الحكومة: مقترح شامل لتأسيس كيان موحد لمنظومة التعليم الأهلي في مصر    البابا تواضروس يهنئ الناجحين في الشهادة الإعدادية    ليبيا تتسلم رئاسة مجلس وزراء البيئة الأفارقة للعامين المقبلين    صندوق الإسكان الاجتماعي: طرحنا أكثر من مليون وحدة لمحدودي الدخل منذ 2014    بقوة 7.3 درجة.. زلزال يضرب ألاسكا الأمريكية وتحذيرات من تسونامي    الدفاع السورية: ما حدث اليوم من إسرائيل جاء مغايرًا لتوقعاتنا    اليوم.. مجلس الأمن يجتمع لبحث الضربات الإسرائيلية على سوريا    ترامب: نقترب من اتفاق بشأن التعريفات الجمركية مع الهند    آدم كايد يصل إلى القاهرة لحسم انضمامه للزمالك    محمد يوسف يكشف تفاصيل مفاوضات الأهلي لتمديد عقد إمام عاشور    في مشهد مهيب.. الآلاف يشيّعون جثمان ميمي عبد الرازق ببورسعيد (فيديو وصور)    بقرار ريبيرو.. الأهلي يغلق بابه أمام عودة حمدي فتحي    فرج عامر ناعيا ميمي عبد الرازق: رحل رفيق الدرب    الأهلي يكشف تفاصيل عقوبة تريزيجيه في مونديال الأندية 2025    "فضلت عدم الإعلان".. رحيل أحد المسؤولين عن قطاع كرة القدم بالأهلي    محافظ القليوبية ومدير الأمن يتابعان أعمال السيطرة على حريق في القلج بالخانكة    متحدث التعليم: وضعنا استراتيجية لتغيير الصورة النمطية السلبية عن التعليم الفني    ضبط المتهمين بالتشاجر وإصابة 4 أشخاص بمدينة 6 أكتوبر    سيدة تلقي بنفسها من القطار في الفيوم.. إصابات بالغة وبتر في اليد والقدم    بسنت شوقي تكشف حقيقة حملها بعد ظهورها بكليب حسين الجسمي    أول تعليق من ريهام عبدالغفور قبل عرض مسلسل "كتالوج"    حدث بالفن | وفاة مطرب وتعرض نجل مخرج لحادث وسوزي الأردنية تدخل التمثيل    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة    لو لقيت حاجة فى الشارع.. أمين الفتوى يوضح التصرف الصحيح شرعًا (فيديو)    أمين الفتوى يحسم حكم فوائد البنوك.. حلال أم حرام؟    ما حكم "تجميد البويضات"؟.. مفتي الجمهورية يجيب    5 فوائد مذهلة لتناول الشوكولاتة.. تعرف عليها    أدوات النجاة للموازنة بين الضغط النفسي والصحة النفسية.. ندوة في مكتبة الإسكندرية    احجز الآن بإعلان "سكن لكل المصريين 7".. وهذه الشروط والمواعيد والمدن PDF    السيطرة على حريق محل فى التجمع دون إصابات    الآن.. سجل بياناتك للحصول على نتيجة الثانوية العامة 2025    ظلام تام في عز الضهر.. تفاصيل أطول كسوف كلي للشمس تشهده 10 دول عربية    عودة الأمطار وموجة حارة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: «توخوا الحيطة والحذر»    متى يصدر قانون الإيجار القديم.. 1 أغسطس آخر موعد وفقا للمادة 123 من الدستور    زيادة جديدة رسميًا.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه قبل اجتماع الفيدرالي الأمريكي    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الخميس 17 يوليو في الصاغة (تفاصيل)    رشوان توفيق: الفن له تأثير خطير.. و"الليل وآخره" يحمل رسائل دينية    حب وتفاهم مستمران.. هذه الأبراج لديها أنجح العلاقات    لغز يكشف الحلم الذي تخفيه في قلبك.. ماذا ترى أولاً؟    مفكر سياسى: الولايات المتحدة ما زالت الأقوى رغم تعدد الأقطاب الدولية    كواليس فيديو منتشر علي السوشيال ميديا لصرخة أم تحاول إنقاذ ابنها    الخارجية الإيرانية تدين الهجمات الإسرائيلية على سوريا    الكويت تستنكر العدوان الإسرائيلي المتواصل على الأراضي السورية    ميكالي: حلمي لم يكتمل مع منتخب الشباب.. وأتمنى العودة للتدريب في مصر    الأونروا: الأطفال في غزة يموتون أمام أعيننا ولا نملك الوسائل لعلاجهم    ليفربول يبدأ أولى خطواته لضم إيزاك من معسكر نيوكاسل    بشرى للموظفين.. جدول صرف مرتبات شهر يوليو 2025 بعد قرار المالية (تبكير موعد وزيادة جديدة)    عميد القلب السابق يكشف المعدن السحري لصحة الإنسان (فيديو)    مستشفيان بالفيوم يحصدان المركز الأول في جراحات الأورام والقلب المفتوح على مستوى الجمهورية    ما هي أهداف الاستراتيجية الوطنية للغذاء والنغذية 2023-2030؟.. الصحة تجيب    كيف نواجة الضغوطات الحياتية؟.. أمين الفتوى يجيب    غلق باب الطعون في انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء.. وإعلان النتيجة 20 يوليو    شيخ الأزهر يستقبل سفراء مصر الجدد ب 22 دولة قبل بداية مهام عملهم    السد العالي جاهز لاستقبال الفيضان.. خبير يكشف سيناريوهات جديدة بشأن سد النهضة    «الأوقاف» تُنظم ندوات ب 1544 مسجدًا بالتعاون مع الأزهر الشريف    رئيس جامعة أسيوط: المدن الجامعية تمثل عنصرًا أساسيًا في منظومة التعليم الجامعي    «رواد تحيا مصر» تواصل التوعية بمخاطر المخلفات الإلكترونية بمركز شباب دمياط    «علاج طبيعي القاهرة» تطلق غدًا مؤتمرها الدولي حول جودة الحياة والذكاء الاصطناعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حفنة من تراب
نشر في أخبار الأدب يوم 02 - 09 - 2012

لم أشأ أن أقطع عليها استرسالها.. جحظت عيناي.. كظمت غيظي.. توقفت عن الكلام.. مسحت دموعها.. ربتت علي كتفي تحثني..
أنكفأت عليها.. أصرخ.. إسعاف.. أرجوكم.. قشعريرة
تملكتني.. التصقت بها.. رفعت كتفيها عن الأرض.. وضعت رأسها علي صدري .. وجدت من يقول:
- يبدو أنه قريبها أو زوجها.. آخر.. فارقت الحياة.
هززت رأسي.. بحثت عن يدها.. هي الأخري في وهن تبحث عن يدي.. ألتفت هالني مارأيت.. يد بها خطاب والأخري قابضة علي حفنة من تراب.. برفق أخذت الخطاب.. نظرت في عينيها.. بنفس الرفق حاولت أن أنظف اليد الأخري منعتني.. بعيني رجوتها رفضت.. كم من الوقت مضي لا أعرف.. الإسعاف.. ركبت معها.. غرفة العمليات.. أمسكت يدي. أبعدوني.. غابت عني. انتظرت من يطمئنني.. الإنتظار يقتلني.. رجل يضرب علي كتفي بأنامله.
- شنطة المدام.. احتضنتها.
- هذا هو الشاب الذي أتي معها.
رفعت رأسي.. رجل بالزي الرسمي.
- أرجوك نريد منك بعض المعلومات عن المصابة والحادثة.
أعطيتهم الشنطة. هممت بالخروج.. ممرضة تحدث زميلة.
- أرأيت كم هي متمسكة بحفنة التراب؟!!
استقبلت الشارع.. عاد لي توازني.. سرت بغير هدي.. علي أول كرسي
في الميدان جلست. تحسست جيبي.. الخطاب. تريدني أن أرسله.
العنوان...
ريفية.. البريد.. سيتأخر.. بصعوبة وصلت..
- ماوراءك ياولدي؟.. تماسكي. خذني إليها.. معي خطاب.. أرني إبنتي. القطار يشاركها اللهفة.. عيناها شاردة. تنظر للمجهول.. تتمتم..
- قلبي من يوم أن سافرت يحدثني بأنك تتألمين.. ليتني منعتك.. أنا السبب.. ذكرتها بالخطاب.. أقرأه.
- أمي وهبك الله مسحة من جمال الجسد والروح.. لم تفلح السنون ولا الفقر أن تمحوها.. وأنا منك.. هل العيب فينا؟
رأيت منه كرما بلا حدود.. أراني القاهرة بصخبها.. كم من الملابس غالية الثمن.. وظيفة لم أكن أحلم بها. مرتب خيالي.. كل هذا في يومين.. غاص قلبي بين ضلوعي. فاتحته في البحث لي عن مسكن.. بادرني..
- الشقة تحت أمرك وأنا ضيفك كلما حللت بالقاهرة.
سافر للبلدة . تركني للخوف من المجهول.. والفرحة التي أعيشها .لم يطل به المقام بالقرية.. ثلاثة ايام وعاد.. تصرفات غير مريحة.. صبرت.. في المساء طلب إعداد الطعام.. زجاجات ألوانها غريبة.. أيقنت من الليلة سداد الدين..
- آه يا ابنتي.. قلت لك اتركي لي هذا ولن يضيعنا الله.. إحساسك
بالعجز وأنت ترينني أخرج يوميا (بالمطرحة والمشنة) علي رأسي.. تحجبين عني دموعك .. وقلبك يقطر دما..
إحترمت عتابها الكلمات أمامي تصرخ.. عند أول تنهيدة أكملت:
كشر عن أنيابه ، وليس بذئب.. رفع ذراعين شعرهما كثيف.. انتبهت إلي يدين غليظة أصابعهما طويلة.. وأطول منهما الأظافر.. والتي انتزع بهما الوجه الذي عرفناه به.. تسمرت عيناي في حدقاتهما. هالني ما رأيت.. وجه أخذت أجمع شتات أفكاري وجسدي كله يرتعد أين رأيته؟.. عين دائرية متحجرة بغير رموش.. والاخري غير مستقرة يتطاير منها المكر والتبجح.. جبهة عريضة كشرة.. شفته العليا يطمسها شارب أسود كثيف. والسفلي غليظة تتدلي كخرشومة حلوف.. الجسد طويل وكأنه يناطح ويحجب عني ضوء المصباح.. هنا تذكرت المسيخ الدجال الذي رأيت صوره علي أغلفة الكتب الدينية وقرأت عنه.. بلعت الكلام في حلقي قبل أن يخرج عن الحلال والحرام توسلت إليه.. حدّق في.. أهانني. عيرني بك. أسرع إلي الملابس التي ابتاعها لي.. قذف بها في وجهي . أمرني أن أرتديها أمامه.. بكيت. أنحنيت أقبل قدميه.. لكزني.. تكومت بجوار مقعد.. رفعني.. لم يرحمني..
توقفت عن القراءة.. نظرت إلي الأم. دموعها تتساقط علي خديها. تنظر من النافذة .. تضغط بأسنانها علي شفتيها. تتأوه تأوهات مكتومة .. أدمت قلبي قالت:
- يا الله.. زوجي أسكنته بجوارك.. أهل تخلوا عنا..وغد لم يرحم ضعف إبنتي.. عنادك جعلك تصرين علي السفر معه.. مثلما عاندتني ألا تكلمي دراستك.. عانيت الأمرين لإيجاد فرصة عمل في مجتمعنا الضيق.. أحسست بخوف يتملكني عندما نظر إليك في أول لقاء. نبهتك.. حاولت أن أثنيك عن عزمك.. ذقت الإهانة قبلك من صدودي لتلك النظرة.. لولا احترام زوجته وكرمها وحاجتنا مادخلت له دار..
لم أشأ أن أقطع عليها استرسالها.. جحظت عيناي.. كظمت غيظي..
توقفت عن الكلام.. مسحت دموعها.. ربتت علي كتفي تحثني..
استحييت.. عيناها ترجوني.. يداي ترتعشان.. تخرج الحروف بصعوبة خوفا من القادم..
غبت عن الوعي.. أفقت.. وجدتني في فراشه.. يبدو أنني نزفت كثيرا.. حاول تهدئتي.. مناني برغد العيش. لم أتذوق طعم النوم.. ليل طويل.. صبح أشد ظلمة.. رضخت لنصائحه.. رجوته أن أذهب للعمل . سمح لي.. همت علي وجهي أجوب الشوارع والطرقات.. آمل أن أرتمي في أحضانك .. بعيني انكسار.. دموعي تحول بيني وبين طريقي..
هدني التعب.. جلست.. سامحيني.. سأنتظرك بعد أن تملئي يدك بحفنة من تراب وتذريها في أعين أهالينا وأقاربنا وفي عيون الذين رفعوه عاليا..
يهتفون بشهامته ونبله علهم يذرفون الدمع علي ابنة لهم أو أخت أهدر دمها رخيصا..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.