ولدت الكاتبة التركية أليف شافاك في مدينة ستراسبورج في فرنسا عام 1791 ثم انتقلت للعيش في عدة عواصم غربية وعربية. لديها عشرة كتب سبعة منها روائية من أهمها لقيط اسطنبول وشرف. كما تكتب بالانجليزية و التركية وتعيش بين لندنواسطنبول. فازت بعدة جوائز روائية إحداها جائزة جلال الدين الرومي وتعد الأكثر قراءة في الغرب و في تركيا وترجمت أعمالها لثلاثين لغة . وكانت ضيفة في معرض لندن للكتاب 3102 الذي أقيم في الشهر الماضي وكانت تركيا ضيف الشرف . رولا فتال عبيد -لندن لم يخطر علي بال إيللا بطلة رواية ( أربعون قاعدة للحب ) وهي تقرأ رواية (الإلحاد اللذيذ ) أنها وهي في الأربعين من عمرها ستقع في الحب مع الراوي عزيز علي الرغم من أنه لا شيء يجمع بينهما لا المكان ولا الدين ولا الأفكار . كما لم يخطر في بالها أنها ستهجر زوجها ديفيد طبيب الأسنان الناجح الذي عاشت معه حياة مستقرة هادئة طيلة عشرين عاماً و أنجبت منه ثلاثة أولاد وحققت كل طموحاتها المادية، من امتلاك منزل كبير في أمريكا في مدينة بوسطن وعدة بيوت أخري وحساب في البنك وبوليصة تأمين علي الحياة والتقاعد والسيارة ...إلخ . وقبل أسابيع قليلة فقط كانت إيللا تعارض زواج ابنتها الكبري من صديقها في الجامعة والذي ترتبط معه بعلاقة حب . فهي تري أن الحب شيء و الزواج شيء آخر له أولويات تتعلق بالتكافيء الاجتماعي والديني والمادي للطرفين...إلخ . رواية بداخلها رواية. رواية تجري أحداثها في عام 8002 في أمريكا في مدينة بوسطن بطلاها إيللا وعزيز. ورواية تجري أحداثها في القرن الثالث عشر في مدينة قونية وتحكي قصة الحب الروحية التي جمعت بين الشاعر الصوفي والفيلسوف الإسلامي جلال الدين الرومي وتوءمه الروحي شمس الدين التبريزي . ما كان يجري في مدينة قونية في الأناضول (تركيا حالياً ) في القرن الثالث عشر لا يختلف كثيراً عن القرن الواحد والعشرين . حيث كان العالم حولها آنذاك غارقا في الحروب الدينية والنزاعات السياسة والصراعات بين القوي العظمي. في الغرب الصليبيون وهم في طريقهم إلي القدس احتلوا القسطنطينية ما أدي إلي تقسيم الإمبراطورية البيزنطية . وفي الشرق جيش المغول يصبح قوة كبيرة بزعامة جنكيز خان. أما في تركيا فكانت القبائل تتصارع فيما بينها في الوقت الذي تحاول فيه الدولة البيزنطية أن تعوض خساراتها لأراضيها وثرواتها وقوتها. كما سادت فوضي غير مسبوقة بسبب الحروب الطائفية. المسيحية تحارب المسيحية والمسيحيون يحاربون المسلمين والمسلمون يحاربون المسلمين. والكراهية موجودة في كل مكان و الخوف من القادم يهيمن علي الجميع . في هذه الأجواء من عام 2144 التقي جلال الدين الرمي بالدرويش المتجول شمس التبريزي صاحب الأربعين قاعدة للحب. لقاء غير حياتهما بشكل تام. وكان بنفس الوقت بداية لعلاقة متينة ونادرة شبهها الصوفيون باتحاد المحيطين. هذا اللقاء حول جلال الدين الرومي من رجل دين ذي معتقدات سائدة إلي صوفي وشاعر ومؤيد للحب و مبتكر لجماليات رقص الدراويش بعد أن تجرأ علي التحرر من كل القواعد التقليدية. وفي الوقت الذي كان الاقتتال والتعصب الأعمي يضربان بجذورهما في الأرض فتح جلال الدين الرومي أبوابه للناس من جميع الخلفيات .و دعا بأن يكون الجهاد (جهاد النفس) بدلاً من أن يكون الجهاد (الحرب ضد الكافرين). لكن أفكاره لم تلق قبولاً من أغلب الناس . كما لم يفتح أغلب الناس قلوبهم للحب الذي دعا له. والعلاقة الروحية بينه وجلال الدين الرومي أثارت الغيرة بين مريديه. وتم فهمها بشكل خاطيء إلي أن انتهت بعد ثلاث سنوات نهاية تراجيدية بانفصالهما. تقول الكاتبة أليف شافاك علي لسان عزيز في رواية (الإلحاد اللذيد) بأن القرن الثالث عشر لا يختلف كثيراً عن القرن الواحد والعشرين. الاثنان سيذكران في التاريخ كأوقات لاقتتال ديني غير مسبوق وسوء فهم ثقافي وإحساس عام بعدم الأمان وخوف من الآخر. في أوقات كهذه تكون حاجتنا للحب أكثر من أي وقت مضي. فعلاقة الحب التي جمعت إيللا المرأة الأمريكية بعزيز هي مرآة للعلاقة الروحية بين جلال الدين الرومي وشمس .كما أن القرن الثالث عشر هو مرآة للقرن الواحد والعشرين . ولجوء الكاتبة له كنوع من التغريب أتاح لها أن تناقش أفكاراً حساسة نعيشها اليوم تتعلق بالتطرف الديني والعنف الاجتماعي الأخذ بظواهر الدين والتعلق بالقشور من خلال شخصيات كثيرة في الرواية تتوالد من بعضها البعض علي طريقة ألف ليلة وليلة وتمثل أنماطاً اجتماعية مثل حسن الشحاذ، وردة الصحراء، الشرطي بيبرس، السكير، كيميا ابنة الرومي المتبناة التي تقع في حب شمس، كيرا زوجة الرومي المسيحية، ابني الرومي ولد سلطان و علاء الدين ... وفي تتفاعل هذه الشخصيات مع بعضها البعص تنتج مواقف تستدعي شمس أن يقول إحدي قواعده ضمن السياق فتفسر نفسها بنفسها و تصل للمتلقي بسهولة وبطريقة فيها الكثير من المتعة والتشويق . وكأن الكاتبة في رواية (أربعون قاعدة للحب ) تدعو العالم الغربي إلي إعادة النظر في ماديته والاهتمام أكثر بالروحانيات.كما تدعو العالم الشرقي إلي التخلي عن تطرفه الديني و العودة لجوهر الدين الذي يدعو إلي الحب و التسامح .