هو من الفنانين القلائل، الذين يفاجئونك في كل معرض ليس فقط بفكرة جديدة، بل- أيضا- بأسلوب فني جديد ومبهر.. عينيه تتفحص الواقع جيدا، يعرف أن الفنان الحق هو صاحب التجارب المتميزة، التي تنقله من أرض لأخري. بلاشك يمتلك الفنان محمد الطراوي موهبة استثنائية في استخدامه للألوان، يعرف باقتدار متي يستخدم هذا اللون أو ذاك، وبأي درجة.. في أحيان كثيرة تجذبك لوحاته من ألوانها، ولكن ما أن تقترب منها، حتي تأخذك في عوالم فقط هو الذي يمتلك ناصيتها. المكان والزمان والبشر هو الثالوث الذي يجيد الطراوي اللعب فيه، هو ملعبه الأثير، يحرز منه أهدافه المتتالية، فعندما تستعرض لوحاته المعروضة حاليا بجاليري جرانت، تشعر أن كل لوحة هي عالم مختلف للمرأة بدلالها وأنوثها وموقفها من الحياة.. اللوحة عند الطراوي بمثابة تجربة مكتملة الأركان، فعلي حد تعبير الفنان محمد بغدادي: " يلعب اللون في لوحات الطراوي دور البطولة.. ممتزجا بأشكال متنوعة للمرأة في حالات متعددة.. كأنه يعزف سمفونية موسيقية من الألوان المبهرة، بضربات جريئة من الألوان الساخنة والباردة"، ويستمر بغدادي في تحليله للوحات المعرض: " منظومة لونية رائعة الجمال.. فقد استطاع الفنان أن يجسد بثورته اللونية رؤية فنية جديدة، تجنح في بعض أجزائها إلي التجريد.. فلو أخذنا أي جزء مستقطع من أي لوحة مكتملة وتأملنا تفاصيله منفردا، فسنجد أنفسنا أمام لوحات تجريدية مكتملة العناصر محمكمة البناء.. فلا شك أن الفنان يعيد في هذا المعرض اكتشاف نفسه من جديد من خلال حواراته المدهشة بين اللون والكتلة والفراغ". وبغدادي قريب جدا من تجربة ومسيرة صاحب الحوارات لذا يقول عنها: " المتابع لأعمال الفنان محمد الطراوي سيكتشف دون عناء أنه لا يكرر نفسه.. فلا تستهويه مرحلة ما للبقاء أثيرا لها.. مقيما بداخلها.. مهما بلغت الإغراءات أو عبارات استحسان النقاد التي صاحبتها .. والتي قد تدفعه دفعا للاسترخاء علي ضفاف المراحل السابقة وشواطئها الآمنة، فهو واحد من الفنانين المضروبين بالتجريب.. المصاب بالقلق الإبداعي المشروع". الطراوي حاصل علي بكالوريوس الفنون الجميلة 1980، والدكتوراه الفخرية من أكاديمية الفن بطشقند 2005، بدأ سلسلة معارضه الخاصة في التسعينيات بمعرض بعنوان " مائيات مصرية" كما شارك في العديد من المحافل الدولية، وله مقتنيات خارج وداخل مصر.