ولا أبالغ إذا قلت إننا لن نصعد أبدا درجة في عملية التنوير الحقيقي،إلا إذا توقفنا عن منطق»الثرثرة» والاستماع لأي »ثرثار». السبت: بعض الناس في بلادي يعشقون »الثرثرة» فيما يفهمون وما لايفهمون،ولدي هؤلاء عشق كبير للتقعير والتنظير في أي شيء وكل شيء، وغالبا لن تجد أحدا ينتشلك منها إذا حاولت وبإرادتك تضييع بعض الوقت في متابعة برامج الفضائيات، أو متابعة مافات علي »اليوتيوب»، وأنا من المؤمنين بأننا لا نجيد فن الحوار،وبعيدون جدا عن أدبه،و أحس عادة بالارتياب في هؤلاء الذين يظهرون علينا وهم يلقون علينا بالمحاضرات في برامجهم، رغم أن الموضوعات التي يتحدثون فيها تحتاج إلي »محاورة» أكثر من أن تكون مجرد » ثرثرة» يضيعون بها وقت الناس وربما يضيعون معها عقول بعض فئات المجتمع،ناهيك عن تلك البرامج التي فيها أكثر من محاور ولكنهم من عينة المفكر اللوذعي والشيخ الألمعي من العينة »الميزاوية» أو من فصيلة » هاتولي راجل»، وقد تنتهي بضرب الأحذية!،ولا أبالغ إذا قلت أننا لن نصعد أبدا درجة في عملية التنوير الحقيقي،إلا إذا توقفنا عن منطق »الثرثرة» والاستماع لأي ثرثار، وتعلمنا تطبيق المنهج العلمي في أي مناقشة والتزمنا بالحوار،وعرفنا قيمة التسامح وقبول »أي آخر» واحترام الاختلاف، والإيمان بروح العقل والعمل والإنتاج، وهكذا كانت نهضة أوروبا بظروفها الخاصة، حيث سبق الفكر السياسة، ووضحت علاقة الدين بالسياسة، وبكل أسف كل هذه الأشياء نادرة عندنا، فكلهم يثرثرون في مجتمع يعشق »الثرثرة» لدرجة تجعلك لا تعرف كيف ترد علي هذا »الثرثار» أو ذاك، وتكون النهاية هي الشك في كل شيء حتي الأديان والأوطان! المفكر »الثرثار» ! الاثنين: مازال يواصل »الثرثرة» في قناة تن الفضائية،ولكن في قالب جديد وقصة شعر جديدة،أزال الكثير من طبقات الشحم ليستطيع جسمه استيعاب الفكر الجديد في الموضة،كما أصبح أكثر هدوءا واختيارا لكلماته بحيث لا تنفجر في وجه الأموات قبل الأحياء،والأهم أن »اللدغة »التي كانت لديه وخاصة في حرف الشين والسين قد اختفت سواء بمعجزة ربانية أو عملية جراحية،كتبت عنه في يوميات 19مارس الماضي عندما استهزأ بشكل غير مقبول بالدكتور يوسف زيدان،فضلا عن نقله فقرة متكاملة خاطئة تماما من الانترنت ليرد بها عليه، كما رصدت سقطته في حلقة الأحد 25 فبراير، في تناول الصفحات التي يستشهد بها من كتاب » الدرر الكامنة في أعلام المئة الثامنة»،ولأنني لا أحب »الثرثرة» تجاهلت مشاهدته،حتي سمعته بالصدفة يقول : اسمعوا كلامي كويس لأنه ماتقلش قبل كده،وليتني لم اسمعه،فكعادتي بحثت عما يتحدث فيه عن شهادة المرأة،ووجدته كعادته »نقيل انترنت» ويقطع فقرة من هنا ويلزق فقرة من هناك ليؤكد أن المرأة طوال 1400 سنة من تاريخ المسلمين كانت محتقرة مهانة منقوصة الحقوق، ويتجاهل التطور الفقهي الذي تم مع تغير ظروف المجتمع ما استقر عليه الأمر بشأنها وعبرت عنه كل القوانين في مصر وهو أمر سبق ووضحه له عمنا الدكتور سعد الهلالي،وحتي في الاستشهاد من الكتب يخطيء فيقول لنا مثلا أن ذلك الكلام ص114 في الجزء الثاني من كتاب ابن القيم »أعلام الموقعين عن رب العالمين»، في حين أنه موجود في الجزء الثالث ص 419، وفات »الثرثار» عدة أمور أولها : أن الفتاوي بنت عصرها وظروفها وتتغير بتغير المجتمع، وثانيها أنه لايمكن التعرف علي الوضع الحقيقي إلا من خلال المقارنات وهي التي ستؤكد لنا أنها عاشت فترة ذهبية في العصور الوسطي،في حين كانت مظلمة بالنسبة للمرأة الأوروبية،فلم تكن سوي مجرد مخلوق نجس شرير وشيطاني لا يملك حتي حق الملكية ولا البيع والشراء، يبيع الرجل زوجته بدلا من أن يطلقها،أو يعطي الاقطاعي حق الليلة الأولي معها،ويكفي مجرد اشارة إلي »حزام العفة» وكذلك القفل الذي كان يوضع علي فمها،والحكايات كثيرة وموثقة،أما في تاريخنا خلال نفس الفترة فقد كانت هناك مريم الأسطرلابية عالمة الفلك التي طورت الأسطرلاب المحمول وستيتة آل مهمالي عالمة الجبر والحساب وسلطانات مثل رازيا وضيف خاتون وأمينة وشجرة الدر وزينب الشهدا أشهر خطاطة وغيرهن كثير، والغريب أن ذلك المتفلسف بعد أن أساء الأدب في حق د.يوسف زيدان، يقلل من قيمة الأستاذ عباس العقاد الذي لم يسلم هو الآخر من ثرثرته وفلتات لسانه، و.. وأرجوكم يا من تديرون قناة »تن» أريد أن أعرف تكاليف إنتاج برنامجه وهل هي بيع لساعات الهواء أم من إنتاج القناة ؟ وهكذا كان قدرنا أن نكون ضحية متطرفين يعيشون في جلباب الماضي، جانب منهم يتطرف في الدين ويريد أن يطبق أحوال الماضي علي الحاضر والمستقبل، والفريق الثاني يواجههم بنفس المنطق ويستغرق في الماضي، ويعيد طرح ماتم طرحه،والعامة من الناس يسمعون تلك »الثرثرة» في دهشة واستغراب وربما في شك في كل الدين نفسه ! مداخلة ! أستاذنا د. يوسف زيدان كان قد اهتم بيوميات شهر مارس رغم تجاوزي شيئا ما في نقدي له،ولكنه بكل مايحمله من أستاذية،طرح اليوميات في بوست له في صفحته علي الفيس بوك،وقدمها بقوله: »شكراً أ. عصام السباعي، مرتين.. مرةً لأنك مُنصف، ولم يمنعك عن الإنصاف أننا مختلفان حول بعض النقاط، ومرةً لأنك دليل علي أن صحافتنا لايزال فيها من يحترم القيم الخلقية، ويبحث ويوثق قبل أن يكتب»، وهكذا فعل أستاذنا الذي نتعلم منه فن الاختلاف حتي لو بين الأستاذ ومريده باعتبار ذلك من ألف باء العلم وواجبات الأستاذية،فزاد احتراما علي احترام ويبقي فك البلوك الفيسبوكي الذي منعني من شكره في وقتها. المهنة.. ملحد ! الثلاثاء : لا أدري ما مهنته التي يكتسب منها قوت يومه؟، فقط أعرف أنه يعيش في الغردقة،ويظهر علي القنوات المصرية بوصفه » ملحد»،ولديه قناة يوتيوب ويظهر علي الفضائيات بنفس الصفة،وبطبيعة الحال لا يعنيني إيمان أو إلحاد أي انسان،فهي تجربته وذلك هو اختياره، وهو من سيحاسب عليه،ويبقي حق الاعتقاد الشخصي مقدسا وشخصيا مالم يطرحه صاحب الشأن بنفسه علينا،ومن هنا كان أكبر ما أزعجني أنه يتقوت من إيمانه بعدم الإيمان، ولم يستوقفني سوي هجومه علي الإسلام كدين وخاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة، تماما مثلما فعل صاحبنا الذي يظهر حاليا علي قناة فضائية يتغزل في حقوق المرأة ويهاجم كل التراث الإسلامي الذي استعبدها في الوقت الذي تشكوه طليقته بعد أن هرب من دولة كان يعيش فيها مع أسرته ثم ترك زوجته وابنته بلا نفقة أو الوفاء بأدني مسئولياته كرجل مسلم مستنير،ووجه الشبه أني شاهدت بالصدفة عدة فيديوهات لطليقة ذلك الملحد وهي تحكي كيف كان يضربها رغم ما تعدده من أفضالها عليه،وكيف كان يسب عمتها التي كانت ترسل لهما مايسددان به إيجار مسكنهما،،وتشرح لنا كيف أراد أن يجهضها غصبا مرتين الأولي في بداية زواجها،والثانية بعد طلاقها وإقامتها في بيت صديق مشترك لحين انتهاء فترة العدة وزواجها منه،ولكن السيف سبق العزل فحملت من الصديق.. وسكت الكلام! »الثرثرة» المريبة ! الجمعة : احترت عندما شاهدته بالصدفة أيضا في يوم الإجازة،يقدم برنامجا علي قناة القاهرة والناس التي سبق وأخرجت لنا تلميذه الصغير وأطلقته يسب الجميع ليعلمنا ديننا،وما سبب حيرتي هو عنوان البرنامج » موقع التجلي العظيم»،وصدق تخميني فهو يتناول نفس ماسبق وطرحه قبل 15 سنة،ولا أدري ما مناسبة إعادة طرح نفس الأفكار القديمة،ولم أفهم قصد المنتج الذي ينفق عليه خاصة وأن تلك القناة لها سياستها التمويلية المعروفة،ولم أعرف من تلك الشركة التي أنتجت ومن الذي وفر لها التمويل ؟! رأي مقدم البرنامج معروف في المصدر الرئيسي لقصة اليهود في مصر وهي التوراة،وكما أكد في كتابه »إسرائيل التوراة والتاريخ» فالأسفار الخمسة الأولي من ذلك الكتاب المقدس مشكوك في نسبتها إلي النبي موسي،ويصفها بأنها »أقرب إلي الأسطورة منها إلي التاريخ الصادق»،ومافيها خرافات موضع تصديق وإيمان في اليهودية والمسيحية والإسلام مثل قصة آدم في الجنة والعصا الحية ».. ويقول: » وعليه فالنص التوراتي من وجهة نظرنا ليس أكثر من وثيقة أسطورية»،،ويكرر نفس الكلام في الكتاب الذي يعيد طرح أفكاره في البرنامج » النبي موسي وآخر أيام تل العمارنة »، فماذا يمكن أن ننتظر من رجل علي هذه الخلفية عندما يتحدث عن حياة وخروج بني إسرائيل من مصر؟! قولوا لي : كيف يمكن أن نتوقع تقييما علميا من رجل يستهزئ بمعجزة عصا موسي ويقول ما يجرح مشاعر الآخرين من المؤمنين بها،والغريب أنه يعتمد بصفة أساسية علي كتب ومقالات متفرقة لأحمد عثمان المثير للجدل، ونفس الشيء للمصدر الثاني له وهو كتاب الصهيوني إيمانويل فليكوفيسكي »عصور في فوضي» الذي يريد ربط تاريخ اليهود بتاريخ مصر،والملخص هو أن النبي موسي ليس سوي إخناتون،وربما نفهم منه أن شخصية النبي موسي وهمية،وأن حكايات العصا المعجزة وشق البحر موجودة سابقا في تاريخ المصريين القدماء وأن القصة التي في التوراة والقرآن ليست سوي أساطير الأولين من المصريين،وربما علي هذه الخلفية كانت اعتراضات علماء الآثار المعتبرين من كلام الرجل عن لوحة نعرمر موحد القطرين ورفض تفسيره المختلف والشاذ لها بأنها تصور الملك مينا وهو يحج إلي موقع التجلي المقدس خالعا خفيه،وسواء كنت محقا أم لا فلست مطمئنا لبرنامج وثائقي أو هكذا يبدو يركز علي وجهة نظر يتيمة قديمة سبق طرحها منذ 15 عاما علي الأقل ودونما تضمين لآراء الخبراء المعنيين،وباختصار يلعب الفأر في عقلي من كل تلك » الثرثرة» المنفردة،وأرجو أن أكون مخطئا عندما تأتي كلمة »آخر حلقة» ! كلام توك توك: صدق الهبل.. لو ديل الكلب انعدل! اليها: كل لحظة وكل سنة وأنت الونس لقلبي وعقلي.