منذ أكثر من شهر، وأثناء ندوة مناقشة كتابي »نجيب محفوظ بختم النسر»، أثار الكاتب الكبير محمد سلماوي، موضوع تأخر افتتاح متحف نجيب محفوظ، الذي أعلن عنه منذ عام 2006، واتهم وزراء الثقافة -طيلة هذه المدة- بالتقاعس في افتتاح هذا المتحف الهام، وكان من بين المتواجدين الدكتور شاكر عبد الحميد وزير الثقافة السابق، الذي أوضح أن الأمر لدي بعض الوزراء ليس فيه تقصير، قياسا علي المدة التي قضوها، لاسيما أن بعضهم مكث شهورا قليلة في منصب الوزير، وأضاف أن مكان الاختيار لم يكن هو الأنسب لمثل هذا المشروع الثقافي الهام. منذ أكثر من عام كتبت موضوعا في ذكري ميلاد نجيب محفوظ كان عنوانه »علي مدي 11 عاما..وزراء الثقافة لم يحرمونا من هذا السؤال: أين متحف نجيب محفوظ؟»، ويبدو أن د. إيناس عبد الدايم قررت أن تجيب عن هذا السؤال في القريب العاجل. فبعد ما أثير في الندوة عن متحف محفوظ، اتصلت بالدكتور فتحي عبد الوهاب رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية، لأسأله عن آخر التطورات، طلب أن أزور المتحف لكي أجيب بنفسي عن سؤالي، ومؤخرا زرت الموقع، فوجدت أن الفنان كريم الشابوري قد انتهي بالفعل من سيناريو العرض المتحفي، الذي سيقدم فيه مسيرة وسيرة محفوظ من خلال القاعات العديدة، التي ستضم بين جنباتها تاريخ الحائز علي نوبل في الآداب، وأنه بالفعل تم وضع المقتنيات في فتارين العرض، وشاهدت قلادة النيل التي منحها الرئيس الأسبق حسني مبارك لنجيب محفوظ، وبجوارها براءة المنح، كما وجدت طاقم الأقلام الذي أهداه توفيق الحكيم، لصاحب الثلاثية بمناسبة عيد ميلاده، بالإضافة إلي التكريمات المختلفة التي نالها محفوظ خلال مشواره الإبداعي، ومنها الجوائز المختلفة التي حصل عليها. كما رأيت القاعات التي خصصت لمؤلفات نجيب محفوظ بطباعاتها المتعددة، وهنا لابد من توجيه الشكر للأستاذ وليد العوضي مسئول المكتبات بصندوق التنمية الثقافية، الذي استطاع بخبراته وعميق ثقافته أن يصل إلي طبعات نادرة، كما وفر مجموعة ضخمة من الإصدارات التي تناولت أعمال صاحب المتحف، ومن بينها الدوريات، لاسيما الأعداد المختلفة من دورية نجيب محفوظ، التي تصدر بالتعاون بين مركز نجيب محفوظ والمجلس الأعلي للثقافة، ويرأس تحريرها الصديق والناقد المتميز والعاشق لنجيب، الدكتور حسين حمودة، الذي قدم عنه العديد من الدراسات الهامة، وهنا أتذكر أن أول لقاء لي بالدكتور حسين كان في مكتب نجيب محفوظ بالأهرام في التسعينيات، وذلك عندما طلب مني الراحل الكبير الأستاذ جمال الغيطاني، أن أحضر هذا اللقاء، لأكتب خبرا عنه لأخبار الأدب، وكان حوارا عميقا بين الاثنين نشر في مجلة فصول. ما أسعدني -أيضا- أنني وجدت قاعات ستخصص لأنشطة ولقاءات ثقافية متعلقة بمحفوظ وإبداعاته أو بقضايا ثقافية وفنية عامة، كذلك شاهدت المكتبة العامة في الدور الأرضي للمتحف، التي ستكون متنفسا هاما لهذه المنطقة، التي حرمت طويلا من مثل هذه الخدمات، فهذه المكتبة ستكون إضافة هامة ومؤثرة لهذا المتحف، الذي ساهم -أيضا- في تطوير المنطقة التي يقع فيها، فقد شاهدت السور الذي سيتم تزيينه بلوحات جدارية في الفترة القادمة، ليحدث تناسقا بينه وبين المتحف، ويتم ذلك تحت إشراف جهاز التنسيق الحضاري برئاسة المهندس محمد أبوسعده، الذي انطلق بالجهاز خطوات للأمام، سنتوقف عندها فيما بعد. متحف نجيب محفوظ أصبح وشيكا جدا من الافتتاح، وينتظر التحديد المناسب له من قبل د. إيناس عبد الدايم وزير الثقافة.