صبحى فحماوى لا أذكر من هي رواية نجيب محفوظ التاريخية التي يقول فيها السارد إن جماعة الفرعون كانوا مهتمين بتجارة النحاس والفيروز الذي يجلبونه من سيناء..وتقول موسوعة -مصر الخالدة- إنه بحلول الأسرة الفرعونية الثامنة عشرة، سيطر المصريون علي مناجم النحاس في سيناء..وتقول ويكيبيديا: يعتقد علماء الآثار أن اوائل المصريين كانوا في سيناء ، حيث كانت هناك تجمعات لعمال المناجم في المناطق الزاخرة بالنحاس والفيروز. وعرف خبث النحاس منذ عصور ما قبل الاسرات المعروفة في »بير نسيب« بجنوب سيناء، وتم استغلال مناجم الفيروز في المنطقة القريبة من »سرابيط الخادم« في فترة العصر النحاسي، وكانت هذه العمليات في عصور ما قبل التاريخ صغيرة نسبيا بالمقارنة مع البعثات الملكية الهائلة التي أرسلت إلي سيناء خلال الأسرتين الأوليين بالمقارنة مع البعثات اللاحقة، والتي يمكن أن تشمل ما يقرب من عشرين ألف رجل. هذا في العصر الفرعوني، وأما في عصر قرن الواحد والعشرين، فلقد حرمتنا معاهدة (كامب ديفيد) من إرسال حتي عشرين ألف جندي ليحرسوا حدود الوطن. ليس هذا موضوعنا.. وليس حل معضلة الأسري داخل وطنهم، التي تهز جميع العرب وليس المصريين وحدهم، بالانتقام وبالاعتقال والإعدام لكل من تسول له نفسه، وبإغلاق الحدود والمعابر العربية، ولكنها بالاقتصاد..نعم بالاقتصاد الذي يكبل الحكومة المصرية الحالية، ويمنعها من تنفيذ برامجها التنموية الوطنية الطموحة، بسبب كثرة الديون، والتدمير الاقتصادي الذي استنزف مصر العملاقة، وجعل عندها أنيميا اقتصادية، رغم أنها تحاول جاهدة للخروج بنجاح من عنق الزجاجة. لقد سمعت أحد شيوخ السنائيين يقول بالتلفاز، إنهم جوعي، وطالب لحل مشاكلهم بدعمهم في إنشاء المزارع، وبتشغيل مصانع لهم في تلك الصحاري الذهبية، وفتح المعابر لتلك الشواطيء السياحية التي لم يعرف سيناء أحد حق المعرفة، مثل ذلك الفرعون السعيد، الذي حكم مصر طيلة عمره المديد من شرم الشيخ، ونام في سبات عميق، فوضعت أجواؤه المخدرات في نيل مصر الذي تم شفطه من أعالي الينابيع..يعني سحبوه من (لغاليغه)! إن ما يريده المصريون في سيناء أيها الإخوة هو إشغال الفراغ الذي أنشأته »كامب ديفيد«. تخيلوا معي لو فتحنا المناجم النحاسية والذهبية في سيناء، التي وحدها ستثري مصر، ما دامت أسعار الذهب والنحاس في الخيال، وما دام هناك قطاع عام لا يسرق ولا يرتشي..تخيلوا معي لو زرعنا سيناء كلها بأشجار الزيتون، إذ أن معظم مصر من الفلاحين، فإن إنتاجها سيطعم الوطن العربي كله من زيت الزيتون ومشتقاته، التي يشتهيها اليوم حتي الشعب المصري نفسه..تخيلوا معي لو عملنا مزارع شمسية لإنتاج الكهرباء في صحاري سيناء كلها، لاستطعنا أن نبيع منها لأوروبا الباردة مليارات وحدات الكهرباء، مصدر الطاقة المستدامة الرخيصة النظيفة، ولأسسنا مصدر طاقة للصناعة المصرية والعربية الحديثة...تخيلوا معي لو أنشأنا في زوايا سيناء أسواق دولية حرة بالتعاون مع الدول التي لا تعادينا، لاستطعنا خلق تجارة مصرية عربية مذهلة...تصوروا، وتصوروا، وتصوروا.. ولهذا نقول بالفم المليان إن حل مشكلة الشباب الأمنيين المعتقلين والذين لا نعرف ما حصل لهم وكيف تنتهي معضلتهم الرهيبة، لا يكون بالقتل والضرب والاعتقال والإعدام، ولا بإغلاق معابر رفح، بقدر ما نحتاج للتروي، وتعبئة الفراغ الذي تركته (كامب ديفيد) الممهورة بهندسة المستشار المشير كيسينجر، والذي حقق للغرب بتلك المعاهدة أكبر انتصار اقتصادي، إذ ورط المصريين والعرب بمرابط تخرجهم من التاريخ الحضاري الزراعي الصناعي التجاري، وقد كانت مصر رائدة، وكان الكوريون الجنوبيون يأتون للتعلم في مصر في الستينات من القرن العشرين، وها نحن اليوم...