في حين كان الغرب مشغولا بمشاكله الداخلية وتدخلاته الإقليمية، والخارجية حلق التنين الصيني منفردا في رحلته فوق المحيط الهادي، بتعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري مع دول الجزر الصغيرة هناك ومنحهم مساعدات وقروض وصلت إلي 1.3 مليار دولار بشروط ميسرة منذ عام 2011 لتصبح ثاني أكبر مانح للمحيط الهادئ بعد استراليا. ويبدو أن الغرب استشعر خطر النفوذ الصيني في المنطقة، نظرا لأن تلك المساحة الجغرافية ذات أهمية استراتيجية، إذ تشكل ممراً لثلث حجم التجارة العالمية. والان تعمل الولاياتالمتحدةالأمريكية مع حلفائها الغربيين علي زيادة تواجدهم في المنطقة من خلال تواجد جديد في شكل دبلوماسي من الناحية الرسمية ولهذا ستفتح الولاياتالمتحدةواستراليا وفرنسا وبريطانيا سفارات جديدة في المحيط الهادئ،، وستتفاعل مع قادة الدول الجزرية في محاولة لمواجهة النفوذ الصيني المتصاعد في المنطقة. ونيران المعركة من أجل النفوذ في المحيط الهادئ ذات الكثافة السكانية المنخفضة تستعر لأن كل دولة من الدول الجزرية الصغيرة لديها تصويت في منتديات دولية مثل الأممالمتحدة، كما أنها تسيطر علي مساحات شاسعة من المحيط الغني بالموارد. ومن جهتها، تنظر وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" في خطط عدة؛ لردع النفوذ الصيني المتنامي، بما فيها نشر قوات المارينز في شرق آسيا. إذ يتواجد حاليا 50 ألف عسكري أمريكي، في اليابان، بمن فيهم 18 ألف من عناصر المارينز، إضافة إلي نحو 30 ألف جندي في كوريا الجنوبية، وحوالي سبعة آلاف في جزيرة غوام في المحيط الهادئ. يفسر الغرب استراتيجية الصين للقروض لهذه الدول، والتي كانت فعالة للغاية بالنسبة للمصالح الصينية، بأنها أداة اختراق طويلة الأجل لتحقيق الأهداف الاستراتيجية، وسوف تؤدي إلي ديون غير مستدامة. وذلك ما نفته بكين أكثر من مرة، مؤكدة أنها حريصة علي ضمان قدرة المقترضين علي سداد ديونهم. وأكدت المصادر أن استراليا ونيوزيلندا والولاياتالمتحدة ستزيد المساعدات الاقتصادية للدول الجزرية الصغيرة وتوسع وجودها الدبلوماسي بالمنطقة. وبصرف النظر عن تقديم القروض، تعمل الصين أيضا علي تعزيز القدرات العسكرية، فقال "فيليام نوبوتو" رئيس القوات المسلحة في فيجي إنه بحلول نهاية عام 2018 تتوقع الجزيرة استقبال سفينة هيدروجرافية صينية يمكن أن ترسم قاع البحر. وستكون هذه أول هدية عسكرية من الصين إلي دولة في المحيط الهادي. ورأي دبلوماسيون غربيون أنها محاولة من بكين لكسب تأييد جزر فيجي، وهي واحدة من الاقتصادات الأكبر في المنطقة. في المقابل، تحاول الدول الغربية بناء علاقة أمنية خاصة بهم من خلال تدريبات عسكرية مشتركة تشارك فيها الولاياتالمتحدة وفرنسا واليابان إلي جانب قوات من بابوا غينيا الجديدة وفيجي وتونجا بعد حوالي أسبوع قبالة الساحل الشمالي لأستراليا. وتخطط واشنطن للاستثمار بشكل مفرط في دول الآسيان كاستراتيجية لتحويل التوازن بعيداً عن الصين، لكن مفتاح آسيا لا يزال مع الصين خاصة بعد مبادرة الحزام والطريق واستراتيجية الصين للقروض. "طرق الحرير الجديدة" هي مشروع هائل لبني تحتية اطلقه الرئيس الصيني شي جينبينغ عام 2013. ويهدف لإحياء طريق الحرير القديم الذي كانت تنقل عبره قوافل الجمال منتجات من الامبراطورية إلي أوروبا، وهي السبيل إلي بلوغ قادة الصين ما يرمون إليه تحوّل بلدهم إلي قوة عظمي. وترمي بكين إلي الهيمنة علي أوراسيا. ويتضمن هذا المشروع العملاق بناء طرق ومرافق وسكك حديد ومناطق صناعية في 65 بلدا، تمثل 60 % من سكان العالم وحوالي ثلث اجمالي الناتج العالمي، بأكثر من ألف مليار دولار.