ألقاها من البلكونة .. ونفت عنه التهمة أمام النيابة واقعة غريبة تتجلي فيها كل معاني العقوق والجحود من جانب الابن الذي لم يراع حق الام وحرمة الشهر الفضيل وألقى أمه من البلكونه بسبب رفضها منحه نقود لشراء السموم التي يتعاطاها. وفي مقابل هذا الجحود والعقوق تتجلى قيم الرحمة والتسامح من الام التي رفضت اتهام الابن بإلقائها من البلكونة وأقرت بالقائها نفسها لتبرئه من الجريمة تفاصيل تلك القصة ترويها السطور التالية. فصول القصة بدأت هناك، في بيت بسيط، بإحدى قرى مركز طلخا، بمحافظة الدقهلية،حيث تعيش "شهيدة" تلك السيدة التي تبلغ من العمر 59 عامًا، مع ابنها الوحيد "أحمد"، بعدما تزوجت بناتها، تحملت تلك الأم ما لم يتحمله بشر، عاشت عمرها كله في تربية ابنها الوحيد، حيث كانت تأمل بأن يكون سندها. بعد وفاة زوجها منذ أكثر من عامين، تبدلت أحوال ابنها، واصطدمت بالواقع الأليم، وتحطمت كافة أحلامها، حيث ظل يتعدى عليها بالضرب يوميًا، لدرجة أنها تنازلت عن شقتها له، هذا حسب ما رواه لنا أقارب تلك السيدة المسكينة، فلكم أن تتخيلوا الموت البطيء الذي تتعرض له تلك السيدة، والذي انتهى بإلقائها من بلكونة منزلها، ولكن أنقذتها عناية السماء. سقوط عقارب الساعة كانت تشير للسادسة مساء، قبل انطلاق مدفع الإفطار بدقائق، حدثت مشاجرة بين أحمد ووالدته انتهت بسقوطها من أعلى شرفة شقتها. صوت ارتطامها بالأرض كان كفيلًا بأن يفزع قلوب الأهالي، ليخرجوا مهرولين ليروا ما يحدث، الجميع أصيب بالصاعقة.. الأم المسكينة "شهيدة" ملقاة على الأرض. لم يبذل الناس جهدًا في معرفة الفاعل، فصوت المشاجرة بينها وبين ابنها كان عاليًا. على الفور أخذها الأهالي وذهبوا بها لمستشفى المنصورة الدولي لإنقاذها، وتم إبلاغ الشرطة، التي جاءت وقبضت على الابن، وأكد شهود العيان أنه وراء ذلك نظرًا لمشاكله المتعددة وتعديه المتكرر على والدته. انتقلت "أخبار الحوادث" لمحافظة الدقهلية، لمعرفة حقيقة القصة وملابساتها، والتي تؤكد أننا أصبحنا في زمن العجائب، زمن ماتت فيه المشاعر وتبدلت الأحوال .. وهناك سمعنا روايتين. الرواية الأولى التقينا بأحد أقارب الام المجني عليها، وأخذ يحكي لنا بنبرة صوت يعتليها الحزن، عن مأساة تلك السيدة، فقال: "شهيدة أفنت عمرها كله في تربية أولادها، وكان جزاء إحسانها، هو أن يلقيها ابنها من البلكونة، فهو دائمًا ما يختلق المشاكل معها، و يتعدى عليها بالضرب، لدرجة أنه كسر يدها قبل ذلك، وقبل الحادث بما يقرب من شهرين، تعدى عليها ورفع السكين في وجهها، الأمر الذي جعلها تترك البيت، وتذهب عند شقيقتها، ولكننا قررنا عقد صلح بينهما بمناسبة شهر رمضان، وها هو لم يمر أسبوعين، حتى فوجئنا بقصة إلقائها من البلكونة". وأضاف قائلًا: "في البداية عندما سألها رئيس المباحث عما حدث؛ قالت أنه دائمًا ما يحبسها ويتعدى عليها بالضرب، وطلب منها إعطاءه مبلغ من المال لدخوله مشروع، وعندما رفضت ظل يضربها وألقى بها من البلكونة، ولكن في اليوم الثاني غيرت أقوالها وقالت أنها هي من ألقت بنفسها". وتسأل متعجبًا: "كيف تلقي بنفسها وهي تستند على عكاز، غير أن سور البلكونة يتعدى المتر؟!، ولكن في كلتا الحالتين سواءهو من ألقاها أو هي من ألقت بنفسها، فالسبب واحد،وهو ابنها، وها هي ستصبح عاجزة باقي حياتها، فنتيجة ما حدث هو كسر في فقرات عمودها الفقري، ولا أعرف لماذا غيرت كلامها؟! ربما قلب الام". الرواية الثانية وعلى النقيض تمامًا نفت ابنتها أن شقيقها شرع في قتل والدتهما؛ حيث التقينا بها، وبدت ملامح العصبية والغيظ تظهر على وجهها، فقالت: "هذا الحديث مجرد افتراء على شقيقي، فهو لم يلق بوالدتي، كما يزعم الناس، حيث لم يكن متواجدًا في الشقة في ذلك الوقت، وإنما ما حدث هو أن والدتي اختل توازنها وسقطت من البلكونة، وهى اعترفت بذلك في محضر رسمي، وليس عندي كلام آخر من الممكن قوله". التحريات تلقى مركز شرطة طلخا، بلاغًا يفيد سقوط سيدة من الدور الثاني، بعد أن ألقاها نجلها منه بعد مشادة كلامية بينهما .. على الفور انتقل رجال المباحث لمحل الواقعة، وبالفحص تبين قيام "أحمد. إ"، 25عامًا،عامل،بإلقاء والدته "شهيدة. ا"، 59عامًا،ربة منزل، من بلكونة منزلهما بعد نشوب مشادة كلامية بينهما، لتحدث الأم مع جيرانها بصوت عال أثناء نومه، فقام بإلقائها، وتم نقلها إلى مستشفى المنصورة الدولي، وأفاد التقرير بإصابتها بكسر في العمود الفقري. تمكن رجال المباحث من القبض على المتهم، وبمواجهته اعترف بصحة الواقعة، وتحرر عن ذلك المحضر اللازم، وتولت النيابة التحقيق، ولكن بعد ذلك أنكرت الأم التهمة عن ابنها، واعترفت بأنها هي من ألقت بنفسها، وبناء على ذلك ، أمرت النيابة بحبس المتهم أربعة أيام على ذمة التحقيقات.