ربما قضية التأكيد علي فلسطينيةالقدس، وعروبتها، ليست بالجديدة، لكننا نحتاج في كل حدث ثقافي أن نستدعيها، ونؤكد عليها. وهو ما فعله معرض الكتاب هذا العام. إذ شهدت قاعة ضيف الشرف حديثاً جاداً حولها، وذلك من خلال ندوتين، الأولي تناولت القضية من وجهة النظر التوراتية، حيث شارك فيها كل من السفير سعيد أبو علي الأمين العام المساعد بجامعة الدول العربية لشئون فلسطين، والدكتورة دعاء الشريف الخبيرة في علم الآثار التوراتي. استعرض السفير أبو علي في البداية تاريخ مدينة القدس وما تتعرض له من انتهاكات علي يد العدو الإسرائيلي منذ نكبة 48، مروراً بنكسة 67، واتفاقية أوسلو. وأيضاً ما تعرض له المسجد الأقصي وكنيسة القيامة خلال العام الماضي من عمليات إغلاق ومنع المصلين الفلسطينيين من الدخول. إذ قال إن إسرائيل تحاول جاهدة منذ سنوات عدة تهويد القدس، عبر وسائل عديدة، من بينها سعيها إلي تفريغ المدينة من سكانها الأصليين، وهو ما يقاومه الفلسطينيون ببسالة، فجميعنا شاهد مقاومتهم هناك، وتضحيتهم بأرواحهم من أجل القدس، ولعل إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن القدس عاصمة إسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إلي القدس، رغماً عن الفلسطينيين، والشعوب المتضامنة مع القضية، يوضح حجم المؤامرة التي تتعرض لها القدس. مضيفاً أن »إسرائيل استغلت هذا الإعلان إذ قامت بالترويج له في وسائل إعلامها، وفي الإعلام الغربي الداعم لها، حتي كاد العالم أن يصدق أن القدس عاصمة إسرائيل. بجانب أنها قامت بدعم علاقتها مع عدد من الدول العربية من أجل ضمان عدم معارضة هذه الدول لسياساتها في فلسطين. لذا بإمكاني أن أقول إن صفقة القرن بدأت في الاتضاح رويداً رويداً». بينما قدمت الدكتورة دعاء الشريف عرضا تفصيليا لتاريخ مدينة القدس من خلال التوراة، والوثائق والمخطوطات، التي تؤكد أن إسرائيل كما هو المعروف استغلت الأساطير الصهيونية لاحتلال فلسطين، لكن المشكلة أن الفلسطينيين ومعهم العرب لم ينجحوا كل هذه العقود في الرد علي الإدعاءات الإسرائيلية، حتي صار العالم ينحاز إلي ما تقوله إسرائيل، وهذا لا يعني أننا سكتنا، لكن ساهمنا بشكل أو بآخر في تضييع الأرض والقضية. وأشارت إلي أنها مكثت علي مدار سنوات طويلة تحاول أن تفند التضارب والتناقض في النصوص التوراتية، فيما يتعلق بقضية الهيكل المزعوم، إذ ورد في بعض الأسفار أن الله أمر داود بإنشاء مذبح متنقل من تراب وليس هيكل، كما أنه لم يحدد مكان الهيكل. وهو ما جعلها تقول إن أسطورة الهيكل لا أساس لها من الصحة، وكل ما تروج له إسرائيل كاذب وغير صحيح. أما الندوة الثانية فكانت بعنوان (القضية الفلسطينية والتحديات الراهنة) والتي شارك فيها السفير الفلسطيني لدي مصر دياب اللوح الذي قال إن كلا من الطرفين الفلسطيني والمصري لم يتلقيا أي معلومات عن صفقة القرن المزعومة، وأن دونالد ترامب خدع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فبعد أقل من أسبوعين من آخر لقاء جمعهما، فوجئ العالم بقرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلي القدس، رغم أنه لم يناقش هذا مع محمود عباس في الأربعة لقاءات التي جمعته به، لم يناقش غير حل الدولتين والرجوع إلي حدود عام 67، وعندما طرح مبدأ تبادل الأراضي، قال الرئيس الفلسطيني إنه لا مانع لديه، بشرط أن يكون علي نفس القدر والقيمة. وأضاف أن القدس الآن هي عنوان الصراع مع إسرائيل، ورغم ما يواجهه الفلسطينيون هناك من انتهاكات واعتداءات إلا أن السلطة رفضت تماماً مبدأ الأرض مقابل السلام، فالقدس ستظل عاصمة دولة فلسطين وحدها، وأشدد علي وحدها هذه، لأن إسرائيل الآن تسعي لأن تكون القدس عاصمة لها ولنا، وهو ما نرفضه تماماً، وما يوضح أن إسرائيل لا تريد السلام. كما أكد السفير الفلسطيني لدي مصر علي نقطة مهمة، وهي أن السلطة والشعب الفلسطيني يرفضان أن تكون الدولة الفلسطينية علي جزء من أراضي سيناء، لأنها ببساطة ليست أرضهم. وقال محمد جمعة الباحث بوحدة الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية بمركز الأهرام الاستراتيجي إن المرحلة التي نعيشها الآن أخطر المراحل التي يمر بها الفلسطينيون، ليس فقط لأننا مقبلون علي قرارات في غاية الظلم والتعسف، وإنما بسبب التحديات أيضاً التي تعيشها المقاومة الفلسطينية، فهناك شرخ كبير بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية، يجب أن يتم علاجه، لأن إسرائيل تستغل هذا الانقسام الفلسطيني في تنفيذ طموحاتها وأحلامها، فهي تعرف أن هذا ليس التوقيت المناسب لتسوية القضية الفلسطينية. متابعاً أن إسرائيل قد تسعي خلال الفترة القادمة لتقديم بدائل تجمع فيها بين التسوية الانتقالية والإجراءات أحادية الجانب، من خلال إعادة تنظيم الضفة الغربية لمعرفتها بمدي الرفض القاطع من قبل الفلسطينيين لصفقة القرن. وهو ما أكده محمد خالد الأزعر المستشار الثقافي الفلسطيني بالقاهرة، والذي قال إن ما تعانيه فلسطين الآن ليس بالجديد، لكن الحل بيد الدول العربية، فإذا وقفنا جميعاً في وجه الاحتلال الإسرائيلي بإمكاننا حينها فقط أن نسترد فلسطين، »ولا أعلم إلي أي مدي يمكن أن يحدث ذلك».