هل الحرية الشخصية ترف؟ هل تدافعون عن حريتكم في الملابس و تتركون حرية الوطن؟ ...هل من اجل زجاجة بيرة....ستختار من لايكسب؟ هذه اسئلة/اتهامات...تضع الحرية في ثنائيات...تختصرها في صراع صغير يختصر اقصر الطرق الي الفاشية. الطريق المختصر للفاشية يبدأ من هنا:التضاد بين مساحتك و مساحات الحرية العامة. كيف تنادي بحريتك قبل ان يتحرر الوطن؟ انها الرفاهية مرة اخري. رفاهية لاتراها الانظمة الفاشية كدذلك. فهي تعرف طريقها المختصر. تعرف ان اوله الوصول الي الحرية الشخصية...الي اتهامك بالانحراف الاخلاقي...بالتفتيش في تفاصيلك...واعادة تربيتك لتكون مواطنا صالحا. وهنا لافرق بين فاشية وطنية او دينية. كلاهما يبدأ بوضع اصابعه في مساحتك الشخصية. ،في النكتة....سألت المذيعة : مصر بالنسبة لك ايه؟ قال لها المسطول الاول : ..مصر هي امي. فاستدارت و سالت زميله : و انت...مصر بالنسبة لك ايه؟ فرد بسرعة : " انا مبتكلمش عن ام واحد صاحبي" هذه اقصي سخرية من الوطنية القديمة التي تعتبر أن الوطن هو الأم. والشعب عائلة واحدة . وهي وطنية تغوي الحالمين و الرومانسيين و المثاليين ..لكنها في الحقيقة وطنية موروثة من الأنظمة الفاشية. ...تربي المواطن علي أنه مجرد رقم في عائلة كبيرة. وطنية تقوم علي التعصب الأعمي. وعلي فكرة القطيع الذي لا يفكر... الفرد يلغي اختلافه ويحتمي وسط القطيع.. وينتمي اليهم. هكذا كان يمكن للسادات أن يعتبر نفسه مصر. وأي نقد له هو "إساءة الي مصر". وبنفس المنطق فإن المنتمين الي وطنية القطيع تنتابهم هستيريا جماعية عندما يعري أي أحد الفضائح التي يتواطأ الجميع للتستر علي وجودها. بهذه الثقافة. ووطنية تربت علي يد العسكر. وهدير القطيع...نتصور احيانا اننا في المدينة الفاضلة كلما ارتكبت السلطة جرائم ضد الحرية الشخصية او الاختلاف في التفكير. عقلية السلطة تري في الشعب قطيع واحد..وعلب متشابهة ترص علي رفوف فتبدو تشابهاتها اقوي ومصدر فخر..ومن هنا فان الضباط ايام مبارك(المعادي للتنظيمات الاسلامية ) كانوا يقيمون حملات كل رمضان للقبض علي المجاهرين بالافطار. الضباط يريدون توصيل رسالة عليا بانهم يمثلون دولة اسلامية و ينافسون بذلك الاخوان المسلمين و من ينازعهم في هذه الصورة لدي الناس. انها رغبة الدولة الشمولية في ان تكون ليبرالية ( توزع منح الديمقراطية علي شعبها الطيب المسكين ) و اشتراكية ( لا تتغفل عينها عن اي محتاج من طبقات محدودي الدخل) و قومية ( تلعب الدور المصري في امة العروبة ..ليس المهم ماذا تلعب المهم انها تلعب) ...دولة كل شيء..تجمع كل المتناقضات ..بل انها تخترع المعارضة ولا تكتفي بتشكيل الحكومة فقط. في نفس الوقت فان الضابط حينما يلقي القبض علي الفاطر يوقظ قانونا قديما ومهجورا اقر في عصر الملك فؤاد ( الثلاثينات ) عندما كان يريد ان يكون خليفة المسلمين ...وفي نفس الوقت يخرج شحناته المكبوتة في فرض موديل اخلاقي كما هي عادة خريجي الثقافة المحافظة. فالضباط الذين يحرسون الملاهي الليلية ...يتحولون في رمضان الي حراس العقيدة و الوطن معا. هذه الحراسة التي تلغي تقريبا الحرية الشخصية. وتخنق الاختلاف..تصب الجميع في قالب واحد ...و تقصقص الريش الخارج عن القالب.