كان الوزير أحمد أبو الغيط إبان توليه منصب وزير الخارجية، يحلم دائماً بأن يري مثلث ماسبيرو قطعة من أوربا، وأن تختفي العشش والعشوائيات وتحل محلها متنزهات ومنطقة تجارية وسياحية وحضارية، تكون عنواناً للقاهرة الجميلة، التي أرهقها الازدحام وسوء التخطيط. وزارة الخارجية تطل علي مثلث ماسبيرو، والوزير أبو الغيط كان دائماً يصطحب بعض أصدقائه لإلقاء نظرة علي المكان، من الأدوار العليا التي تقع فيها استراحة الوزارة، ويشرح لهم حلمه بأن يري القاهرة أجمل مدينة في العالم. بالفعل منظر مثلث ماسبيرو من الأدوار العليا كان مفزعاً، وكأنك تراه من شباك طائرة، شوارع وحواري صغيرة تتلوي مثل الثعابين، وعشش متهالكة وأكوام من الزبالة، وأكشاك وعربات أطعمة تسد الحواري، وبجوار المنطقة مبني التليفزيون، الذي هبت عليه رياح المثلث. ما ذنب النيل العظيم والكورنيش أن تكون علي ضفته حفرة من جهنم؟، وأيضاً ما ذنب سكان المثلث أنفسهم، الذين يقطنون في أغلي متر أرض في مصر كلها، بينما يعيشون حياة غير آدمية، مليئة بالأمراض والأوبئة، في صفيحة زبالة، يعلوها الصدأ والعفن، ولا تدخلها الشمس ولا الهواء. كان ضرورياً بفعل الزمن ومتطلبات الحياة، أن تدخل البلدوزرات مثلث ماسبيرو، لإزالة الورم الخبيث الذي يشوه وجه العاصمة، والأهم هو إراحة السكان ونقلهم إلي مساكن بديلة بموافقتهم، أو دفع تعويضات عادلة، ولم نسمع أو نقرأ عن مظالم كبيرة في عمليات الإخلاء والتعويض. حلم الوزير أحمد أبو الغيط يتحقق الآن، وبدأ العمل بهمة ونشاط في مثلث ماسبيرو، والمهم ألا يكون التطوير علي حساب أحد أو ظلم أحد، وأن تسود العدالة المطلقة في تخطيط المكان وعدم احتكار النيل، وإعادته جميلاً رائعاً في المنطقة المطلة علي الكورنيش. القاهرة تتغير وتتجمل، وعندما تنتقل الوزارات إلي العاصمة الإدارية الجديدة، ستتنفس الصعداء، خصوصاً مناطق التحرير وضريح سعد وقصر العيني ومجلس النواب والوزراء.. لتعود مدينة حالمة وهادئة، مثل التي نراها أحياناً في أفلام الأبيض والأسود. سألني المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء السابق ذات مرة: ما هي الجريدة الاقتصادية اليومية التي تصدر في مصر؟.. لم أستطع الإجابة.. وأضاف: فاينانشيال تايمز تقدم وصفاً تفصيلياً لما يحدث في العالم من أحداث اقتصادية، بجانب أسواق العملات والبضائع والبترول والمعادن وغيرها. أضاف: البورصة تصعد وتهبط بالمليارات، دون أن نقرأ مقالاً تحليلياً يفسر ما يحدث، والاقتصاد المصري تحدث فيه تغيرات هائلة، دون أن تصاحبه صحافة أو إعلام يواكب ما يحدث. المهندس شريف إسماعيل عنده حق، فالصحف متشابهة، وكأننا نقرأ أخبارا وموضوعات مضي عليها يومان أو ثلاثة أو جريدة واحدة بطبعات مختلفة.. وبعد ذلك نسأل: لماذا انصرف القراء عن الصحف ؟ ولهذا الحديث المهم بقية. باسم مرسي علي درب شيكابالا. الموهبة لا تكفي.. شيكابالا كان يمكن أن يكون محمد صلاح، ولكنه ضل الطريق، وباسم كان هدافاً خارقاً في صفوف الأبيض، فضاع في زحام سموحة.. والنهايات واحدة.