انتهي حكم (الملالي) إلي قيام الممثلة الإيرانية (جلشيفته فراهاني) بخلع ملابسها والظهور عارية تماماً علي مدونتها الشخصية، احتجاجاً علي تزمت التقاليد في بلادها، نفس ما فعلته الممثلة التونسية (ناديا بوستا) قبل أسابيع، وما فعلته قبلهما المصرية (علياء المهدي) علي مدونتها أيضاً، كفعل احتجاجي، وموقف استعراضي صارخ وصادم للتعبير عن حريتهن..!! ليست هذه هي الحرية، لكنها التجلي الصادم لمجتمع يعاني الاختناق، لا يفعل أكثر من غلق النوافذ، وسحب الهواء، ومحاصرتنا بالطاعة والأوامر الصارمة، وتحويلنا جميعا إلي كورس يردد نفس النشيد، نغني بالمقاييس المتاحة، ونضحك بالمقاييس المتاحة، ونعبر بالمقاييس المتاحة، وهو ما ينتهي إلي فقدان الروح بكل المقاييس. محاصرة الفكر والإبداع، والتضييق علي الفنون، الإصرار علي التمييز والفصل بين الرجل والمرأة في العمل وفي المدرسة والجامعة وكافة المؤسسات، أدي إلي حالة من النفور أو الهروب من الدين في إيران، وهو ما أشارت إليه الممثلة الايرانية (أنها لجأت إلي العري، احتجاجاً علي التقاليد الخانقة) وهو ما أشار اليه أيضاً المحللون، من أن الصور العارية دليل علي فشل السياسات الثقافية والدينية المتشددة في تلك الدول! وبرغم محاولات الحوار، وتغيير لغة الخطاب والسلوك لدي جماعات الإسلام السياسي في مصر، خاصة لدي الإخوان المسلمين والادّعاء (أرجو أن يكون صدقاً) بالاهتمام بالثقافة والفنون، فإن ممارسات أخري تُنذر بالخطر، وتدق الأجراس، وتستلزم من الفنانين والمبدعين الدفاع عن تاريخهم، وإنجازهم الحضاري الفني والثقافي، بحسم وبقوة، غير مسموح لأحد من تلك التيارات السياسية الدينية بالتدخل في أمور الفن والإبداع.. وكان حزب "النور" السلفي في الأسبوع الماضي قد طلب من الفنانيْن (عزيز الشافعي ورامي جمال) أن يقوما بتقديم أغنيتهما (يابلادي) تلحين بليغ حمدي، في احتفالات 25 يناير، شرط تقديمها بدون موسيقي، وشرط تغيير بعض المفردات من كلمات الأغنية، وهو ما رفضه المطرب ومؤلف الأغنية، لكن الأخطر هو ما أبداه عزيز شافعي من إمكانية قبول فكرة الغناء بدون موسيقي رغبة منه في توسيع رقعة الجمهور، والوصول إلي جمهور جديد، يُحرّم الموسيقي، مضيفاً أن الفنان محمد فوزي سبق وغني بدون موسيقي، وهي طريقة جديدة وشكل مختلف للأغنية!! ورغم أن محمد فوزي بالفعل قدم أغنية (كلمني طمني) بدون موسيقي، لكن لأسباب أخري، غير تحريم الموسيقي، بعضها يتعلق بمشكلات الفرقة الموسيقية، والأهم هو حرصه الدائم علي تطوير موسيقاه، مختاراً لأغنيته شكل (الكابيلا) وهو شكل غنائي إيطالي، من دون مصاحبة موسيقية اعتماداً علي استعراض الصوت البشري بطبقاته المختلفة من (السوبرانو) إلي (الباص) وقد لعب الكورال دوراً جوهرياً في البناء الموسيقي للأغنية.. الخطورة أن نضطر بعد كل تلك السنوات، للحديث عن تحريم الموسيقي (لا تطويرها) والحديث عن تحطيم آلات العزف الموسيقية، وتغطية التماثيل، ومحاربة فن الباليه و(مراعاة الملابس علي المسرح، والمرونة في الفن، وعدم استفزاز شركاء الوطن) بتعبير وزير الثقافة للأسف!!