درس الرئيس السادات لا يزال محفوراً في وجدان الأمة بالدم والنار: لا تصالح الذئاب ولا تأمن لهم ولا تضع يدك في أيديهم.. فقد صالحهم وصافحهم وأخرجهم من السجون، فكافأوه يوم الاحتفال بالنصر، واغتالوه في المنصة، وانطلقوا قتلاً وتنكيلاً في جنود الشرطة الغلابة، قبل صلاة فجر عيد الأضحي، في أسيوط وغيرها من المدن. كان ذلك عام 1981، وتكرر الاغتيال المعنوي بعد 37 سنة، حين ذهب مرسي إلي استاد القاهرة، في احتفالات نصر أكتوبر عام 2012، وسط حشد من أهله وعشيرته، ويتصدر المقاعد الرئيسية قتلة السادات، عبود الزمر وصفوت عبدالغني ونصر عبدالسلام وطارق الزمر، وعدم حضور أبطال الحرب الحقيقيين، وعلي رأسهم المشير محمد حسين طنطاوي. في ذلك اليوم قرر المصريون، نزع الشرعية المزيفة عن المعزول وأهله وعشيرته، فهو رئيس للإخوان فقط وليس رئيسا لمصر، فالقائد الذي صنع النصر شهيد في القبر، والقتلة يحتفلون بالنصر في الاستاد، ورئيسهم الهيستيري لم يذكر اسم السادات مرة واحدة في خطابه الذي استمر ساعتين، يتحدث فيها عن غزواته الفاشلة. دق المعزول وجماعته مسمارا في نعوشهم، لحظة أن ركب سيارة السادات المكشوفة، وطاف بها في جنبات الاستاد وعشيرته يهتفون له: »حرية وعدالة مرسي وراه رجالة»، »قلنا النهضة إرادة شعب، يالا يا مرسي نخطي الصعب»، ومع تلك الهتافات صدر حكم الشعب، بإسقاط تلك العصابة الهمجية، التي جاءت للسطو علي أعظم انتصار في حياة الشعب، وارتفع شعار مصر للمصريين وليست للإخوان. درس السادات يجب أن يكون جرس إنذار، حتي لا تغفل العيون وتهدأ النفوس، ويخرج من بين الصفوف، من يدغدغ المشاعر بكلام زائف عن المصالحة والالتئام ولم الشمل، فالسادات فعل للإخوان ما لم يفعله حاكم مصري منذ نشأتهم، وصاحب قياداتهم، وأعاد صحفهم المغلقة، وأطلق العنان لعمر التلمساني لإعادة الجماعة إلي الحياة، وسمي نفسه »الرئيس المؤمن»، وزين خطاباته بلمسات دينية، حتي تأكد في أيامه الأخيرة انهم إرهابيون وقتلة، وقال ذلك في خطاب علني، واعترف بأن عبدالناصر كان علي حق، بما فعله فيهم، وكان حزينا ونادما علي تسامحه معهم. »لو» تفتح عمل الشيطان، ولكن علينا أن نطرح سؤالا جدليا: كيف هي أحوال مصر إذا استمروا في حكمها؟.. تخيلوا السيناريو ابتداء من خطابات المعزول الهزلية، والظهور الاستفزازي في الفضائيات، لصفوت حجازي والبلتاجي والعريان والشاطر، وعدد المتحولين الذين يطلقون ذقونهم، والنائب العام الملاكي، والميليشيات المسلحة ودولة المقطم، والمظاهرات الصاخبة في الشوارع والميادين، بما يؤدي في النهاية إلي تمزيق دولة وتشتيت شعب. في ذكري نصر أكتوبر، اعتاد المصريون أن يتبادلوا التهنئة مع رجال القوات المسلحة، ولكن أراد الإخوان أن يجعلوه »العبور الثالث»، بتسليم السلطة إليهم من المجلس العسكري، وتصوروا أن البلاد صارت عجينة طرية في أيديهم، وأن بمقدورهم أن يشطبوا هويتها وتاريخها وثقافتها وحضارتها، واستبدالها بطقوس إخوانية، تختزل الوطن لصالح الجماعة، وتسخر الشعب من أجل الأهل والعشيرة، ووصل التبجح أقصاه، وهم يحاولون السطو علي أعظم انتصار في حياة الشعب، النصر الذي أعاد الكرامة والعزة والكبرياء. الرئيس السادات أدرك بعد فوات الأوان، انهم قتلة وإرهابيون بعد أن عبأوا البنادق، ووضعوا أصابعهم علي الزناد، ولكن المصريين تصدوا للمؤامرة الكبري مبكرا، ولم يتركوهم يوما واحدا، يهنأون بالسلطة، ويستكملون عملية السطو علي مصر، وكان الجيش في ظهرهم وحاميا لهم، ومنفذا لأوامر الشعب. رحم الله الرئيس السادات، في ذكري الانتصار العظيم، فهو البطل مع جنود وضباط بواسل، وهبوا حياتهم من أجل مصر لهم النصر، والخزي والعار لاعدائهم. شمس الدين التبريزي: لن تصل إليك رسائل بكائي، الريح لا يأخذ الورق المبلل.