استقرار أسعار الخضراوات وانخفاض سعر البصل بالفيوم    قتلى وجرحى.. كتائب القسام تعلن استهداف ناقلة جند إسرائيلية في جباليا    الأهلي يواجه الترجي بالزي الأسود في نهائي دوري أبطال إفريقيا    ضبط 38 كيلو دجاج غير صالحة للاستهلاك الآدمي بمطعم بالفيوم    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة زينب (بث مباشر)    وزير التنمية المحلية: 426 مليون جنيه إجمالي مبيعات مبادرة سند الخير خلال 100 أسبوع    وزيرة التعاون تتابع مع البنك الدولي الانتهاء من برنامج تمويل سياسات الإصلاحات الهيكلية    تجديد تكليف مى فريد مديرًا تنفيذيًا للتأمين الصحى الشامل    طلعت: إنشاء قوائم بيضاء لشركات التصميم الالكتروني لتسهيل استيراد المكونات    البيئة: بعثة البنك الدولي تواصل مناقشة نتائج تقييم ممارسات إدارة مخلفات الرعاية الصحية بالمستشفيات الجامعية    العقارات تتصدر القطاعات الأكثر تداولا بالبورصة بنهاية تعاملات الأسبوع    20 جامعة مصرية ضمن أفضل 2000 جامعة على مستوى العالم    مواجهة بين نتنياهو وبن غفير بالكابينت بشأن مساعدات غزة    رسائل السيسي للعالم لوقف إطلاق النار في غزة ورفض التهجير    سموتريتش: السيطرة على غزة ستضمن أمن إسرائيل    الأمريكية للتنمية الدولية تقدم منحا دراسية لطلاب الثانوية العامة    "عايزين زيزو وفتوح".. سيد عبد الحفيظ يقدم عرضا مفاجئا لأحمد سليمان    تقرير: الأمور تشتعل.. لابورتا يدرس إقالة تشافي لسببين    التنظيم والإدارة: 59901 متقدم لمسابقة شغل وظائف معلم مساعد مادة    بالصور- حريق يلتهم منزلين في سوهاج    لعدم تركيب الملصق الإلكتروني .. سحب 1438 رخصة قيادة في 24 ساعة    "ضبط 34 طنًا من الدقيق في حملات تموينية.. الداخلية تواصل محاربة التلاعب بأسعار الخبز"    الإدارة العامة للمرور: ضبط 12839 مخالفة مرورية متنوعة    «جمارك الطرود البريدية» تضبط محاولة تهريب كمية من أقراص الترامادول    خمسة معارض ضمن فعاليات الدورة الثانية لمهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    عيد ميلاد عادل إمام.. قصة الزعيم الذي تربع على عرش الكوميديا    جوري بكر تعلن انفصالها عن زوجها: تحملت اللي مفيش جبل يتحمله    بشهادة عمه.. طارق الشناوي يدافع عن "وطنية" أم كلثوم    "الإفتاء" توضح كيفية تحديد ساعة الإجابة في يوم الجمعة    في يوم الجمعة.. 4 معلومات مهمة عن قراءة سورة الكهف يجب أن تعرفها    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان موقع إنشاء مستشفى القوصية الجديد (صور)    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان موقع إنشاء مستشفى القوصية المركزي الجديد    ابتعد عن هذه الفواكه للحفاظ على أسنانك    أحمد السقا عن أصعب مشهد بفيلم «السرب»: قنبلة انفجرت حولي وخرجت سليم    روسيا: مستعدون لتوسيع تقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة    ليفربول يُعلن رحيل جويل ماتيب    مواعيد مباريات الجمعة 17 مايو.. القمة في كرة اليد ودربي الرياض    تأهل هانيا الحمامي لنصف نهائي بطولة العالم للإسكواش    رضا البحراوي يتصدر تريند اليوتيوب ب «أنا الوحش ومبريحش» (فيديو)    برنامج للأنشطة الصيفية في متحف الطفل    في 5 دقائق.. طريقة تحضير ساندويتش الجبنة الرومي    مرور مفاجئ لفريق التفتيش الصيدلي على الوحدات الصحية ببني سويف    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 17 مايو 2024 والقنوات الناقلة    سعر الدينار الكويتي اليوم الجمعة 17-5-2024 مقابل الجنيه المصري بالبنوك    «الأوقاف» تعلن افتتاح 12 مسجدا منها 7 إحلالا وتجديدا و5 صيانة وتطويرا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-5-2024 في المنيا    الاغتسال والتطيب الأبرز.. ما هي سنن يوم «الجمعة»؟    جيش الاحتلال: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان وانفجار أخرى في الجليل الغربي    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة.. غدا    حدث ليلا.. أمريكا تتخلى عن إسرائيل وتل أبيب في رعب بسبب مصر وولايات أمريكية مٌعرضة للغرق.. عاجل    النواب الأمريكي يقر مشروع قانون يجبر بايدن على إمداد إسرائيل بالأسلحة دون انقطاع    هانئ مباشر يكتب: تصنيف الجامعات!    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتحار رئيسة اتحاد الشاغلين
نشر في أخبار الأدب يوم 01 - 03 - 2019

استيقظت قبل الفجر علي وقع أقدام، أصوات، همهمات، تأتي من ناحية صالة شقتها. اعتقدت لوهلة إنها تحلم، تكورت تحت الأغطية في وضع جنيني، وضعت الوسادة علي رأسها وعاودت النوم. صوت أجش حمله الأثير عبر الطرقة الطويلة إلي غرفتها، اخترق الوسادة و رشق في أذنها الداخلية محدثا صفيرا متصلا جعلها تنتفض جالسة. خرجت من فراشها بصعوبة، تدثرت بروبها الازرق الثقيل، ألقت علي رأسها بشالها الصوفي البيج وأسدلته علي كتفيها. عكست مرآة الصوان العتيق وجها شاحبا كالموت، وكانت عيناها المنطفأتان مذعورتين. انتزعتها من تأملها لهيئتها تصاعد الأصوات. تأكدت من انبعاثها من الصالة. انتعلت خفيها الجلديين الرقيقين المجلوبين من المغرب. خرجت بخفة من الغرفة، تسحبت في الطرقة وهي تكتم أنفاسها، توقفت عند باب المطبخ ساندة ظهرها إليه، متخفية بالظلمة. شاهدت جمعا غفيرا من الناس. عشرة، عشرون، ثلاثون. تعرفت علي بعضهم، جارتها الفك المفترس قاطنة الدور الثالث؛ الجرذ العفن تاجر الانتيكات ساكن الدور السابع؛ البارمان الأرمل ذو الخدود المترهلة، في السادس؛ حسن طلب المغلوب علي أمره، تاجر اللوحات الكهربائية للمصاعد، الدور الاول، الثعلب المراوغ الذي يشبه سالم الإخشيدي في فيلم القاهرة .3 لصلاح أبو سيف، في الأول، جارتها في الخامس، مؤلفة المسرحيات العبثية. هالها وجود عواطف مديرة منزلها وسطهم تضايفهم بالشاي والقهوة والمرطبات. كان حديثهم يدور حول رئيسة اتحاد الشاغلين الجديدة التي تحاول أن تفرض عليهم دفع مصاريف الصيانة . جاءوا للتخلص منها. كانوا قد انتهوا من الاقتراع علي وسائل القضاء عليها. حصل اقتراح إلقائها من الدور الخامس علي أعلي نسبة تصويت . سيبدو الأمر كإنه حادث انتحار. عادت إلي غرفتها، خلعت ملابس النوم، ارتدت ملابس رياضية سوداء، أخفت رأسها ووجهها بكاجول من نفس اللون، فتحت الصوان، أخرجت حزامها الناسف الأسود المرصع بأحجار من المرجان و التركواز، وضعته حول خصرها، وثبت إلي الصالة في قفزتين واسعتين في الطرقة الطويلة، ثم في قفزة ثالثةً كادت رأسها خلالها تلامس السقف السامق، حطت علي الطاولة الواطئة التي يتحلقون حولها و هي تطلق صرخة مزلزلة. لم تعطهم فرصة للهلع، ضغطت علي الزر الماسي لحزامها، انفجر و تشظي في صورة أكمة وحبال انطلقت تجاه المتأمرين. في نفس اللحظة ظهر عند مداخل الصالة ثلاثين شرطية من سلاح مكافحة السكان المستنطعة، استدعتهم من تلفونها المحمول. أنزلتهم المروحيات في شرفات المنزل الثلاث. شللن حركة المتآمرون، وضعن الأكمة علي أفواههم، و قيدن أيديهم بالحبال خلف ظهورهم. اقتادوهم إلي المروحيات، حملتهم إلي المعسكر المنشأ حديثا في الصحراء لإصلاح وتهذيب المتهربين من دفع صيانة البنايات القديمة. وضعتهم في عنبر وسط البلد.
عادت إلي دفئ فراشها، استلقت علي ظهرها شاخصة إلي السقف تشاهد الإنجازات التي تتساقط منه. هاهي المناور وسلالم السرفيس في ثوبها الجديد عادت إلي رونقها بعد إزالة القمامة. توسطت الحوش السماوي للمدخل نافورة دقيقة التصميم، واستعاد بلاطه الحجري الأساسي، جددت كابينة المصعد الخشبية طبقا للأصل، و ….
أفاقت من أخيلتها علي صوت فتح وإغلاق باب الشقة، تلاه إطلالة وجه عواطف المضطرب من فتحة باب غرفتها الموارب
-صباح الخير يا دكتورة
-صباح النور يا عواطف
-فيه شرطية، واقفة في الصالة عايزة تشوفك
-خير يا عواطف
- بتقول إنها من شرطة مكافحة رئيسات اتحاد الشاغلين و معاها إذن للقبض عليكي
- يعني إيه، أنا؟ دول لسه من شوية مرحلين السكان اللي مش بيدفعوا الصيانة في معسكر خاص
- سلام قول من رب رحيم، دول كلهم واقفين تحت قدام العمارة يا دكتورة
قبل أن تستوعب ما قالته عواطف، كانت الشرطية فوق رأسها، تلوح بإذن القبض عليها، اثر شكوي قدمت ضدها من الشاغلين، لتهديدها لهم بالقتل، علي حد قولها، لتقاعسهم عن تسديد مصاريف الصيانة. أمرتها بالانصياع بدون مقاومة أو حتي محاولة الاتصال بمحاميها، والإسراع في ارتداء ملابسها، وتجهيز حقيبة بها حواجئها من أجل إقامة لا تعلم مداها. نفذت الأوامر، مهزومة، كسيرة الفؤاد. تبعتها، نزلوا سويا علي الدرج حيث كان المصعد معطل. في الخارج كانت عربة الشرطة في انتظارهم، محاطة بجموع الشاغليين. كان لهم نفس الوجه، ترتسم عليه علامات النصر و التشفي، ثغورهم مفتوحة علي أسنان جارحة كالحيوانات المفترسة؛ مسحت بنظرها وجوههم المقيتة ، من خلال الزجاج الخلفي للسيارة أثناء ابتعادها. بكت حين لمحت بينهم، جارتها المريضة، طالما ساعدتها و عاودتها في محنتها… و رفيقها مسؤول الحسابات. فقط كان حارس العقار منكس الرأس، لا يقوي علي النظر إليها، لكنه تجرأ في النهاية بعد إقلاع الحافلة و أخذ يهتف: ياظلمة. تكالبوا عليه، طرحوه أرضا، تكاثروا حوله و هم يركلوه في كل أجزاء جسده. ..
أقضي ما تبقي لي من عمر، أسابيع، شهور، سنوات… في معسكر يضم رئيسات اتحاد الشاغلين في مصر المحروسة، لتهذيبهن وإصلاحهن كي تكففن عن المطالبة بدفع مصاريف الصيانة. التقيت فيه بزميلات قدامي في المدرسة و الجامعة.سعدنا بوجودنا معا، وقررنا البقاء في هذا المكان، بمحض إرادتنا.
في كل الصباحات، ننسج أثوابا من أحلامنا لتحسين بناياتنا. نرتديها ونختال بها و نحن نتراقص منتشيات. نفككها في كل المساءات . نعيد نسجها من جديد. انتظارا لمجئ أوليس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.