كان يتطلع إلي أشخاص مريبة ،وإلي مختلين يمارسون قراءة الأعين بشيء من الشعوذة والشذوذ ،ولكن وجدها شقة كالتي تكون للمكاتب الإدارية. وأمام المكتب بجوار باب تجلس عليه إحدي الفتيات وقف متسمراً ولم ينبس إلا أنها نظرت إليه خاطفة وأعطته بضعه وريقات ملونة بها تماماً ما يحتاج . جلس في الإنتظار يقرأها ثم قام ليعطيها اسمه وبياناته وأتبعهما بخمسين جنيهاً.وينتظر الحصة بعد ساعة. "جماعة قارئي الأعين المشهرة تحت رقم 269428، للإستفسار الدور الأرضي"..هكذا وجد الإعلان في أحد الأحياء المتطرفة. فصعد ، لا يعلم لم تقوده قدماه إلي هذا المكان الشاذ؟! لم يكن ينجذب للأمر إن حُكي له أو حتي قابل بعضاً من هؤلاء ،ولكن الآن شيئاً غامضاً دفعه للإنضمام لجماعة من الناس اعتقد قبل دقائق أنهم مختلون،وهو لم يبعد الورق عن عينيه ،كلما أنهاه عاد له من جديد ، يتسرب إليه شعور هادئ كلما دقق النظر في الصور الموجودة داخله. وصورة الأستاذ- الخبير في علم قراءة الأعين - تعبث بخيالاته ،وهو مدرس في إحدي الجامعات الغربية والتي يعجز أن ينطق باسمها بشكل صحيح. وبدأ الدرس بعد أن دخل مع الحضور في قاعة واسعة، اختار لنفسه مقعدا متوسطا.... وفي الدرس العملي وقعت عين الأستاذ عليه وطلب منه أن يأتي ليجلس مكانه ،وسأله عن اسمه.ففعل في تردد: سعيد... سعيد محمد سعيد فأطل الأستاذ إلي تلاميذه وطلب أن يخضعوا سعيدا كمادة للتجربة - ركزوا في عينيه في صمت، ثم يخبرني كل واحد بما فيها بصراحة . حاول أن يبعد رأسه عن الإحراج والعرق الذي يسري بداخله ،لتعيد يدا الأستاذ رأسه إلي مكانها وكلهم يتحرشون بعينيه. صرخ أحدهم فجأه يرتدي نظارات كثيفة: إنه يفكر في محفظتي...نعم..كان ينوي أن يسرقها مني في زحام الخروج..رأيت هذا في عينيه. سيطر علي المكان الهمهمة وغرق سعيد في إحمراره وعرقه وصاح صوت أنثوي مفزوع من أول المقاعد:"كم أنت وقح!!! إنه يفكر في جسدي ...كان سيتحرش بي في الشارع. " ولم يعطِ الصوت الذكوري التالي فرصة لسعيد ليندهش" لا إنه يفكر بالتحرش بي في الحمام ...إنه شاذ !! ". وضجت القاعة بالكلام ،،وقبض الأستاذ علي كتف سعيد وهو لا يدري بنفسه والأدرينالين يؤرجح نظره بين الأرض والسقف حتي صرخ صوت مفزع من آخر القاعة كان صاحبه صامتا طوال الوقت:" إرهابي !! يحمل في حقيبته متفجر.. سيفجرنا كلنا" فانطلق الصراخ من الناس وبدأوا يهرعون ويقعون علي بعضهم في محاولة للفرار، فقام سعيد من فورة بينما خطف أحدهم الحقيبة من كتفه وقفز هو للشارع عبر نافذة ،وجري بكل قوته واللعاب يخرج من فمه وهو يهذي ... حتي نال منه التعب فرمي جسده علي الرصيف وعلي شفتيه ابتسامة هادئة لما فكر أن يعود من جديد ليرجع الحقيبة والخمسين جنيها..