كان المبني رقم 5 في شارع أحمد حشمت بالزمالك، هو مقر استضافة الزعيم الافريقي في اولي زياراته الي مصر عام 1961. حيث كان هذا مقر الجمعية الأفريقية والتي أطلق عليها الدبلوماسيون والطلبة الأفارقة في مصر اسم »بيت أفريقيا». حيث أنشأها بعض المثقفين وأساتذة الجامعات والدبلوماسيين المصريين عام 1956 كصالون ثقافي وملتقي فكري للمهتمين بالشأن الأفريقي في مصر. وقد ضمت هذه الجمعية في نهاية الخمسينيات مكاتب 29 حركة تحرر أفريقية من دول شرق وغرب وجنوب القارة والتي قدمت لها مصر كل أنواع الدعم المادي والإعلامي والسياسي في المحافل الدولية وانطلقت منها أصوات الحرية. ومن هنا كان المكان القبلة الذي توجه له مانديلا حيث استضاف المبني ايضاً المكتب الذي افتتحه المناضل الافريقي لحزبه المؤتمر الوطني والذي سعي من خلاله لقيادة النضال لإنهاء نظام التمييز العنصري في بلاده جنوب أفريقيا. ومن أجل هذا الهدف، ومن أجل الوصول لقلعة الحريات في القارة السمراء اضطر مانديلا الي المشي قرابة الشهرين علي قدميه من بلاده وحتي جنوب السودان ، لأن اسمه كان مُدرجاً علي قوائم المطلوبين في المطارات والمعابر. ومن جنوب السودان استقل منديلا طائرة إلي مصر، حيث استقبله السفير محمد عبد الغفار، السفير فوق العادة لدي منظمة حركة التحرير الأفريقي. وقد كانت هذه الزيارة التي تمت عام 1961 ، سرية وبالتنسيق مع اعلي المستويات في الدولة والرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ومحمد فايق وزير الإرشاد القومي (الإعلام) في ذلك الوقت، والذي كان يلعب دوراً كبيرا في التعامل السياسي والإعلامي مع حركات التحرر الأفريقية. وقد أمضي الزعيم الراحل نيلسون مانديلا، في مصر ما يقرب من عام كامل ، حفرت داخله عشق خاص للدولة ذات الفضل الكبير في تحرير أكثر من دولة أفريقية من الاستعمار والتمييز العنصري، لذلك ظلت مصر ايقونة في خيال الزعيم الأفريقي الكبير ، الذي حرص علي ان تكون القاهرة وجهة له وهو »فار طريد» في الستينيات وايضاً وهو »حر طليق» في التسعينيات ، واخيراً وهو زعيم ورئيس. لم تنس مصر مانديلا منذ رحيله وظل ماثلاً في مخيلة كل محبي الحرية واستقلال افريقيا وكان ذلك ظاهراً حينما قام الرئيس عبدالفتاح السيسي في منتدي شباب العالم بشرم الشيخ العام الماضي، بتكريم زندو مانديلا، حفيد زعيم جنوب افريقيا الراحل، لتكون خير تتمة لتاريخ طويل ومشرف ربط تلك العائلة العظيمة بمصر. كما شارك الرئيس عبدالفتاح السيسي في قمة نيلسون مانديلا للسلام أمام الأممالمتحدة وكان له كلمة مهمة أكد فيها علي رمزية نضال مانديلا وأن اسمه تحول الي رمز لتطلع الانسان في افريقيا والعالم لقيم الحرية والعدل والمساواة. وطالب الرئيس السيسي العالم بالتعاون للحفاظ علي قيم التسامح والاحترام المتبادل وتفهم وقبول الآخر وهي القيم التي خلدتها سيرة مانديلا لتكون نبراساً للعمل الدولي متعدد الأطراف.