخامة لهذا التواطؤ، لكن أيضاً تحقق هذا التواطؤ بشكل شبه كامل. لم يكن هذا يعني إلا التراجع عنه مرة أخري، وعودة الأسئلة التي قرر التواطؤ إهمالها: شكل الدولة، معني الإسلام السياسي، العلمانية، ماهية الحرية التي نريدها، مدي أصالة "الميدان" كتواطؤ عام لأناس مختلفين يريدون حياة أكثر اتساعا. التواطؤ هذا نفسه لم يكن ليتشكل بهذه الصلابة إلا بعد خفوت الصخب الإسلامي في الجامعات في السبعينيات، ثم الهزيمة العسكرية للحركات الجهادية في التسعينيات، ومن ثم صعود الديموقراطية كخيار وحيد. بشكل عام، كان للتواطؤ منطلقان: منطلق تكتيكي، مجرد تحالف وقتي لهزيمة العدو المشترك، ثم التفرغ للمعارك المتبادلة، ومنطلق أكثر قيمية، هو اختيار أن "نحيا كراما كلنا" بتعبير عمرو عزت، وهو اختيار علماني بالضرورة، ما يعني أنه بانتصاره سيكون الإسلاميون في مأزق، إذ ستطرح عليهم أيديولوجيتهم أسئلة الشريعة والحسبة والآخر والمجال العام والحريات الشخصية، وهي أسئلة تم اهمالها في صخب "النضال المتواطئ" بانتصار التواطؤ فعلا، سقوط مبارك، انفتاح مجال عام أكثر براحا، حريات أوسع. انقسم الإسلاميون بخصوص هذا التواطؤ، وقررت قيادات الإخوان المسلمين والسلفيين عدم الحاجة لهذا التواطؤ مرة أخري، وبالتالي خوض المعركة المؤجلة مع "العلمانيين"، فيما اختارت أجنحة أخري في الحركة الإسلامية أن يكون التواطؤ نفسه عنوانا لحركتها، وكان عبد المنعم أبو الفتوح هو رمز هذا الجناح. الآن يمكن للبعض لوم "خيرت الشاطر" لكونه كان غبيا، لاختياره هدم التواطؤ وترشيح نفسه، ثم "محمد مرسي" وعدم دعم "أبوالفتوح"، لكن الأمر لا يتعلق بالغباء وحده، كان للاختيار هذا دوافع أكثر عقائدية وأصالة، كان اختيارا ل"التمكين" كهدف يتم النضال من أجله، وليس مجرد "الحرية"، انتصار الثورة في شكلها "الميداني" كان يعني هزيمة الإسلام السياسي كأيديولوجيا، وانتصار "الإسلام السياسي" كان يعتمد بشكل كبير علي هزيمة "الميدان" كتواطؤ، من أجل البدء في المعركة ضد "العلمانية" التي احتواها الميدان أصلا، كانحياز غير مصرح به. يمكن أيضا لآخرين أن يتهموا الآن " التواطؤ" نفسه بالغباء، لكن ذلك لا يعدو أن يكون أثرا من آثار استبطان حتمية التاريخ، مثلا أبو الفتوح كرمز لهذا التواطؤ لم يخسر الانتخابات الرئاسية بشكل حتمي، حصد حوالي خمس الأصوات، وأقل بحوالي ثلاثة بالمائة فقط عن مرشح الإخوان، وبسبب أخطاء يتحملها هو وحملته، أي أنه لم يكن مجرد مرشح رمزي لتواطؤ تم نسيانه، كان مشروعا تمت هزيمته بصعود ممثل جناح التمكين عند الإسلاميين. كانت ليلة نتيجة المرحلة الأولي من الانتخابات الرئاسية حماسية، وبمرور الوقت كان التشاؤم يتجذر حدسا بنوعية المعارك المقبلة، وأذكركم الإحباط واليأس الذي تواجد الصباح التالي بهزيمة المرشحين العقلانيين للفلول والعلمانيين والإسلاميين "عمرو موسي ، حمدين صباحي، أبوالفتوح"، وصعود الممثلين الهيستريين للفلول والإسلاميين، وتشكيلهما معا شكل ومستوي انحطاط الصراع المقبل. انتصار مرسي مثّل هزيمة لتواطؤ الميدان، وكانت رئاسته هدماً لأغلب إمكانيات بناء هذا التوطؤ مرة أخري، بل حربا عليها، ثم كانت هزيمته هو نفسه، إيذانا بالعودة إلي ما قبل الميدان وأسوأ منه، نظام عسكري هيستيري، ذو قاعدة شعبية، لكن هذه المرة بدون تواطؤ يتيح حراكاً جدياً ضد هذا النظام وصعوبة شديدة في الظفر بمشهد "الميدان" مرة أخري. لحظة الميدان علي هشاشتها، احتوت ودا حقيقيا يصعب استرجاعه مرة أخري، بين من كانوا حتي أمس الأول يصطفون للمعركة بين بعضهم البعض. الإسلاميون راهنوا علي أن يقوم الجيش بالاصطفاف معهم، ثم راهن العلمانيون علي نفس الجيش ليصطف معهم، وفي النهاية اصطف الجيش لصالح نفسه ودخل المعركة مع كل من "الميدان" و"التمكين"، ويبدو حتي الآن منتصرا عليهما معا، حتي يقضي الله أمراً. الثورات لا تمشي علي الصراط المستقيم غادة نبيل اللحظة الراهنة ليست فقط كلمة أو مصطلحاً ستستخدمه السلطة الحاكمة لسنوات. إنها الواقع الثقيل الذي سنظل نعيشه حتي نبدأ في وضع إطارعام لمشروع قومي وخطط تنمية ونهضة نحقق بها ما قمنا بثورة 25 يناير لأجله . شَغَلَنا بل حَرَفَنا عن تحقيق أهداف الثورة مرحلة حكم مكتب الإرشاد ورئيس مصري استخدم ذ لأول مرة في تاريخ رؤساء مصر ذ لغة تمييز طائفي بين المواطنين (حين استخدم كلمة سُنّة مثلاً !) الثورات لا تمشي علي الصراط المستقيم. الحلم الذي هو معني الثورة لم يتحقق منه شيء بعد لأنك أُجبِرت ذ كمواطن ذ علي ا الرضاب بتقديم الأمن علي ثالوث ا عيش- حرية ذعدالة اجتماعيةب. لم يكن ذلك بالتنسيق بين الأمن والإخوان بالتأكيد. أحلم باللحظة المثالية والقابلة للتحقيق معاً التي سنجد فيها التوازن بين حقوقنا بحيث تخرج عن معادلة ا إما / أو التي تُخلّق عندنا حالة كيركجاردية بائسة. أعتقد أن لحظة الموازنة بين حقوقنا ( تحديداً الأمن والحرية) ستأتي مع العمل والدفع للأمام وفي ظل قيادة تحب هذا الوطن، تخلص للأهداف التي خرج الشعب واستشهد الشباب من أجلها. يبدو الكلام مرسلاً عاطفياً، لكن الحقيقة أني حين أري شاباً ممن نزلوا كما نزلتُ وأمي في ثورة 25 يناير 2011 ثم في 30 يونيو 2013 يسخر من ممثلة تريد تأسيس قناة دينية كما أفادتنا بعض المصادر (وإن كانت قد نفت الخبر لاحقاً) لأنها ذبحسب معاييره الأخلاقية ذ ابلا صورة واحدة محترمةب أتأكد من وجود عطن متجذر سيستغرق سنوات لاقتلاعه، فلا ثورة بدون تغيير أسس النظرة الأخلاقية القديمة ونسفها نسفاً تاماً. الثورة يعني أخلاقيات جديدة بحيث يستحيل اتفاق رأي مواطن »إخوان« ا كان يجلس معي قبل الثورة بشأن ما وصفه حرام اتنين رجاله يروحوا في واحدة زي دي (قاصداً استحقاق قتل رجال الحزب الوطني ونوابه لامرأة هي سوزان تميم) مع رأي الشاب الذي ذكرته هنا يدين أي فعل خير يصدر عن فنانة وهو من شارك في ثورة يناير ويحب ما يراه طوباوية د. البرادعي . الثورة حين تمتد رأسياً في العقول قد تصل إلي تغيير تفكير الشاب الإخواني الذي استشهدت برأيه. هناك مشكلة عميقة في النظرة للمرأة وللفن في بلدنا تحتاج ثقافة وتنشئة وتعليم يرتبط بالتحرك بإيجابية وقوة نحو قيم تنتمي للإنسانية، قيم الرحمة وعدم الإدانة ومحاولة وضع نفسك مكان الطرف الآخر. باختصار، أن يتم خلق حالة مجتمعية تعيد للمواطن كإنسان شعوره بمعني وقيمة الحب الذي تحول من سنوات لا أذكرها إلي موضوع للسخرية حتي بين بعض الشباب! قبل أن تحقق العدالة الاجتماعية وتحل مشكلات ملحة مثل أطفال الشوارع لا أعرف كيف يمكن أن يعود الاحترام لقيمة كالحب! الثورة يعني أخلاقيات جديدة وإحساس جديد بالحياة، أن أريد أشياء غير التي أردتها، أن أفكر بطريقة مختلفة عن الطريقة التي كنت أفكر بها، أمتلك شجاعة أن أحب وأفعل وأواجه، أحب أشياء غير التي كنت أحبها، أحترم أشياء غير التي كنت أحترمها. أخلاقيات الثورة ما زلنا بعيدين عنها لأنها تتطلب حالة العمل المتكاملة وفق منظومة وخطط مع إدراك مستمر كامن أن كل واحد يمارس ما سيكمل عمل غيره في أساس المبني. التعليم قبل أي شيء هو مقياس نجاح الثورة- أو فشلها لا قدر الله. أقرب مثال يحضرني ما فعله فيديل كاسترو في كوبا بعد ثورته. أراد حل مشكلة البغاء .. حسناً.. أعلن أنه سينشئ مراكز لإعادة تأهيل جميع عاهرات كوبا لتمكينهن من إتقان حرفة أو عمل ما. في ثلاث سنوات كانت كل من تبيع جسدها سابقاً تمارس عملاً شريفاً تتكسب منه بحيث لا تضطر لبيع جسدها. هذا معني الثورة .. هذه أخلاقياتها وقيمها. طبعاً أري تغوّلاً وتمدداً للدولة الأمنية إياها التي ثرنا عليها. أنا ممن صوتوا ب »نعم« علي الدستور المعدل لأني أريد تأمين وطني من تخريب وتفجير يومي لا يبدو أن للإخوان وأذرعهم (جماعة بيت المقدس والجهاديين ) ا شغلة غيره ا. نعم أقول أريد ثورتي أقولها للجميع بالطبع، لكن للإخوان قبل فلول النظام الذي ثرنا عليه وتداعب بعض شخصياته هلاوس العودة ولو هامشية. أحترم السيسي لا أخجل من قولي هذا كمثقفة. كان لي خال شهيد في حرب أكتوبر وأريد جيش بلدي موحداً كما يحسدنا عليه كل من أعرف تقريباً من الإيرانيين والعراقيين الأصدقاء سواء من النخبة أو خارجها. أصدق أن وزير الدفاع تحرك بوازع وطني وقت كان الشعب كله قد حسم الأمر ضد عبث ومؤامرات مكتب الإرشاد وسياسات التمكين.. أسخط علي من يؤلهون الناس. أتساءل فقط: لماذا لا نري حقيقة أنه وضع حياته وحياة أسرته كلها علي كفه؟ لا أري تسللًا منه للوصول إلي الحكم ولو كان يطلب تفويضات ثانية للحكم فهذه فرصته للتراجع. لن يقدر علي حل مشاكل مصر ولن أرضي شخصياً إلا برئيس مدني بالمعني الحقيقي لتلك الكلمة. ثم أنه لو جاء سيرجعنا مرة أخرة للدوامة القديمة وللهتاف الذي شاركت به سابقا ضد الفريق شفيق وقت ترشحه وضد المجلس العسكري: ا يسقط حكم العسكر ا فلماذا نريد إعادة إنتاج الماضي ونؤخر الثورة؟ العنف اليومي في لحظتنا الراهنة بعد خروج الإخوان من السلطة لا ضمانة لعدم حدوثه لو كانوا في الحكم الآن وشهدنا إرهاصات ذلك في موقعة الاتحادية وغيرها. الآن هناك بعض العنف والأخطاء الغبية التي كان يمكن تجنبها من دولة الأمن وقد كتبت شطون في المحرقة عن حبس ناشطين مدنيين استخدمتهم الدولة لتخرج عينها الحمراء للإخوان الذين أخافوها (مجزرة قسم شرطة كرداسة وتفجيرات الأهداف العسكرية والشرطية ومجزرة رفح الثانية) بينما تبدو عاجزة عن التصدي لعنفهم وأعدادهم. أشعر بغثيان مع رجوع وجوه سياسية أو إعلامية ضد ثورة يناير ( فتحي سرور ولميس جابر) علي الفضائيات التي تحمّلنا عليها وجوها أمثال عاصم عبد الماجد وطارق الزمر وقاتل فرج فوده وقت حكم مرسي. ليس قدراً أبدياً أن تظل مثل تلك الجرائم تُرتَكب ضد الشعب، لكنها ستستمر لفترة. لم نخض ثورتين أو ثورة ذ وتصحيح لها ذ كي نعود ونفرح بما قبل الثورة! االلحظة الراهنة ستطول سواء بزعيم أو بدونه، مع هذا أؤمن أن الشعوب تحتاج لمثل ذلك الالتفاف العاطفي حول شخص لتعمل بل لتصدق ونحن لسنا استثناء. وقتها لو طالت اللحظة الراهنةب علي الأقل سيكون مفهومها قد اتسع بشرعية إنجاز ما كان مرحلة بناء وإنتاج بدلاً من الثِقل الأمني فقط الذي نرزح تحته بمنطق ا مُكره أخاك لا بطلب . حين تنتج وتتعلم وتستقل اقتصادياً بدرجة أتخيل أنك تكون في وضع أفضل للثورة علي العدوان علي حريتك. ونحن ثرنا بدون أن ننتج أو نتعلم أو نستقل اقتصادياً. ثرنا من أجل تحقيق كل هذا وأكثر . يعرف شعبنا المصري ما يريد .هو أهل لكل الثقة والاحترام بعيداً عن سفسطاتنا المتثاقفة وشكوكنا فيه. حين أسمع سائق تاكسي أو خادمة أو أسمع حكايات بائعات غلال في عرض الطريق، حين أتذكر عبد المُرضي بائع الليمون العجوز جداً في الشارع وقت جمعي توقيعات لحركة اتمردب ، واشتباك البائعين الإخوان من أصحاب المحلات حوله وقد هددوه أمامي وحرموه من الكرسي البلاستيك الذي تعطفوا به علي سِنّه ليعود يجلس علي الأرض بمشنتهِ ثم هددوه بدفعه خارج المكان كله، وأستعيد كلماته بينما أقوم بتخييره أن أمزق استمارته كي لا ينقطع رزقه فيصمم علي التوقيع أمامهم ويخبرني أنه انتخب حمدين صبّاحي ثم تنضم له بائعة فواكه علي عربتها تتصدي لثلاثة (زملاء كار) إخوان من أصحاب المحلات .. حين أتذكر هذا حقاً أطمئن وأمتلئ بالأمل! الثورة يعني أخلاقيات جديدة وإحساس جديد بالحياة، أن أريد أشياء غير التي أردتها، أن أفكر بطريقة مختلفة عن الطريقة