إسكان النواب: إخلاء سبيل المحبوس على ذمة مخالفة البناء حال تقديم طلب التصالح    بكام الفراخ البيضاء اليوم؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية السبت 4 مايو 2024    اليوم، تطبيق أسعار سيارات ميتسوبيشي الجديدة في مصر    شهداء وجرحى في قصف لطيران الاحتلال على مناطق متفرقة بقطاع غزة (فيديو)    5 أندية في 9 أشهر فقط، عمرو وردة موهبة أتلفها الهوى    احذروا ولا تخاطروا، الأرصاد تكشف عن 4 ظواهر جوية تضرب البلاد اليوم    تفاصيل التحقيقات مع 5 متهمين بواقعة قتل «طفل شبرا الخيمة»    الداخلية توجه رسالة للأجانب المقيمين في مصر.. ما هي؟    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    وفاة الإذاعي الكبير أحمد أبو السعود.. شارك في حرب أكتوبر    إغماء ريم أحمد فى عزاء والدتها بمسجد الحامدية الشاذلية    دراسة جديدة تحذر من تربية القطط.. تؤثر على الصحة العقلية    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال أعياد القيامة وشم النسيم    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    صحيفة: ترامب وضع خطة لتسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا    رسالة من مشرعين ديمقراطيين لبايدن: أدلة على انتهاك إسرائيل للقانون الأمريكي    لو بتحبي رجل من برج الدلو.. اعرفي أفضل طريقة للتعامل معه    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة الجونة    المحكمة الجنائية الدولية تحذّر من تهديدات انتقامية ضدها    مالكة عقار واقعة «طفل شبرا الخيمة»: «المتهم استأجر الشقة لمدة عامين» (مستند)    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الجديد.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم السبت في الصاغة    مصطفى بكري عن اتحاد القبائل العربية: سيؤسس وفق قانون الجمعيات الأهلية    دفنوه بجوار المنزل .. زوجان ينهيان حياة ابنهما في البحيرة    جوميز يكتب نهاية شيكابالا رسميا، وإبراهيم سعيد: بداية الإصلاح والزمالك أفضل بدونه    37 قتيلا و74 مفقودا على الأقل جراء الفيضانات في جنوب البرازيل    العالم يتأهب ل«حرب كبرى».. أمريكا تحذر مواطنيها من عمليات عسكرية| عاجل    وكالة فيتش تغير نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى إيجابية    صوت النيل وكوكب الشرق الجديد، كيف استقبل الجمهور آمال ماهر في السعودية؟    رشيد مشهراوي ل منى الشاذلي: جئت للإنسان الصح في البلد الصح    معرض أبو ظبي للكتاب.. جناح مصر يعرض مسيرة إبداع يوسف القعيد    ارتفاع جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 مايو 2024 في المصانع والأسواق    حسام موافي يوضح خطورة الإمساك وأسبابه.. وطريقة علاجه دون أدوية    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    مصرع شاب في حادث اليم بطريق الربع دائري بالفيوم    برش خرطوش..إصابة 4 من أبناء العمومة بمشاجرة بسوهاج    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    أول تعليق من الخطيب على تتويج الأهلي بكأس السلة للسيدات    تعثر أمام هوفنهايم.. لايبزيج يفرط في انتزاع المركز الثالث بالبوندسليجا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    أحمد ياسر يكتب: التاريخ السري لحرب المعلومات المُضللة    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    كندا توقف 3 أشخاص تشتبه في ضلوعهم باغتيال ناشط انفصالي من السيخ    تقرير: 26% زيادة في أسعار الطيران السياحي خلال الصيف    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر وتثبت تصنيفها عند -B    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طائر الشعر العالمي يحلق في الأجواء المصرية
ربيع الشعر.. ربيع الثورة.. في المؤتمر الدولي للشعر العربي

ترصد "أخبار الأدب" ما دار من محاورات ومناقشات وبحوث في المؤتمر الدولي الثالث للشعر العربي الذي احتضنته القاهرة خلال الأيام الثلاثة الماضية وشارك فيه كوكبة من ثوار مصر والدول العربية والعالم الخارجي.. وتأتي القيمة المضافة لهذا المؤتمر من تزامنه مع يوم الشعر العالمي 21 مارس.. وهذه خلاصة بعض الندوات والجلسات حتي مساء الأربعاء الماضي، والجريدة ماثلة للطبع..
المقاومة والعلاج.. بالشعر
حجازي: ندافع
عن الشعر في وجه من قتلوا فودة وطعنوا محفوظ
وأعلنوا الحرب علي الثقافة والأهرامات
أبوللو .. لماذا؟
حملت افتتاحية المؤتمر إضاءة قوية من الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي مقرر المؤتمر ، إذ قال إن الملتقي يحتفي بالشعر ويدافع عنه في وجه من قتلوا المفكر فرج فودة وأهدروا دم نجيب محفوظ وطعنوه وأعلنوا الحرب علي الثقافة والأهرامات وأبو الهول، شياطين الصحاري وغربانها.
وأكد حجازي أنه سعي واللجنة المنظمة للملتقي، إلي جعل هذا الحدث ممثلاً حقيقياً للشعر في بلادنا والعالم، تمثيلاً صادقاً لكل الأجيال والأشكال الشعرية والشعراء والشاعرات، وأضاف: إننا نحتفل بالشعر لأن الشعر ثورة تتفجر فيها اللغة وتتفتح فيها كالوردة التي تكشف عن أسرارها المخبوءة.
وقال: نحتفل هذا العام بجامعة أبوللو، ونحتفل بالربيع، ونحتفل بالثورة، لكننا في البداية والنهاية نحتفل بالشعر، الذي جمع بين هذه المفردات كلها.. وعندما نحتفل بالشعر.. الشعر ربيع.. لأن الشعر خلق، وميلاد جديد، صحوة وخصوبة، نشوة ، وطرب، وغناء، ورقص، وألوان ، وعطور.. نحتفل بالشعر.. لأن الشعر ثورة تتفجر فيها اللغة كالجمرة وتتفتح كوردة وتكشف عن أسرارها المخبوءة وطاقاتها التي لا تنفد.
واستعاد في هذا السياق مقدرة جماعة أبوللو الشعرية علي تجسيد هذه المعاني كلها، فجماعة أبوللو.. هي بنت النهضة المصرية الحديثة وبنت النهضة العربية كلها، ظهرت بشائرها الأولي في نسائم الثورة الأولي.. ثورة 1919، والثورات العربية التي تلتها في سوريا، والعراق، والسودان، والشعر الذي قدمته جماعة أبوللو ثورة في الشعر العربي حررته من أغلاله الموروثة وفتحت أمامه أبواب العصور الحديثة وأعادته الي القلب الإنساني، بعد أن تسكع طويلاً بعيداً عنه، ووصلت بينه وبين شعر العالم كله، لهذا نحتفل في هذه الدورة الثالثة من دورات الملتقي الدولي الثالث، بجماعة أبوللو ونحتفل بأبوللو الذي انتمت له هذه الجماعة، فأبوللو هو إله الخصب والخضرة، والعراف المنبأ بالغيب، وإله الموسيقي والغناء الضارب علي القيثار، والنافخ في الناي.. أبوللو إذن هو اسم من أسماء الربيع الحسني ديوميزوس اليوناني الآخر، وباخوس الروماني وأوزوريس المصري، وتموز الآشوري، وأدونيس الفينيقي، ونحن حين نحتفل نواصل السعي ونحرس الإنجاز نواصل الثورة التي أشرق علينا وجهها من جديد، ونرفع شعاراتها ونحرسها وندافع عنها، ونحن حين نحتفل بجماعة أبوللو نحتفل بالشعر العربي كله.. بأبي قاسم الشابي، والتيجاني، وشفيق المعلوف، ونحن جميعاً نحتفل بجماعة أبوللو نحتفل وتوماس هارد، لامارتين، وجوتا، وهاينه، وطاغور وعمر الخيام.. نحتفل بجماعة أبوللو نحتفل بشوقي وحافظ إبراهيم وشكري والعقاد ولولا هؤلاء ما ظهرت أبوللو وما ظهرت نازك والسياب، والشرقاوي وصلاح عبدالصبور..
ثم كانت الفاتحة الثانية للشاعر التونسي منصف الوهيبي. محملة برؤية المشاركين العرب: الشعر لغة البشر الأم بل هو أم اللغات جميعاً، وأن اللغة العربية الفصحي ترتبط ارتباطاً وثيقا بتاريخ الشعر، وأن العربية الفصحي تدين للشعر الفصحي بوجودها، ومعجمها وصرفها، ونحوها، ومجازاتها، منذ أن جعل هذا الشعر المفردة ما قبل الحدث القرآني للتنقل من سجل اللهجات لسجل اللغة ومداراتها. وأشار لجماعة أبوللو إلي أنهم كانوا مجموعة من النقاد والشعراء الأفذاذ الذين ساعدتهم فطنتهم لتعلم الشعر العربي وظلوا يضيفون في شجرتها أغصاناً وفروعا جديدة.
هل ينقذنا الشعر
أما الفاتحة الثالثة فجاءت أجنبية باسم المشاركين الاجانب القاها (تانتي ماتيرتشي) المستشار الثقافي بالسفارة الإيطالية بالقاهرة:انه عندما قرأ كلمة الربيع تذكرت بيتا شعريا لأحد شعراء ايطاليا وهو « ابريل هو أكثر الشهور قسوة» وهذا البيت يذكرنا بأن الربيع لا يقترن دائما بالسعادة ولكننا علي أمل أن ينقذنا الشعر، لأن الشعر مهما بلغ حزنه فدائما ما يتناول السعادة الكامنة في وجودنا علي هذه الأرض».وذكر تانتي أن يوم الشعر العالمي والموافق 21 من مارس سينظم مؤتمرا بعنوان «سوف ينقذنا الشعر» بالتعاون مع السفارة الايطالية بالقاهرة وسيتم في إطار مساعدة أطفال مستشفي 57357 حيث يتم بيع الكتب وأشياء أخري وتذهب الأموال الي المستشفي، وتابع قائلا «عندما قرأت عنوان هذا المؤتمر: هل ينقذنا الشعر ، تذكرت مقولة سارتر عندما كان يقول « لا يصمد أي كتاب في وجه طفل يموت من الجوع، وكان يقصد سارتر هنا، بأن الأدب لا يمكنه فعل الكثير أمام الفقر وأيضا أمام السياسة.
الأيام العالمية
وأكدت (كاترين بوجاياي) المتحدثة باسم اليونسكو في الفاتحة الرابعة علي أهداف المنظمة الدولية اليونسكو التي من شأنها بناء الجسور الثقافية والعلمية وبناء الروابط بين العالم، وان نظرتها أشبه بالبحث العلمي أو الاكتشاف الموسيقي، أي أن لها أسلوبا مختلفا للبحث عن الحقيقة.. وأن الجميع جاء لملتقي الشعر بحثا عن الحقيقة، وهذا جمال الشعر وفي ملتقانا نحتفل بالشعر في جميع أنحاء العالم فنحن في جمعية اليونسكو نحب إنشاء الأيام العالمية للأمور، ومنها اليوم العالمي للشعر.. وفي اليونسكو يوجد اتفاقيات مختلفة مع 128 دولة مختلفة، وثلاثة من هذه العهود الدولية ثلاث اتفاقيات منها التعددية اللغوية وجمال اللغة الأم وإنصاف الشعر، وقد جاء بالعهد الدولي عام 2003 للحفاظ علي التراث الثقافي غير الملموس من أجل التعددية اللغوية، وعام 2001 للتعددية اللغوية الثقافية، والعهد الدولي في 2005 لتشحيع أشكال التعبير في التعددية الثقافية المختلفة كما لدينا اليوم العالمي للغة الأم ويسعدني كثيراً أننا في 18 من ديسمبر الماضي احتفلنا باليوم العالمي للغة العربية.. وكنا نحتفل بلغة ينطق بها 22 دولة من المشاركين في اليونسكو ويثق بها 422 مليون نسمة علي مستوي العالم وأري أن هذه خطوة للأمام لاستخدام التعددية اللغوية لبناء السلام مع بعضنا البعض.
المقاومة بالشعر
ثم كانت أطروحة د. سعيد توفيق الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة معلنة أن هذا يوم من أيام المقاومة بالشعر، يوم مؤجل منذ أكثر من عامين، حيث كان يتم الإعداد لهذا الملتقي قبل اندلاع الثورة، وحيث كنت أحد أعضاء اللجنة العلمية التي تقوم بالإعداد لهذا الملتقي أو الحدث الشعري الكبير الذي كان من المنتظر أن يفوق عدد المشاركين فيه مائة عضو من الشعراء والنقاد. اندلعت الثورة وتوقف كل شئ آخر سواها. ولكن الثقافة والإبداع بوجه عام، والشعر بوجه خاص ليس شيئًا يقع خارج الثورة، بل إن كل إبداع في حقيقة الأمر هو ثورة علي تقليد راسخ في الشكل الفني، فما بالُك لو كانت مادة هذا الشعر ووقودها هو الحدث الثوري نفسه الذي زلزل أرض العرب.
لعل هذا يجيب عن السؤال الأساسي الذي طرحته في الجلسة الافتتاحية للدورة الأولي لملتقي الشعر العربي التي عقدت من 10 إلي 13 فبراير سنة 2007 بعنوان (الشعر في حياتنا) إذ كان السؤال الأساسي الذي طرحته آنذاك هو: (وما الحاجة إلي الشعر؟!) وهو بمثابة رجع الصدي لسؤال هيدجر: وما الحاجة إلي الشعراء؟. لقد أصبح هذا السؤال ملحِّا بالفعل في عصرنا: عصر العلم والعولمة. ولكنه قد أصبح أكثر إلحاحًا في لحظتنا الراهنة: تلك اللحظة التي وجدنا أنفسنا فيها في مفترق الطرق، وعلينا أن نلتمس طريقنا: أن نلتمس هويتنا .. طريقنا الذي حفرناه وسرنا فيه عبر آلاف السنين.
الطريق إذن والمسألة إذن هي مسألة الهوية: نحن نبحث عن هويتنا. ولا مراء في أن هويتنا الآن مهددة بقوة أكثر من أي مرحلة مضت. ولكن هذا يعيدنا إلي ما بدأت به: إن الشعر هو أحد متطلبات اللحظة الراهنة: في الشعر تكمن ماهية اللغة، وبالتالي فإن الشعر هو الفن القادر علي حفظ اللغة؛ ومن ثم حفظ الهوية. ولهذا السبب نفسه أرسل هولدرلن خطابًا إلي أمه التي هجرها ليطمئنها علي أحواله، فقال لها: إن الشعر أوفر الأعمال حظًا من البراءة! الشعر إذن ليس ترفًا، وإنما هم؛ فالشاعر مهموم باللحظة التاريخية التي يعيشها، وهو يعرف أن اللغة هي أكثر ما يمكن أن يعبر عن تلك اللحظة.
هجرة من نوع خاص
وجاءت الجلسة البحثية الأولي من ملتقي الشعر الدولي في الخامسة من يوم الاثنين الماضي، برئاسة د. عبد المنعم تليمة أستاذ علم الجمال بآداب القاهرة، وتحدث فيها الشاعر حماسة عبد اللطيف، ود. رشا ناصر العلي، د. عبد الرحيم الكردي، د. محمد عبد المطلب..
قال د. عبد المنعم تليمة في الجلسة إن الشعر العربي كله شعر غنائي شعر قصائد، وهنا يكمن بيت القصيد لأن الشعر الغنائي هو الأصل الباكر جداً للشعر العربي، وهو معظم تراثنا الإبداعي، ننظر الآن للشعر العربي في ضوء هذا التاريخ الطويل الذي عشنا نفتش دائما عن مستقر جمالي للقصيدة العربية، وليس مستقرا نهائيا بطبيعة الحال، لكننا نفتش عن أهم هذه المراحل الشعرية، وقبل أن ننظر لهذا الأمر، نحن نعيشه لأنه حقيقة تاريخية وجمالية وثقافية..
وتحدث د. عبد المطلب في ورقته البحثية عن محمود درويش المهاجر ووصفها بأنها كانت هجرة من نوع خاص، لم تنحصر في الخروج من ارض الي ارض كما يقول ابن منظور، وإنما كانت هجرة متعددة، فهي هجرة في الزمان، وهجرة في المكان، وهجرة في الداخل النفسي، ثم هي هجرة من الحياة، مشيرا الي أن الهجرة في جميع الأحوال لم تكن اختيارا، وإنما هي قهر واضطرار..
من قصيدة رسالة من المنفي الي الأم يقول درويش:
ماذا جنينا نحن يا أماه ..
حتي نموت مرتين..
فمرة نموت في الحياة..
ومرة نموت عند الموت..
وهل تعلمين ما الذي يملؤني بكاء؟..
وفي قصيدته نسافر كالناس:
نسافر كالناس ..
لكننا لا نعود الي أي شئ..
كأن السفر طريق الغيوم..
دفنا أجنتنا في ظلال الغيوم وبين جذوع الشجر..
وقلنا لزوجاتنا.. لدن منا مئات السنين لنكمل هذا الرحيل الي ساعة من بلاد ..
ومتر من المستحيل
وقدم د. محمد حماسة عبد اللطيف ورقة بحثية بعنوان أغنية الثورة الأبدية تحليلة في قصيدة صلاة لأمل دنقل..
أبانا الذي في المباحث نحن رعاياك باق ..
لك الجبروت وباق لنا الملكوت
وباق لمن تحرس الرهبوت
تفردت وحدك باليسر..
ان اليمين لفي الخسر أما اليسار ففي العسر..
إلا الذين يماشون..
إلا الذين يحشون بالصحف المشتراة العيون..
فيعيشون إلا الذين يشون
وإلا الذين يوشون ياقات قمصانهم برباط السكوت!
ويحلل د. حماسة بداية القصيدة بأنها بدأت بنداء أبانا الذي في المباحث فصارت القصيدة محصورة بين هذا النداء، وبدأت بتمجيد.. كما ان القصيدة كلها توحدت قوافيها وهي المكونة من أبيات أربعة لتنتهي الرهبوت، السكوت، العنكبوت، تموت وهي قافية مقيدة بتاء ساكنة .
الرفض والثورة
أما الورقة البحثية الثالثة فكانت للدكتور عبد الرحيم الكردي عن «الرفض والثورة في الشعر المصري المعاصر .. أمل دنقل وعفيفي مطر نموذجا» مشيراً في ورقته إلي أن الشعر والإبداع بجميع أشكاله فعل ثوري بطبيعته، لأن كل إبداع حقيقي هو خروج علي الرتابة وكسر للمعتاد، وتمرد علي المألوف والمكرر، وقد رأي د. الكردي ان ابرز الشعراء الذين ظهر لديهم الجانب الثوري بوضوح هما امل دنقل محمد عفيفي مطر فقد بزغ نجمهما معا في ستينيات القرن الماضي كشعراء معارضين يجأران بالتمرد والثورة والرفض.. فيقول محمد عفيفي مطر:
منذ مشي الخوف إلينا في أكف الظلمات..
وسري السم بشريان الحياة..
وتعلمنا فنون الزيف..
أصبحنا رموزا غامضات..
قتل الانسان فينا طمرته الضحكات الزائفات..
وأضاعته الدموع الزائفات..
بينما يقول أمل دنقل: أيتها العرافة المقدسة.. جئت إليك.. مثخناً بالطعنات والدماء.. أزحف في معاطف القتلي وفوق الجثث المكدسة منكسر السيف.. مغبر الجبين والأعضاء.. اسأل يا زرقاء..
أبو للو والتناص الديني
وقدمت د. رشا ناصر العلي من الكويت في ورقتها البحثية بعنوان التناص الديني في شعر جماعة أبوللو وأرجعت بحثها الي التراث العربي، وتناص الشعراء القدامي مثل أمريء القيس والمتنبي، وان التناص الديني في جماعة أبوللو هو مصطلح حداثي ومقابله الاقتباس، من خلال الاستدعاء اللفظي، مؤكدة أن جماعة أبوللو ليست جماعة دينية وإنما استمدت الاقتباس والتناص في شعرها الديني.
ورأي النقاد الغربيين أن قراءة الصحيحة للشعر لا تكتفي بقراءة فيما أبدعه الشاعر، ولا تتحقق صحته إلا بقراءة سواه من الشعراء، ومن يقرأ الشعراء سيلحظ أن ليل الشعراء قد استمد من ليل امريء القيس، وبالنسبة للتناص في جماعة أبوللو هو التباسي حيث تم فيه استدعاء للكلمات الدينية والأحاديث النبوية الشريفة، والاقتباس التناصي يجعلنا نقف علي مجموعة من الإجراءات، وفي هذا السياق يقول محمود حسن إسماعيل في شعره لشهر رمضان بوصفه زمنا خاصا تتفتح فيه السماء للتائبين من المعاصي..
واختتم فاعليات اليوم الأول من الملتقي الدولي الثالث بأمسية شعرية ترأسها الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة، ومن المشاركين فيها الشاعر أحمد سويلم، محمد آدم، وحسن اللوزي، والشاعر المنصف الوهابي، شيرين العدوي، عز الدين ميهوبي، عزت الطبري، عماد غزالي.
قطيعة وتواصل
وترأس الجلسة البحثية الثانية د. صلاح فضل، تحدث فيها د. سيد البحراوي عن شعر الثورة قطيعة وتواصل ، ود.علاء فاروق عن صلاح جاهين ثورة مستمرة، ود. غراء مهنا تحدث مهنا عن ثورة الشعر وشعر الثورة، ود. مني طلبة عن الفن في مواجهة الأيديولوجيا، و د.محمد سلامة الأنا سر شروق الديوان وسر غروبها..
وقدم د. سيد البحراوي أشعارا عن «شعر الثورة قطيعة وتواصل» وأكد أن الثورة مازالت مستمرة وممتدة .. واستشهد بآخر قصيدة للشاعر فاروق جويدة وسرد بعضاً من أبياتها: لا أنت مصر ولا السماء سماك.. مد يديك تكلمي لأراك.. الأخوة الأعداء خانوا حلمنا.. هدموا عريناً شيدته يداك.. خدعوك باسم الأمن حين تصلفوا فوق الرقاب وشردوا شهداكي.. خدعوك باسم العدل حين تسابقوا نحو الغنائم يشربون دماك.. الأخوة الأعداء قاموا عصبة سرقوا النذور وتاجروا بدعاكي.. حتي الشاعر العامودي يشارك في الثورة.. أعتقد أن إنتاج الأشعار بعد الثورة يعتبر نضجا حقيقيا للشعر يمثل انتقالة دلالية وفنية في الشعر ومن هذه القصائد قصيدة للشاعر مصطفي ابراهيم: أنا أحسن واحد يقدر يقنعك تحكي ومابيحكيش.. أنا أحسن واحد يقنعك تبكي ومابيبكيش.. أنا أحسن واحد يقنعك تفرح وأحسن واحد يقنعك تجرح أنا أحسن واحد ميت يقدر يقنعك تعيش..
ثورة صلاح جاهين
وسرد د. علاء فاروق ورقة بحثية عن صلاح جاهين ثورة مستمرة، وكيف تأثر صلاح جاهين بالفنون الشعبيه المختلفة من ز س مستواها اللغوي، بل تجاوزه الي الاستفادة من إمكانيات متعددة أهمها الاستفادة من أشكال إيقاعية مختلفة علي مستوي البني المقطعية والقوافي التي ارتبطت بالغناء واللحن بشكل كبير ومؤثر استطاع بأسلوبه أن يخترق كل الحدود.. فعلي سبيل المثال يقول جاهين: من قدم السبت يلقي الحد قدامه.. كلمة قالوها في معني الجد ومقامه.. واحنا اللي شفنا زماننا ومعجزاته نقول.. من شاف بنا السد شاف الغد ف أيامه.
ومن قصيدة الأمير:
المجد للجندي اللي من غير حرب لبي
الفارس اللي مش علي صهوة جواد
الراجل الغلبان في روحه وعيشته كرب
لكن أمير عاشق بروحه ودمه جاد.
ومن ديوانه قصاقيص ورق:
جردت نصل الشعر من قراب..
النحو والإعراب، والإغراب..
من أجل ما يشفي، ويشتفي،
من أجل ما يكفي، ويكتفي،
في حربكم.. يا غزوة الندم..
يا أوصياء الشعر يا قمم
ثورة الشعر
أما د. غراء مهنا فقدمت ورقة بحثية بعنوان ثورة الشعر وشعر الثورةحيث قالت ان الحداثة هي التجديد ومعرفة لغة العصر وقد استخدم أدونيس في شعره الأرقام والمثلثات والمربعات متأثرا بالشاعر الفرنسي أبولينير الذي كان يكتب القصيدة علي شكل رباطة عنق او دخان سيجار أو حبات المطر أو ساعة أو نافورة ماء، وكان هذا خلال الحرب العالمية الأولي، كنوع من التسلية، لكن بدأت الحداثة العربية مع نازك الملائكة والسياب وعفيفي مطر وعبد الصبور ودرويش وحجازي والبياتي وغيرهم، الي انها وصلت لذروتها مع مجموعة اضاءة 77 وأصوات ولقد كانت نكسة 67 ضاربة بالمجتمع ككل وأنتجت النموذج الشعري الثوري وثورة علي اللغة والشكل والمضمون وعلي البناء الشعري والإيقاع الشعري واستحداث البلاغة جديدة للغة جديدة وكان الشعر يدعو للثورة فيكتب عبد المقصود عبد الكريم :
نفتش عن لغة تنشر الريح جثتها في الحناجر.. عن كلمة لم تثر شهوة في ذكور البلاغة .. انها لغة ترفض كل شئ حتي الذات نفسها
ويقول حلمي سالم: اعطني شعرا عنيفاً.. اعطني لحناً كثيفاً
ويقول حسن طلب وتبدأ لغة جديدة فما ملامحها؟ اللغة الجديدة: أن لغة تكونت.. أن شعبا ابتدا
ويتحدث فاروق شوشة:
باسم الشهداء..
باسم شباب الوطن الشرفاء
أنبل من أنجبهم هذا الوطن الشرفاء
أنبل من أنجبهم هذا الوطن الغالي من أبناء
كما يتحدث عما يعانيه الشعب فيقول من اجل الشعب الجائع والعاري.. والمطحونين الفقراء.. والممرورين التعساء.. والمنبوذين الأجراء.. والمسجونين بلا ذنب.
الفن والأيديولوجيا
وتوضح د. مني طلبة ورقتها البحثية التي تحمل عنوان الفن في مواجهة الأيديولوجيا..ما زال الصراع قائما بين الفن والايديولوجيا، ومحل بحث من الجرافيتي، للثورة الضاحكة للتعليقات الساخرة، والابداع الفني المتمثل في الشعر والاغاني الي اخره، وهذا ملمح خاص بالثورة المصرية وهؤلاء الشباب الذين فجروا الثورة كانت أساسها إبداعا، وتوضح د. مني فكرة الأيديولوجيا بأنها عبارة عن جبهتين، وهي السلطة العسكرية والسلطة الدينية، وكل سلطة لها نفق من الأفكار يطمح الي كتلة أو جماعة تنتمي لأفكار معينة، ولها هوية تخصها، الأيديولوجيا هامة للمجتمع ولابد للمجتمع أن تكون له ايديولوجيا ينتمي إليها أفراد المجتمع، لكن من ناحية أخري تلك الأيديولوجيا تقوم علي تصور وهمي وتفرضه علي هذا المجتمع، وهذا يجعل الأيدولوجيا مسيسه في أحيان كثير وتضع الناقدين لها في خندق المحاربين لها، واقصد هنا يوتوبيا الشباب والصراع القائم مع السلطتين، اليوتوبيا تقدم الممكنات الصامته الكامنة في الواقع وصوتها خافت، لكنها تميل للإبداع والتغيير، وهي تقوم علي الفن والاستعارات الفنية والتصور المختلف للغة، وهي نوع من المحاولة لتتحدث عن الذات لتفشي كل أسرارها وطاقتها الممكنة، وإذا تحدثنا عن اليوتوبيا الفنية في الثورة المصرية، نأخذ مثالا وهو شعر الثورة، وسردت د. مني عناوين لدواوين معبرة عن الثورة الحلم، التاريخ، خارطة جديدة للبلاد، الموت وفضائل الموت، الامتداد اللانهائي، البطولة للكتلة وللحركة في الكتلة، وكتابات عديدة عن المسيحيين، وكتابات تمثل الاعتدال للإيمان، والكم الهائل من القصائد لأسماء أبطال عاديين بسطاء .. لكن الحلم لكل القصائد هو حلم كامن لكنه يتحقق.
شروق وغروب
ويقدم د. محمد سلامة ورقة بحثية بعنوان: الأنا سر شروق الديوان وسر غروبها وهي مدرسة نقدية يرجع لها الفضل في تحريك الراكد، ووضع تجديد شعري ليحول وجه الشعر الي الرومانسية بكل زخمها الوجداني العاطفي والخيالي الجامح والتعبير عن النفس البشرية بكل تناقضاتها.. ولها أعلامها الثلاثة شكري ، والعقاد ، والمازنيس قواعده البارودي بمحاكاة شعر الأقدمين جاهليين وأمويين وعباسيينوتابعه في هذا الاطار كوكبة من أعلام الشعر في العصر الحديث مثل: اسماعيل صبري ، وعائشة التيمورية، وشوقي وحافظ، ومعهما محمد عبد المطلب وأحمد محرم وتوفيق البكري، وغيرهم الكثير.
لكن السر يكمن في الأنا والرغبة في التمرد فهمي التي دفعتهم الي التمرد علي النمط الشعري السائد شعر مدرسة الاحياء وإحداث ثورة فيه فأظهرتهم واشتهرت آراؤهم، وهي في الوقت نفسه التي دفعت بوصلتهم ناحية الغروب وتجلي مظهره في انحسار دورهم، وعدم تواصل الأجيال الملاحقة معهم، بالقدر الذي حازته جماعة أبوللو التي تواصل إبداعها فيما تلاها من أجيال.
كاترين بوجاياي
المتحدثة باسم اليونسكو:
جئنا إلي مصر نبحث عن الحقيقة
د. سعيد توفيق :
كل إبداع هو ثورة
حاجتنا الآن أكثر
إلي الشعر والشعراء
في عصر العلم والعولمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.