أقامت لجنة الترجمة بنادي القصة ندوة ثقافية لمناقشة كتاب ثورات الربيع العربي في عيون إسرائيلية, بحضور د. جمال الرفاعي، رئيس قسم اللغة العبرية بكلية الألسن جامعة عين شمس، د.محمد حمدي إبراهيم، رئيس قسم اللغة اللاتينية بكلية الآداب جامعة القاهرة، د. عماد جاد، ونخبة من الأساتذة والمفكرين، وأشرف علي الندوة فاروق عبد الله رئيس لجنة الترجمة بنادي القصة. وقام بترجمة وإعداد الكتاب عن العبرية، فريق الترجمة بأكاديمية آفاق الدولية، المتخصص في الشئون والدراسات الإسرائيلية للترجمة، من بينهم الدكتور منير محمود، باحث في الشئون الاسرائيلية، ود.هاني مصطفي، والمترجم محمود حسن، وعمرو زكريا خليل، وراجعه محمد إسماعيل. يتضمن الكتاب 30 بحثًا وتقريرًا ومجموعة من الآراء والتحليلات السياسية التي نشرتها مراكز أبحاث إسرائيلية وبعض الصحف العبرية حول ثورات الربيع العربي، بعد مرور عام علي إندلاعها لتعكس للقارئ العربي مدي إدراكهم ومعرفتهم لحقيقة الأحوال والأوضاع داخل المجتمعات العربية، كما تعكس لنا ترجمة هذه التحليلات طريقة تفكير وهواجس الإسرائيليين تجاه دول الربيع العربي بوجه خاص وتجاه منطقة الشرق الأوسط بعد الثورات العربية بوجه عام. تحت صورة الروائي يوسف السباعي في المكان الذي انشأه ليكون نادياً للقصة وحاضناً للأدب، تشرق من صورته ابتسامة وكأنه حاضر ضمن الحضور، تجمع فريق الترجمة لتكون هذه المرة الأولي الذي يناقش فيه عملاً غير قصصي تحت سقف هذا المكان الذي مر به العديد من الأدباء العظماء الذي يمتلئ المكان بصورهم أمثال طه حسين، إحسان عبد القدوس، نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم.وشدد نبيل عبد الحميد رئيس نادي القصة الحالي علي كون الأمر استثنائياً، وأن هذا المكان لا يجب أن تناقش سوي الأعمال القصصية تحقيقاً للهدف الذي انشأ من أجله، فإختلف معه رئيس لجنة الترجمة بالنادي فاروق عبد الله، قائلا: أن الأمر يجب ان يكون به مرونة، ويكون للمكان دوره التوعوي. وبدأ الدكتور جمال الرفاعي رئيس قسم اللغة العبرية وآدابها بجامعة عين شمس حديثه بذكر قصة الهزيمة كان اسمها فاطمة، والتي تناول فيها السباعي الهزيمة التي لم تتوقف فقط علي حرب 67، بل الهزيمة الاخلاقية التي جسدتها فاطمة في القصة، قائلاً: هذا ما يربط السباعي ونادي القصة بهذا الكتاب وإلقاء الضوء عليه لتجنب الهزيمة.ففي الوقت الذي تنقب فيه إسرائيل في العقلية العربية، وتهتم بأعمال العديد من الكتاب المصريين والعرب، نهمل نحن الترجمة عنهم والتعرف علي فكرهم، وقد يتعجب البعض من الكتب التي تترجمها إسرائيل عنا، فتقتني في معارض الكتاب مئات الالاف من الكتب عنا تضم حتي كتب الفكاهة والطبخ.وتابع : أن الفترة التي نعيشها قد تطول وهي فترة ليست بهينة، فيجب ان نعرف كيف تري إسرائيل الأمور، ونظرتها للوضع العربي و إدارتها للأمور بالمنطقة. فجاء هذا الكتاب لسد فجوة بالغة الأهمية في المكتبة العربية، والذي ترجم عن العبرية، أما عن الدراسات التي اصدرها مركز موشي دايان وغيره من المراكز باللغة الانجليزية، فوصفت ما نحن مقدمون عليه بالفاشية الدينية، وقارنت بين الثورات السابقة كالثورة الفرنسية والثورة المصرية،وهذi الدراسات تتجه لصانع القرار في أمريكا.ووجدوا بالمقارنة العديد من التشابهات بين الثورتين رغم الفارق الزمني بينهم والذي يمتد لقرنين من الزمان، و تتمثل بشكل كبير في الشعارات التي رفعت بين شعار الثور الفرنسية الحرية والاخاء والمساواة وبين شعار الثورة المصرية عيش حرية وعدالة اجتماعية.وأستكمل الرفاعي: ان إنتهاء الثورة الفرنسية بقيام الفاشية المستبدة بوضع المعارضة علي المقصلة، رابطين هذا بحديثهم عما ستصل إليه مصر في الفترة المقبلة، فكانت رؤيتهم أن المجلس العسكري ليس لديه الرغبة في الحكم، فذهبوا ان الإخوان هم من سيحكمون، ويقدمون وعودا للغرب وإسرائيل ان السلام قادم، وإن هذه الوعود التي ستفتح الباب علي اقصاه لهم لممارسة الفاشية الدينية ضد خصومهم، وعلق الرفاعي علي ذلك صدق المنجمون. كما علق الرفاعي أن تلك المقالات والابحاث تمت تحت وطأة ضغط الأحداث، وتظهر مدي الذعر الإسرائيلي علي نموها وازدهارها، وكان التعبير الدائم لدي الصحفيين الإسرائيليين ان التطبيع العربي إنتهي وأنهم مقبلون علي السلام البارد. وأن بعض الباحثين الإسرائيليين توقعوا عند فض المظاهرات في سوريا، أن النظام سوف يسقط خلال أيام، وهنا ثبت خطأ تلك التحليلات التي ليست دائماً ما تصيب، فأمزجة الشعوب العربية يكون لها دوماً رأي آخر. ومن جانبه قال فاروق عبد الله رئيس لجنة الترجمة، أن الكتاب يدور عن الصراع العربي الإسرائيلي والذي يعد أكثر ضراوة من الحروب المعلنة، وفي حين يأتي ردود فعل العرب إنفعالية تبدو إسرائيل أمام العالم بمظهر التحضر. وأخذ علي الكتاب عدم ذكر تواريخ المقالات رغم دقتها وغزارة معلوماتها، وعن التحليلات فيظهر رصد الإعلام الإسرائيلي لكل شاردة وواردة بالوطن العربي وثوراته، والدقة التي تتناول بها الأحداث توضح مدي التخبط في الإعلام المصري. كما وصف التحليلات الإسرائيلية بالخبث والتحايل لإذكاء الصراع بين الدول العربية، وتفخيم إسرائيل لدور قناة الجزيرة وتناولها للأحداث، في حين تري تراجع دور مصر وإنشغالها بالصراعات الداخلية علي السلطة بعد إسقاط مبارك. وفي حين غفلوا عن ذكر الترسانة النووية لإسرائيل، ذكروا ان مصر تسعي لمشاركة إيران في تصنيع السلاح وإنها تصدر غازات سامة لسوريا وغاز الخردل، ذاكراً وصفا استخدمه أحد المحللين الإسرائيليين الربيع العربي تحول لشتاء إسلامي.أما عن عمل لجنة الترجمة فقال: أنها تهدف لترجمة الأعمال العربية للإنجليزية ونشرها بالخارج بالتعاون مع أتحاد كتاب أستراليا، وتم بالفعل ترجمة 20 قصة قصيرة لكبار الكتاب تحت رعاية المركز القومي للترجمة، وقام بمراجعة ذلك الكتاب أتحاد الكتاب الاسترالي لنشره بالخارج. وتحدث الدكتور محمد حمدي ابراهيم عضو لجنة الترجمة بالأعلي للثقافة والنائب الأسبق لرئيس جامعة القاهرة، عن كيفية تقييم عدوك، وهذا ما شعر به عند قراءته للكتاب متسائلاً كيف يتحدث عنا العدو، هل يكذب ام يقول صدقاً، أم يضع السم في العسل؟ وقال أن العدو المحترم هو من يعلي من شأن عدوه ولا يحقر منه، وهذا ما وصف به العدو الاسرائيلي فهو علي عكس الشعوب العربية لا تحوي مقالاتهم أي شتائم تجاه مصر وتقام مقالاتهم علي تحليلات، لا انطباعات شخصية. في حين ان التحليلات التي نراها كل يوم علي التلفاز مضللة ، وإعادة وإزادة لنفس الكلام وكأنهم يريدون أن يقتنعوا بهذا الكلام قبل أن يقنعونا به.وإن اتسم الكتاب بالدقة والأمانة في النقل ولكن مأخذه الوحيد الذي نصح به الاكاديمية هو الارتفاع بمستوي الصياغة. وعقب منير محمود أحد مترجمي الكتاب، ورئيس تحرير قطاع الاخبار باللغة العبرية والانشطة الثقافية في اكاديمية افاق الدولية ان الكتاب يعكس ما يفكر فيه الساسة والمحللون ورجال الموساد عن ثورات الربيع العربي، وأن الكتاب يتوقف علي الرصد فقط دون تحليل تلك المقالات والدراسات، وأن ذلك الكتاب سيعقب بجزء ثان. وتحدث منير أن الحكومات تصدر لنا نصف الصورة عن الصراع العربي الاسرائيلي التي ترجعه لعام 1948، في حين يري أنه يجب أن نعرف قبل ذلك بخمسين عاماَ، ونجمع معلومات للمائة عام الماضية عن الجوانب غير المعروفة والتي يجب ان نعرفها عن إسرائيل والصهاينة. من جانبها تحدثت د.هبة صاحبة أول ماجيستير في معهد البحوث والدراسات الافريقية عن النشاط الاسرائيلي داخل القارة الافريقية، أنهم في صدد عمل حملة توعية ضد المخاطر الصهيونية، بدأوها بندوات بالاحزاب المصرية، وأن بعد تحديد المشكلة والتوعية لا يجب أن نتوقف عند هذا الحد بل يجب ان نصل للمواجهة. وأوصت بأنه لا يجب أن نقف عند الترجمة وأن يكون لدينا وعي معرفي بما يقدمه هذا الكتاب عن الفكر الاسرائيلي لما يحدث بالوطن العربي، كما أوصت بعدم الاكتفاء بترجمة الأدب فقط بل الاهتمام ايضاً بكتبهم عن العلوم والتكنولوجيا ومختلف المجالات التي تظهر مدي التقدم الاسرائيلي. وتحدث محمد إسماعيل مراجع الكتاب أن مصر كان عليها أن تسير بالموازاة مع إسرائيل في الترجمات عنهم كما يترجمون عنا، وأستنكر غياب الرؤية لدي المثقفين في الجهات الرسمية، ورفض الترجمات عن اللغة العبرية، مما يضطر المترجمين عن العربية لتحمل تكلفة كتبهم، أو يتحولوا للقمة سائغة في ايدي الناشرين.وعقبت هبة أن ذلك واجهته عندما رفضت جميع كتبها المترجمة عن العبرية عندما قدمتها للمركز القومي للترجمة.