ما أقصده، فيما يبدو، أن تأمل الأمر، والتعليق عليه يحتاج منك لبعض الجهد المضاعف.. أنت غريب تدق علي باب ليس بابك!! بيني وبين الفنانة الشابة "مروي الشاذلي" أبوة خالصة، وبعض من اختلاف الرؤي، وأسئلة كثيرة واجابات أيضا "تناقض الأجيال، واختلافهم حيث نري تلك الأمور سعيا للمعرفة، ودعوة للفرح". الفن كما هو معروف رؤية للعالم عن طريق الصور. والمخيلة في هذا المعرض الجميل، والذي عنوانه "صناعة لبنانية" مخيلة حرة، شجاعة، ومنفتحة علي غرار حرية الفنانة ذاتها، وتناولها لابداعها. فنانات البوب، طيبات الذكر، وارد بيروت مرسومة بإخلاص رائق بكل ألوان الطيف مثل حلم يداعب تعب أيامنا، مجسدات في جوقة من فن بديع.. غناء ورقص وتمثيل عبر وجود قديم علي أرض مصر المحروسة التي تمثل "أحد مجالات الفخر الثقافي للدولة اللبنانية". تعرض الفنانة معرضها بصالة "مشربية" التجريبية التي دائما ما تحتفي بمغامرات الشباب، واقتحامه مجالات الشكل والمضمون والمعني في انتاج حداثة الصور. "مروي" تقدم لوحتها من الآخر. تاريخ الفن، ومنجز التشكيل المصري درسته بكلية الفنون الجميلة، وعرفت مسيرته، وأهم مدارسه، وأكثر فنانيه موهبة. هي تود أن تبدأ من الآن. تستدعي هذا التاريخ.. نعم.. لكنها هي تبحث عن تاريخها الخاص. تلح الأسئلة علي وعي "مروي الشاذلي": كيف تكون حديثة ومعاصرة؟.. كيف تكون بنتا لزمانها، وواقعها.. الأعوام تختلف.. تزخر بالمتغيرات، والعصر تثقله الهموم وتلح عليه الأسئلة. اسطورتك غير أسطورة الآخرين، وصورة اعلان في الشارع توازي اسطورة ايزيس وأوزيريس، أو توازي حكاية من ألف ليلة وليلة. كيف قبضت "مروي الشاذلي" علي الجمال الذي انفعلت به وقدمته في صور؟ حياتنا اليومية تزدحم بالجمال اللبناني، ونماذجه في الوعي مثل بنات الأساطير.. أشرطة فيديو مصورة - كاسيتات - حفلات عامرة بشباب جامح يري الحرية في الجسد، والصوت نداء عن حلم غائم. أفلام مصورة بالألوان الطبيعية، ونساؤها مثل بهجة اللون. تحرر الفنانة الشابة موديلاتها من خنقة السلعة، من زحمة السوق، من شروط العرض والطلب، من سطوة الاعلام والشهرة، وتقدمهم لنا عبر التشخيص واللون تجسيدا لعالم من البهجة نفتقده. اللون الشفاف، الضبابي قليلا، والصورة قد انتقلت من النموذج الي المثال، والاكسسوار الذي يبرق احتفالية بالجمال، وربما بالحلم. يقدم المعرض عمقه الخاص الذي يستمده من معرفة ذلك العالم الغني بالتفاصيل، هذا العالم الذي يجعلنا علي نحو من الأنحاء، وعبر حداثته ومعرفته بمدارس البوب المختلفة نتفاعل مع نصوص اللوحات، ونحلم عبر اللون، وتجسيد الشخصيات التي نعرفها، ولوحات خط اليد التي تحيط بالصور في احتفالية الافصاح عن الجمال العاري. لحظتها نتذكر أبيات الشاعر الاسباني "بالنطي" "جسد الصبيات في ذروة ازهراره سيقانهن الواسعة. خصورهن المنفلتة. حدود الجسد التي تندفع نحو ليل العشق البطيء عموديا يسقط الضوء علي الحجر".