في مؤتمر رابطة أدباء الجنوب، في مدينة أغادير (25- 28 مايو) كانت (الفانتازيا) هي موضوع الجلسات النقدية في الصباح، وبين الجلسة والأخري علي امتداد النهار، وفي المساء كانت فانتازيا الواقع المصري هي كل ما يشغلنا، نتائج الانتخابات الرئاسية، والإعادة الغرائبية بين مرشح (الإخوان المسلمين)، ومرشح (الفلول)، قالت ميرال الطحاوي (الإخوان المسلمين مستحيل. مضطرون لاختيار شفيق).. فانتازيا أخري كانت تُلاحق المؤتمرالأدبي هو الواقع المغربي نفسه، المليء بالتناقضات والإضراب، الذي تشهده مدن المغرب، من أقصي الشمال إلي أقصي الجنوب، من مراكش والدار البيضاء، حتي أغادير نفسها، التي أعلن فيها أول أمس تجار (البازارات) الإضراب العام لمدة يومين كاملين..!! الروائي الجزائري عبد الرزاق بوكبة أكثر إحساساً بهول ما يحدث في مصر، فالتجربة الجزائرية مع الإسلاميين كانت قاسية وعنيفة، أطلق عليها الجزائريون (عشرية الدم) والمقصود عشر سنوات من الدم والقتل اليومي في شوارع الجزائر.. عشر سنوات من الدم دفعت الجزائريين لتغيير حتي مفرداتهم اليومية، فبعد أن كان الرجل يخاطب صاحبه (يا خويا) استبدلها بكلمة (ياشريكي) بعد أن فقدت كلمة الأخوة معناها وصارت مرادفة للدم والقتل..! استعدتُ عبارة طارق بن زياد (البحر من وراءكم، والعدو أمامكم) بينما أفكر في مأزق الاختيار الرئاسي المصري، وحجم الكارثة المنتظرة.. ضحك الشاعر والناقد المغربي عبد الرحيم جيران: هل تصدقين حكايات التاريخ؟ كلها إفك وخرافة، لم يقل القائد البربري طارق بن زياد تلك العبارة، ولم يعبر جبل طارق بأحصنته وسيوفه، ولم يحرق السفن وراءه، كل ذلك هراء، كان ثمة اتفاق مع الإسبان حول العبور، ولم يكن العدو أمامنا أبداً!! الصفقات تسكن التاريخ، الصفقات تُسهم في كتابته وفي قراءته أيضاً، والتزوير ليس فقط في صناديق الاقتراع، لكنه في صناعة الحدث واختلاق حكايات التاريخ.. والفانتازيا في الأدب، ليست أكثر من حكاية هشّة أمام واقع أشدّ جنوناً، وأعنف مفاجأة وخيالاَ.