ثورة 1952 لم تكن في حقيقة الأمر ثورة وإنما كانت إنقلاباً عسكرياً قام به مجموعةمن شباب الضباط الوطنيين والذين كانوا ينتمون إلي تيارات سياسية مختلفة من أقصي اليمين (الإخوان المسلمين) إلي أقصي اليسار (الماركسيين). ومما لاشك فيه أنه بعد أسابيع قليلة من 23 يوليو صدرت قرارات ساهمت في تقريب الفوارق بين الطبقات وبدأ ذلك بقرار إلغاء الألقاب فلم يعد هناك باشا أو بك بل تم التأكيد علي أن يلقب كل المواطنين بلقب السيد فلان وكانت هذه خطوة نفسية هامة ساهمت في إذكاء المشاعر عند المصريين بأنهم متساون أمام القانون ولا يوجد مصري له مكانة أعلي من الآخر بسبب لقب حصل عليه من الملك. وبعد أسابيع أخري صدر قانون الإصلاح الزراعي الأول وتم توزيع الأراضي المستولي عليها علي الفلاحين المعدمين. أعطي ذلك القرار بعداً إقتصادياً وإجتماعياً شعر بعده المصريين أن الضباط الأحرار مهتمون بالفقراء والطبقات المهمشة في المجتمع وتحول الأنقلاب إلي ثورة في عام 1956 بعد تأميم قناة السويس وبعد النصر السياسي لعبد الناصر في معركة السويس والتفاف الشعب كله حوله. ويتحول عبد الناصر من بطل مصري إلي بطل قومي لكل العرب حين تحققت الوحدة بين مصر وسوريا، وبعد الأنفصال وفي عام 1961 صدرت قوانين التأميم الأشتراكية وأعطيت حقوق ماديه ضخمة للعمال ولكن هذه المكتسبات الأقتصادية الكبيرة مثل حق المعاش والتأمين الصحي ومجانية التعليم لم يصاحبها أي حقوق سياسية. فكان عبد الناصر يدير مصر من مؤسسة الرئاسية وبإستخدام مختلف أجهزة الأمن وبالرغم من الشعبية الهائلة لعبد الناصر فكان يصر علي تزوير الانتخابات والحصول علي 100٪ من أصوات المصريين في الأستفتاء بدن سبب مفهوم. المشكلة الأساسيه في حكم عبد الناصر وثورة يوليو أن الشعب لم يشترك في حكم مصر ولم يسمح له بتكوين نقابات عمالية أو مهنية حقيقية لها إرادة وقد تختلف مع الرئيس وقد توافقه. ومع هذا القهر السياسي أهتم عبد الناصر بالأدب والفن والشعر والموسيقي والغناء ولكن كانت هيئة التحرير ثم الاتحاد القومي ثم الاشتراكي كلها حزباً واحداً ليس فيه ديمقراطية حقيقية ولا مشاركة في الحكم وبالتالي بعد أن حدثت الهزيمة المروعة في عام 1967 إنهار نظام عبد الناصر تدريجياً وقضي عليه تماماً في لحظة واحدة في عام 1971. لو كان عبد الناصر ديموقراطياً و ترك الفرصه للشعب للمساهمه في حكم مصر وبقيادته لما حدثت الأخطاء الكبيره القاتله من نظام عبد الناصر والتي قضت عليه في النهاية. وبالرغم أن النظام قد إنهار ببساطة بعد عبد الناصر وبالرغم من أن الحكم الدكتاتوري الناصري قد صاحبه قهر شديد وسجن الآلاف وتعذيبهم فإن غالبية الشعب المصري كانت ولازالت مبهورة بهذه الشخصيه الكاريزماتية الوطنية نظيفة اليد. لا أعتقد أن هناك أختلافات جذريه بين فترة عبد الناصر مقارنة بالسادات ومبارك، كل منهما أضفي طابعه وفكرة علي النظام السياسي ولكن المضمون كان واحداً. كل واحد منهم كان دكتاتوراً عظيماً لم يسمح بمشاركة الشعب في الحكم ولكن الانحياز أختلف، فعبد الناصر إنحاز للفقراء والسادات ومبارك إنحازا للأغنياء وشجعا الفساد وأنتشرت العشوائيات حول كل مدن مصر. حتي أصبحت الفجوة بين دخول المصريين رهيبه وازداد في عصرهما الفقراء فقراً. أما ثورة 25 يناير فبالتأكيد هي بدأت ثورة شعبية حقيقية بدأت بحركات صغيرة متعددة مثل كفاية ، 6 إبريل ، 9 مارس وكلنا خالد سعيد وغيرها الكثير وكان الشريك الأكبر هم المصريون من مختلف الأنتمائات اليسارية والليبرالية الذين كانوا يحاربون في سبيل تحرير مصر من قبضة الدكتاتورية ويطالبون بتحقيق الديمقراطية وكان الأخوان في نفس الوقت يحاربون مبارك ويتحالفون معه أحياناً ويتفاوضون معه أحياناً أخري. وبالطبع فإن الأخوان كان يريدون الاستيلاء علي السلطة والحكم كخطوة أولي لتحقيق حلم حسن البنا بالخلافة الأسلامية لأنهم في حقيقة الأمر جماعة فاشية فلم تكن الديمقراطية في يوم من الأيام منهجاً لهم حتي داخل تنظيماتهم. وهذا هو وجه الأختلاف بينهم وبين القوي السياسيه الأخري التي تريد الديمقراطية وتبادل السلطة. وبعد إنتصار الثوره الشعبية أستولت عليها القوتان المنظمتين وهما المجلس العسكري والأخوان المسلمين وحدث بينهما توافق وخلافات ومعارك أبعدت الثورة عن مسارها الحقيقي وأدت إلي تخبط شديد أدي إلي كوارث أثرت علي مستقبل الوطن ونظراً لأن الثورة لم يكن لها قيادة فكان نجاح الثورة جزئياً وتم إزاحة مبارك وكبار معاونية ولكن إحتمال تحول الثورة إلي نظام حكم فاشي تحت رعاية دكتاتوريةعسكرية موجود وسوف يحتاج إلي نضال طويل من كل قوي الشعب حتي تصل إلي ثمار الديمقراطية الحقيقية.