د. منى أباظة تعي د. مني أباظة أستاذة علم الاجتماع بالجامعة الامريكية جيدا ان اللحظة التي تعيشها مصر منذ بداية الثورة وحتي الان هي لحظة متحركة، ويصعب تقييدها بأحكام مطلقة يمكن بسهولة أن تتجاوزها الاحداث المتسارعة والمفاجئة كل يوم، لذا تراقب مني التي ترأست قسم الاجتماع بالجامعة الامريكية في الفترة ما بين 2007 و2009 ما يحدث حالياً بنوع من الهدوء تجتذبها ظواهر تفجرت بقوة بعد الثورة مثل الجرافيتي والألتراس، لذا ظلت مني لفترة تواظب علي المجيء لشارع محمد محمود لتقوم بالتقاط الصور لحركة الجرافيتي علي جدران الشارع وعمليات المسح والرسم المتعاقبة. تخشي أباظة من انزلاق البلاد إلي دائرة الفاشية، عبر إثارة نعرات شعبوية ضد الأجانب الموجودين في مصر ثم تتطور هذه الحالة ليتم استخدامها ضد التيارات السياسية وبعضها البعض، وأن تتضخم حالة العنف الموجودة حالياً والتي يدفع إليها المجلس العسكري، ومن الممكن أن تتطور الأمور لتخرج عن سيطرة المجلس العسكري نفسه، وينفلت زمام الامور تماما. مني التي تتحرك بين القاهرة وبين جامعة لوند بالسويد حيث تلقي محاضرات عن علم اجتماع الاسلام كأستاذ زائر، نشرت منذ فترة مقالة عن "السياحة الأكاديمية" التي تركزت في القاهرة. أثارت المقالة جدلا كبيرا في الأوساط الاكاديمية، واتهمها جانب بالعداء للاجانب، ووجد جانب آخر في دراستها توصيفا حقيقيا للوضع في مصر حالياً. حدائق الحيوان الثورية تفهم أباظة جيدا " أن هناك حالة كراهية للاجانب بشكل عام وغير مبررة، عمل علي تنميتها المجلس العسكري ومن قبله مبارك في الايام الاخيرة عبر اشاعات الاجندات والايدي الخارجية وحاليا التمويل الاجنبي، وهذا الاسلوب تتبعه اي ثورة مضادة حيث تتهم الثوار بالعمالة، وبالتالي تستفز المشاعر القومية الشعبوية الرخيصة، والمجلس يحتاج كبش فداء، فهو لا يريد ان يطرد الاجانب فعليا، ولكنه يبحث عن كبش فداء يصلح لجذب الانظار بعيدا عن أخطائه الفادحة، وهذا يمكن أن يصبح احدي مراحل التحضير للفاشية". أسالها عن الدافع وراء دراستها فتجيب: " فجأة وجدت الجامعة تحولت الي مكتب استقبال وتوفير خدمات للباحثين الاجانب الذين يودون زيارة اماكن بعينها او مقابلة عدد من شباب الثورة او النشطاء، ونحن تحولنا الي يشبه "الترجمان" الذي يصحب السائح ليريه الاماكن الجديدة والمختبئة، لان فترة زيارة الباحث الاجنبي محدودة في الاغلب لا تتجاوز الاسبوعين". أباظة ليست ضد مسألة عمل الباحثين الاجانب، وتدرك جيدا الدور الكبير الذي لعبه الصحفيون الاجانب في تغطية احداث الثورة ونقلها للعالم الخارجي، والمشاكل التي تعرضوا لها. ولكن عندما يأتي الباحث لفترة قصيرة، وهو لا يعرف اللغة العربية، ولا يعرف المجتمع الذي هو موضوع بحثه او مقاله، تجد مني نفسها وزملاءها الاساتذة الجامعيين، وقد تحولوا إلي منظمي رحلات، إذ تروي مني انها احيانا كانت تتلقي في يوم واحد اكثر من خمسة عشر ايميلا لطلب مساعدات من مترجمين الي طلب مقابلات لشخصيات بعينها. الأزمة الحقيقية بالنسبة لها وراء هذه الظاهرة تكمن في العلاقة المشوهة بين الشرق والغرب أو الشمال والجنوب حيث " مازالت الرؤية الاستشراقية تحكم الكثيرين، كما ان مصر في النهاية حتي بعد الثورة بلد رخيص وآمن، ولم تتحول الأمور بعد الثورة لتصبح كما هو الحال في ليبيا أو سوريا، الأمور اهدأ بكثير في مصر، وهو ما يدفع الكثير إلي القدوم إلي هنا، فهمت دراستي بشكل خاطئ من البعض، علي اني ضد مجيء الباحثين والمصورين الاجانب، وهذا غير حقيقي، ما كنت اطالب به ان يتحري الباحث الاجنبي شيئا من الدقة والعمق فيما يدرسه". المشكلة لها جانب آخر كما تراه أباظة وهو انه " عند المقارنة بيننا كأساتذة مع الاساتذة الاوربيين او الامريكيين لا توجد مساحة للمقارنة، فمن ناحية الراتب او المنح التي يحصل عليها او المساعدين الذين يعملون معه وجو العمل نفسه، ، وفي النهاية نصبح نحن مادة البحث وهم الباحثون والمفكرون". عندما كتبت مني الدراسة فوجئت برد فعل الكثير من الشباب الذين تحدثوا معها عن شعورهم بأنهم تحولوا إلي موضوعات بحث، او شخصيات في افلام وثائقية، وفي النهاية تصبح النتائج التي يخرج بها عدد من الباحثين الاجانب غير ذات عمق بحكم الظرف الذي ينتجونها خلاله، ثم تصبح هذه احكاما مطلقة عن الثورة وعن مصر. وهذه حالة كتب عنها الباحث الفلسطيني سليم كمالي ذات مرة في 1992، حيث كانت هناك مكاتب لمساعدة الباحثين الاجانب، في التجول داخل الاراضي الفلسطينية، ومقابلة اسر الاسري، وأماكن الاحتجاز، ونشأت درجات لمثل هذه المكاتب بحسب السعر الذي يدفعه الاجنبي وبالتالي ما يمكن أن يشاهده في المقابل ، في مثل هذه الحالات كما تري مني "نصبح اشبه بحديقة الحيوان". الثورة المضغوطة عندما تسترجع مني أباظة معارك محمد محمود والدماء التي سالت في هذه الايام، تشعر احيانا بالرعب من هذه المواجهات، بالنسبة لها يمكن التأكيد من وجهة نظر سياسية وتاريخية القول بأن الدم ثمن لابد من دفعه من أجل الحرية، ولكن كأم هذا أمر مرعب. شباب كثير لديه استعداد للتضحية بحياته، ولكن الكثير من الامهات والاباء سيمنعون ابناءهم من باب الخوف عليهم. إحدي الأزمات الجوهرية التي تواجه الثورة المصرية كما تراها هي أن من قاموا بالثورة لم يستلموا الحكم، ولم يدخلوا البرلمان، اسألها: ألم تكن فكرة الثورة بلا قائد أو حزب، هي احد العوامل التي أدت إلي نجاح الايام الاولي للثورة لماذا لم تتطور هذه الحالة لتفرز قيادات أو أحزاباً يمكنها القيادة؟ هذا سؤال نطرحه علي أنفسنا جميعا، فما حدث في مصر هو أول ثورة في التاريخ بلا قائد أو احزاب سياسية، وهذا ما منح الايام الاولي قوتها وجمالها وهذا لا ينفي تأثير وجود حركات وتحركات مثل كفاية و 6 ابريل واضراب عمال المحلة وموظفي الضرائب العقارية- ولكن بعد انتهاء الثمانية عشر يوما الأولي، ظهرت نتائج عدم وجود حياة سياسية بالقدر الذي يسمح بوجود تفكير استراتيجي، أو تنظيمات جماهيرية يمكنها تولي السلطة. وفي نفس الوقت هناك مجموعات كثيرة من الشباب، وليست مجموعة وحيدة تستطيع ان تقول انها قامت بالثورة، أو يمكنها فرض رأيها علي باقي المجموعات. تري أباظة أننا نعيش عنفوان الثورة المضادة، ولا توجد ثورة مضادة جيدة أو لطيفة، وهي تهاجم بكل قسوة ما استطاع الشباب انتزاعه، "ما اخشاه احيانا هو كون الشباب لا يمتلكون استراتيجية طويلة المدي في حين انهم يواجهون واحدة من أكبر المؤسسات العسكرية في المنطقة. وهذه مسألة مريعة". الحال الذي تراه مني للخروج من هذا المأزق هو العمل في الشارع بشكل سياسي أكثر، وبالتالي دماء أقل ووجود أكثر رسوخاً في الشارع، لأنه في الاخير لا يريد أحد الموت المجاني لكل هذه الطاقات الشابة، وهذا بالتأكيد لا ينفي الدور الضخم الذي لعبته التظاهرات والصدامات مع العسكر في كسب مساحات جديدة. ولكن من المهم جدا الاهتمام بالعمل المؤسسي، فنحن مهما تحدثنا عن التحالف بين الاخوان والمجلس العسكري فلا يجب ان ننسي أن الاخوان كتنظيم استطاع بالعمل لسنوات طويلة تمهيد أرضية له في الشارع تمكنه من الفوز في البرلمان. مشكلة الليبراليين واليسار والقوي السياسية اللادينية بشكل عام، انها غير موجودة بالشارع، وهناك الكثير من المواطنين تعبوا من فكرة التظاهر والصدام، وهؤلاء تفقدهم الثورة، ولابد من التفكير بشكل مختلف من ناحية للبناء الحقيقي والمؤثر، ومن ناحية اخري من أجل زيادة اعداد المؤمنين بالتغيير وليس إنقاصهم. يجب العودة مرة أخري لمفهوم "اللجان الشعبية" علي مستوي الاحياء، والعمل من خلال مثل هذا المفهوم، وبالتالي يمكن وجود كيانات مؤسسية تبدأ من الحي إلي المدينة إلي الجمهورية، كي نستطيع بلورة احزاب حقيقية يمكنها خلق مناخ سياسي يمكن أن يؤمّن التفاعل بين هذه الكيانات. مدينة للحرب ومدينة للحياة شاركت أباظة بورقة في مؤتمر "سرديات الربيع العربي" الذي أقامته جامعة القاهرة مؤخرا بورقة عن الاسوار التي اقامها المحلس العسكري في وسط القاهرة، حيث تري أن هذا التقسيم يهدف إلي عزل الثورة في منطقة محدودة.. "العسكر تعلموا من درس الايام الاولي للثورة، فاكتشفوا أن المناطق المفتوحة تؤدي إلي هزيمتهم. فلجاؤا لجعل المعارك في الشوارع الجانبية كي يستطيعوا محاصرة الثوار، فما حدث في محمد محمود ثم مجلس الوزارء حرب شوارع حقيقية، خاصة وان المجلس اعلنها بالفعل كما لو كانت منطقة حرب بإغلاقه لشوارع وسط القاهرة بهذا الشكل، وكانت فكرة الاسوار من أجل مزيد من الحصار، وايضا من أجل تهييج سكان المنطقة والمتعاملين مع وسط البلد ضد المتظاهرين، ورفع درجة كرههم للثورة. وهي فكرة تعلمها المجلس العسكري من كل الانظمة العنصرية والفاشية من اسرائيل إلي سور برلين، وهو حل مفيد بالنسبة لهم كسلطة لا تستطيع ايقاف الزحف المناويء لها إلا عبر اسوار تطوق بها وجودها. وهذا التقسيم ايضا يخلق مدينتين، مدينة في حالة حصار وحرب، ومدينة اخري تمارس حياتها العادية. لاحظ أن الايام الاولي لن تتكرر، وأداء السلطة فيها كان علي درجة عالية من الغباء، بحيث كان قطع الاتصالات والانترنت دافعا لاعداد ضخمة للنزول علي سبيل المثال، فكان شلل المدينة الذي صنعه رجال مبارك أحد اسباب نجاح الايام الاولي. حالياً تقام مسيرات هائلة وهذا أمر جيد، لكنها لا تسبب شللا للقاهرة، فقد تعلمت السلطة الدرس فخلقت منطقة حرب ومنطقة حياة عادية، ومادامت الحياة العادية مستمرة فليست هناك أزمة كبيرة، وهذا امتداد لفكرة احمد شفيق عن تحويل ميدان التحرير إلي "هايد بارك"، وتحويل المظاهرات أو المليونيات إلي موالد ليس لها ثقل سياسي، فتصبح "هايد بارك" وهذا لا يضر أحداً، وهذه بالنسبة لي مسألة خطيرة. ثورة جديدة أم فوضي دائمة اسأل مني حول توقعات البعض بهبة ثورية جديدة في مقابل تعنت المجلس العسكري والتأجيل والتسويف والاتفاقات التي يدخل فيها مع القوي الاسلامية لكنها تري "أننا حالياً في حالة الفوضي المقننة، بمعني ان المؤسسة الحاكمة ترعي هذه الحالة من الفوضي، ولكن اذا استمرت الأمور علي هذا المنوال لن يستطيع القائمون علي الحكم السيطرة علي الأمور، وسندخل مرحلة الفوضي الحقيقية وأشك ساعتها أن يستطيع الجيش السيطرة علي البلاد. أوقات أشعر ان المؤسسة الحاكمة في قمة الغباء، وأوقات اخري بالعكس، فنحن تعبنا من الدخول في الدهاليز التي يخلقها لنا المجلس العسكري علي مدار عام ونصف العام، ومن دفع ثمن هذه الرغبة في توهان الشعب، هم الشباب الذين استشهدوا علي مدار كل هذه الفترة. لكن ما زالت أباظة برغم تخوفها متفائلة أيضا. يعطيها التاريخ تفاؤلا خاصا، حيث تري ان "أهم ما في الثورات انها تفتح باب العقل والابداع، حتي لو فشلت سياسيا، فثورة 1848 في فرنسا رغم انها فشلت نتيجة قسوة هجوم الثورة المضادة، الا ان تلك الثورة المضادة اضطرت إلي القيام باصلاحات ضخمة من أجل تلاشي قيام ثورة جديدة، سيضطر العسكر إلي التنازل عاجلا أم اجلا والا ستفلت منهم الامور بلا رجعة. فعدد افراد الجيش في النهاية لن يكفي لتوزيعه علي كل شوارع مصر. ما أخشاه ان يولد عنف السلطة المزايد عنفا من الناحية الاخري في الشارع تجاه السلطة بداية ثم تحل الفوضي". جرافيتي وألتراس.. وأمل علي الرغم من تخوفات أباظة من الدخول إلي مستقبل مظلم إلي حد ما، إلا أنها تري الكثير من الأمل في الشباب، فعندما أري رسومات الجرافيتي ترتفع معنوياتي أمام هذا الفن الرائع، أسألها ان كانت تري الجرافيتي كفن مرتبط بالاغنياء، وبالتالي محصور في دائرة ضيقة فتجيب " هذا سؤال يصعب الرد عليه، ومن أجل الوصول إلي إجابة يمكننا أن نتجول ونسأل مرتادي المقاهي في المناطق التي يوجد بها جرافيتي عن كيفية تعاملهم معه، بالتأكيد يمكنني القول أن من يقومون بالفعل هم من ينتمون في الاغلب إلي فئات عليا من الطبقة المتوسطة، ولكن لا يجب أن تجعلنا هذه الاجابة نصل إلي أن الجرافيتي لا يمكن أن يصل إلي الناس، بالتأكيد أيضا هناك من لا ينتبه إلي أي شيء اثناء مشيه في الشارع، ولكن أيضا هناك الكثير من البسطاء الذين يتفاعلون مع هذه الرسومات الآخذة في الانتشار حتي لو كانوا غير معتادين علي هذا الشكل من التعبير. هل ترين علاقة بين الرسومات التي كانت ترسم علي البيوت وقت سفر احدهم إلي الحج مثلا، الطائرة والجمل والكعبة وما إلي ذلك وبين الجرافيتي أم أنه "متفرنج" بعض الشيء؟ في أي مجتمع هناك علامات لها دلالة في الثقافة الخاصة بهذا المجتمع، ولكن من ناحية أخري هناك الظرف العولمي الذي نعيش فيه، والتطور التكنولوجي بوسائله المختلفة التي تقرب بين مختلف بلدان العالم. الان لا نستطيع مثلا نفي تأثير الفيس بوك علي الجميع، بداية من الاشكال البصرية المختلفة، مرورا بحالة التدفق المعلوماتي، والجدل الدائر بعد هذا كل دفقة معلوماتية جديدة، ولا استطيع ان انكر وقد تجاوزت الخمسين ان الفيس بوك غيّر الكثير من الاشياء في ذهني. فكرة الرسم علي الجدران هي فكرة قديمة، وموجودة طوال الوقت في مختلف الثقافات بطرق متعددة، واستعمال الحوائط في توجيه رسائل معارضة ليس حديثا ففي الستينيات كانت هناك رسومات وكتابات أشهرها "أنا من يسبح ضد التيار"، ولكن طرأ علينا وعلي العالم كله تغيرات وعوامل كثيرة تجعل من هذه الصيغة "العالمية" لغة جديدة لا يمكن نسبتها إلي مصدر واحد هو الغرب أو الشرق. صانع الجرافيتي ينشغل بالدلالة الفنية أم السياسية أكثر بالنسبة لك؟ اذا نظرت إلي جدرايات محمد محمود حالياً، ستجد تجارب مختلفة، وبالتالي دلالات مختلفة فلا نستطيع التعميم بالقول ان الجرافيتي له معاني فنية فقط أو هدفه توجيه رسالة سياسية فقط. أجمل شيء في الجرافيتي أنه يسمح للجميع بقول ما يريدونه، ليس من الضروري أن تكون الرسالة السياسية مباشرة، بل انها تكون اجمل عندما تكون متوارية، فأعمال "جنزير"، و "كايزر" الممتلئة بالحيوية والفنية وبدرجة عالية من السخرية، استطاعت المزج بين الوسيلة العولمية ورموز الثقافة المصرية الشعبية في استعمال هند رستم، وسعاد حسني، وتوفيق الدقن وغيرهم. وهذه الرسومات مصرية جدا، فيصعب علي الاجنبي فهم دلالتها، وهناك رسومات أخري عالمية الطابع يمكن ان توجد في اي مكان في العالم. تتابع أباظة رؤيتها "بالنسبة لي ما يحدث هو بداية تحرك كبير لم ينته بعد، وبرغم ما قد يبدو اخفاقا علي بعض المستويات إلا أن التحرك الكبير لا يزال كل يوم يفتح آفاقاً جديدة ومختلفة، فالباب الذي فتحته الجماهير لن يستطيع أحد إغلاقه بسهولة مرة أخري. الجميع يجرب، فالثورة تجربة جديدة للجميع يجرب في التظاهر ضد المؤسسة، في اكتشاف طريق جديد الألتراس كانوا بالنسبة لي اكتشافاً، هم الفئة الاكثر تنظيما وروعة، في طريقة تحركهم وهجومهم وغنائهم والتواصل فيما بينهم. والمدهش أنهم دخلوا السياسة بالصدفة، واصبحوا بالفعل علي درجة من التسييس، وان كانوا غير قادمين من خلفيات سياسية، وهذا ما يمنحهم الحيوية، ويخلصهم من الامراض المتوارثة في الاحزاب السياسية القديمة في مصر، هم لديهم حس عملي وواقعي كبير. ونحن كمحللين ومتابعين لم ننتبه لهم من قبل لأننا نتحرك طول الوقت بإكليشيهات ضيقة، علي مستوي مفاهيمنا، وفهمنا للواقع، وحتي ملابس السياسيين، بينما شباب الالتراس غيّر معني بكل هذا، وبالتالي خرج عن هذه الاكليشيهات، ايام دراستي بالجامعة وخلال تجربتي مع حزب التجمع، كي تكون سياسيا يجب ان ترتدي ملابس لها شكل خاص، وتتحدث بلغة مختلفة، وتدخن بشكل معين، هذا الشباب لا ينتمي لكل هذا، ولا يريد الانتماء له".