أيها الغائب.. الحاضر فينا... ماذا أقول لك؟ وماذا أقول عنك؟ فاللغات كلها لاتستطيع أن تحيط بك وبلاغتي تلهث وراءك ولاتقدر أن تلحق بك. لماذا أنت مرتفع وشاهق.. مضيء وباهر ونبيل، وأصيل إلي هذا الحد؟ لقد أتعبتني حقا... أتعبتني جدا. فالقمم العالية تتعب والشموس العالية تتعب. إن الصعود إليك صعب... صعب.. صعب.. فانزل إليّ قليلا لأتمكن من تقبيل عينيك.. انزل إلي لأتفاهم معك فلقد نسيت أن أقول لك أنك عشيرتي وقصيدتي وأمي وأبي... هل تعرف أنك أبي؟ أن أبوتك تحاصرني في كل مكان بحيث إذا مشيت خطوة ولم تمسك بيدي وقعت... وإذا تجولت في المدينة ولم تكن معي ضعت.. وإذا دخلت امتحانات دون أن تساعدني سقطت. لقد أفسدتني بحنانك.. فلماذا تلخبط أيامي وتجعل الأسابيع والأشهر والأيام والدقائق مثل فتافيت الورق، تطير كلها وراءك؟ لماذا احتللت جميع مداخل حياتي؟ حاولت في لحظات الغباء أن أقاومك ولكن هل تقاوم الشجرة أوراقها، والجنين أمه؟ عندما ذهبت.. ذهب التاريخ معك.. باختصار بيتنا صار صحراء الربع الخالي ألم أقل لك إنك أبي وإنك أمي؟ وإني مرتبطة بك بحبل المشيمة. هذا النهر من الحنان الذي ينبع من عينيك النهر الوحيد علي خارطة العالم.. ووجهك أصبح كل الجغرافيا.. وكل التاريخ أيامك ذهبت ولم تذهب.. وصوتك وشم محفور في القلب ولايزال يشعل الحرائق في الذاكرة. مرعبة هذه الذاكرة.. انها تعيد جميع التفاصيل بالأزرق والأحمر والبنفسجي والوردي وتعيد كل الروائح والأصوات والخطوط كما يفعل شريط الفيديو. سلام عليك أيها الملك. سلام عليك أيها الفارس. سلام عليك ياقصيدتي المكتوبة بماء الذهب ودم القلب.