الإيجار القديم.. محمود فوزي يوضح سبب استبعاد مقترح صندوق التعويضات: لا نعالج تشوها بتشوه آخر    إنشاء محطة تحلية مياه بمرسى علم بطاقة 10 آلاف متر مكعب يوميا    بدء تطوير طريق دمياط – دمياط الجديدة لتخفيف الزحام وتحسين السلامة المرورية    غزة.. الجيش الإسرائيلي ينذر بإخلاء أحياء جديدة في خان يونس    اتحاد الدراجات يستمع لمطالب الأجهزة الفنية ولاعبي المنتخبات الوطنية    في هذا الموعد.. تامر حسني يحيي حفلًا غنائيًا فى لبنان    إيران تشيد بمبادرة مصر فى إصدار بيان عربي إسلامي يدين اعتداءات إسرائيل على طهران    فلومينينسي ضد بوروسيا دورتموند.. تعادل سلبى جديد فى كأس العالم للأندية    خطوات التقديم الإلكتروني لمرحلتي رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي الأزهري    إصابة قوية تبعد ميتروفيتش عن الهلال قبل مواجهة ريال مدريد في مونديال الأندية    قبل بالميراس.. 3 أهداف حمراء في مواجهات الأهلي والأندية البرازيلية    الأمن يضبط المتهم بفيديو التعدي على رجل مرور في الجيزة    بعد تصريحات ترامب.. هل تتدخل الولايات المتحدة في الحرب الإسرائيلية على إيران؟    مصطفى كامل يطرح رابع أغاني ألبومه الجديد «دنيا وقلابة» (فيديو)    القصة الكاملة لأزمة هند صبري بعد مطالبات ترحيلها من مصر    أكاديمية الفنون تعرض أنشودة الفؤاد أول فيلم غنائي مصري في أمسية سينمائية خاصة    بعد أزمتها في العراق.. أول ظهور ل إلهام شاهين بعد وصولها مصر (فيديو)    فضل صيام رأس السنة الهجرية 2025.. الإفتاء توضح الحكم والدعاء المستحب لبداية العام الجديد    تشكيل كأس العالم للأندية - مونتييل أساسي مع ريفر بليت.. ومهاجم وحيد ل أوراوا    بيريرا: لم أختر كل شيء في وجودي بلجنة الحكام.. والمجاملات كانت معيارًا أساسيًا    جامعة دمياط تتقدم في تصنيف US News العالمي للعام الثاني على التوالي    نجم إنجلترا يثير الجدل: "سألعب البلاي ستيشن حتى بعد الزفاف"    غدًا.. أحمد فتحي ضيف فضفضت أوي على WATCH IT مع معتز التوني    نائبة التنسيقية: انتشار حفر الآبار العشوائي يهدد التربة والمحاصيل وثروات الدولة    وزير الصحة يعقد اجتماعا لمتابعة الموقف التنفيذي لميكنة منظومة التأمين الشامل    مصرع سباك إثر سقوطه من مرتفع أثناء عمله بدمياط    براءة الفنان محمد غنيم بعد التصالح مع طليقته    هل تشتعل «حرب» عالمية ؟    الجيش الإيراني: العملية العقابية قادمة.. وما جرى حتى الآن مجرد تحذير    محافظ الفيوم يعتمد أكبر حركة تنقلات في الإدارة المحلية    "قصر العيني" يستقبل سفير الكونغو لتعزيز التعاون الأكاديمي في إطار تدشين البرنامج الفرنسي    الشيخ خالد الجندي يروي قصة بليغة عن مصير من ينسى الدين: "الموت لا ينتظر أحدًا"    «بطعنة في الظهر».. تأجيل استئناف تاجر مخدرات بقتل نجار في الحوامدية ل21 سبتمبر المقبل    محافظ الأقصر يوجه بصيانة صالة الألعاب المغطاة بإسنا (صور)    الجيش الإسرائيلي: إيران أطلقت 400 صاروخ حتى الآن    التعليم العالى تعلن فتح باب التقدم للمنح المصرية الفرنسية لطلاب الدكتوراه للعام الجامعى 2026    مجلس النواب يوافق علي خمسة مشروعات قوانين للتنقيب عن البترول    "أكبر من حجمها".. محمد شريف يعلق على أزمة عدم مشاركة بنشرقي أمام إنتر ميامي    «البحوث الإسلامية»: الحفاظ على البيئة واجب شرعي وإنساني    رصاصة غدر بسبب الزيت المستعمل.. حبس المتهم بقتل شريكه في الفيوم    رئيسة «القومي للبحوث»: التصدي لظاهرة العنف الأسري ضرورة وطنية | فيديو    5 فواكه يساعد تناولها على تنظيف الأمعاء.. احرص عليها    محافظ أسيوط يستقبل السفير الهندي لبحث سبل التعاون - صور    أمين الفتوى يكشف عن شروط صحة وقبول الصلاة: بدونها تكون باطلة (فيديو)    الخميس.. جمعية محبي الشيخ إمام للفنون والآداب تحتفل بالذكرى ال30 لرحيله    "الحرية المصري": نخوض الانتخابات البرلمانية بكوادر على غالبية المقاعد الفردية    في أقل من شهر.. «المشروع X» يفرض نفسه في شباك التذاكر    نجاح طبي جديد: استئصال ورم ضخم أنقذ حياة فتاة بمستشفى الفيوم العام    التصعيد بين إسرائيل وإيران يُنذر بانفجار إقليمي وحرب نووية في الشرق الأوسط    محافظ أسوان يشيد بجهود صندوق مكافحة الإدمان فى الأنشطة الوقائية    منذ بداية الحصاد.. 280 ألف طن قمح تدخل شون وصوامع بني سويف    وزير الرياضة يرد على الانتقادات: دعم الأهلي والزمالك واجب وطني.. ولا تفرقة بين الأندية    مستشفيات الدقهلية تتوسع في الخدمات وتستقبل 328 ألف مواطن خلال شهر    ضبط 300 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة في القاهرة    «أمطار في عز الحر».. الأرصاد عن حالة الطقس اليوم الثلاثاء: «احذروا الشبورة»    الغردقة.. وجهة مفضلة للعرب المهاجرين في أوروبا لقضاء إجازاتهم    مصر تبحث مع وفد مؤسسة التمويل الدولية (IFC) تعزيز التعاون ودعم أولويات الحكومة    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد عبد القدوس يكتب: تزوجها وامتلك الحزب الحاكم!!
نشر في الدستور الأصلي يوم 27 - 08 - 2010

كل المقربين مني ينادونني باسم «ديجا»، كنت حتي وقت قريب جداً غير راضية عن اسمي الحقيقي! وبعدما درست سيرة تلك التي أحمل اسمها غيرت رأيي.
سألها: وما الذي جعلك تعجبين بها؟
قالت وهي تنظر إليه: مختلفة ولا شك، عن كل نساء الجاهلية والإسلام معاً، صاحبة تجارة ومليونيرة، والرجال في خدمتها، وهذا غريب بالطبع علي العقلية الشرقية.
لمعت عيناها وهي تقول: أهم من هذا كله أنها هي التي طلبت الزواج ممن استراح له قلبها، وأرسلت من يتوسط لإقناعه بذلك، ولم تأبه أنه أصغر منها بربع قرن، تجاهل نظرتها قائلاً: يعجبني في تلك السيدة العظيمة أنها تركت الدنيا كلها من أجله، وأصبحت مجرد زوجة، ومنها استمد قوته، وكانت أول من آمنت به من النساء والرجال علي حد سواء.
قالت وهي تلتهمه بعيونها: معك حق 100%، الحب قادر علي صنع المعجزات، اتسعت ابتسامتها وهي تضيف: عندما يأتي ذكرها أقول علي الفور: رضي الله عنها وأرضاها.
سادت فترة صمت لثوان قالت بعدها: علي فكرة اسم خديجة معروف بين الطبقة التي أنتمي إليها، وأشهرهن زوجة جمال مبارك.
هل تعرفينها جيداً؟
أجابت: هي أكبر مني بقليل، وأراها دوماً أثناء الصيف في قرية «هاسيندا» التي بناها والدها بالساحل الشمالي.. رجل عصامي اسمه «محمود الجمّال».. إنسان متواضع، ويحرص علي الابتعاد عن السياسة.. ابنته زي العسل واسمها الآن «أم فريدة» بعدما أنجبت طفلة جميلة.
حرص علي إدارة دفة الحديث ليركز معها علي العلم فقط حتي خرجت من مكتبه.
وبعد مغادرتها أخذ في تأمل حديثها.. ما الذي يجري؟ حلم أم علم! لم يفق إلا علي صوت من يزامله في الحجرة، الذي دخل وهو يقول: قلبك واضح إنه يدق بقوة!
نفي ذلك بتكشيرة مصطنعة علي وجهه، كان الرد ضحكة من هذا الزميل: كلية الهندسة كلها تتحدث عن إعجابها بك.. «يابختك يا عم».. علي فكرة أنا كنت قادماً إلي مكتبي منذ نصف ساعة وعندما رأيت حبيبة القلب عندنا تراجعت حتي أترك لك الفرصة لتحادثها دون حرج.. اختفت ابتسامته وهو يضيف قائلاً: باب النجار «مخلع» عندك يا أستاذ وائل!! نصائحك لي لا تنقطع بضرورة الارتباط بسرعة بالفتاة التي أحبها! وأنت ظروفك مواتية للزواج من عروس لقطة، ولكنك لا تريد أن تفرح بنفسك.
قال: بصراحة يا تامر أنا متردد في الارتباط بخديجة بنت الأكابر.
رد قائلاً: وهذا أمر لا يوجد له أي سبب معقول ولا أفهمه!
وزملاؤنا في الكلية مندهشون من موقفك هذا.. مازحه قائلاً: أرفض أن تنطبق عليك أغنية المرحومة سعاد حسني: يا واد يا تقيل.
لم يرد عليه، انتهزها صديقه فرصة لاستكمال كلامه: إياك أن تتركها تفلت منك.. ستندم علي ذلك عمرك كله.. خديجة هلال التي نقوم أنا وأنت بالتدريس لها أفضل عروس لك لسببين..
نظر إليه وائل بعيون متلهفة دون أن يتكلم، وكأنه يستحثه علي شرح ما يقصده وبسرعة.
اسمع يا سيدي..
السبب الأول: بنت زي الفل بشهادة الجميع.. جمال وأخلاق.. محتشمة في ملبسها، وأهم ما تتميز به بساطتها، وتواضعها مع كل الناس، رغم أن والدها من باشوات مصر الكبار.
هي بالتأكيد مختلفة عن بنات الأثرياء الجدد الذين ظهروا في عصر الانفتاح، بعيدة عن التكبر، والمظاهر الكدّابة، وكفاية أنها بتحبك ومعجبة بك.
والسبب الثاني: يتمثل في أسرتها.. أبوها الدكتور مفيد هلال من أساطين الحزب الوطني الحاكم، ومقرّب جداً من قياداته، مثل صفوت الشريف والدكتور زكريا عزمي، وابن الريس جمال مبارك يثق فيه، وحتي أحمد عز بيحبه. يعني حضرتك حتناسب واحد من حكام البلد جمع بين الحسنيين، السياسة والبزنس، فهو شاطر جداً في القانون، وتجده وراء كل تشريعات الحزب الوطني، وفي ذات الوقت عنده تجارة واسعة وثروة تقدر بالملايين.. ما رأيك؟
كانت الإجابة مزيداً من الصمت!
قال له تامر: «زعلان منك» واضح إنك لا تريد أن تفتح لي قلبك مع إنك تعلم أنني أحبك، وكل أسراري عندك.
رد وائل: من فضلك لا تظلمني.. قلبي مفتوح لك دوماً، لكن موضوعي مع تلك الفتاة بالذات ليس سهلاً أبداً، والسبب أنه وقع لي ما لا يخطر علي بالك.. معجزة بكل المقاييس في زمن انتهت فيه المعجزات.. جاءني كرم من ربنا لم أحلم به يوماً، لذلك تجدني حائراً لا أدري ماذا أفعل.
سأله صديقه بلهفة عما جري.. «أشتاق لسماع ما حدث لك».
«سأشرح لك حكايتي باختصار، وأرجوك لا تقاطعني حتي أنتهي من كلامي كله».
«وأنا كلي آذان مصغية.. وقررت اعتقال لساني الطويل حتي تنتهي من حديثك»!
ابتسم ابتسامة خفيفة سرعان ما سحبها وبدأ يروي قصته: أول مرة أحببت فيها «بحق وحقيقي» كان منذ بضع سنوات.. شقيقة أحد أصدقائي، كنت طالباً بالهندسة، وهي بالثانوية العامة، ورغم حرصي علي التفوّق فإن هذا لم يمنعني من الذهاب إلي بيتها بانتظام لمساعدتها في دروسها وسط ترحيب من أسرتها، و«طب قلبي»، كان حبي لها طاهراً يقوم علي الاحترام، لم أقابلها خارج منزلها أبداً.. توطدت علاقتنا وكانت محسوبة بدقة حيث إنها تتم تحت عيون أهلها.
قاطعه تامر: وهل شعرت هي بهذا الحب؟
نظر إليه وائل بعيون غاضبة تقول: ألم أقل لك منذ البداية! التزم الصمت.. ولا كلمة؟ تجاهل سؤاله، وقال: أقنعتها بتغيير مسارها الدراسي، كانت ترغب بالجامعة الأمريكية، رأيت بعد حديثي معها أن الهندسة أفضل، المهم المجموع، يارب تكون معي في الكلية ذاتها، فكرت في كتابة خطاب أقول لها كل ما في قلبي، تراجعت، عيب «ما يصحش».. ثم إنها ذكية وعاطفية قادرة علي التقاط شعوري نحوها بسهولة.. كنا نتحدث في كل شيء ولا نكتفي بالدروس فقط، رأيتها فرحة بوجودي.. سعيدة بآرائي.. قالت لي مرة: أنت ذكي وشاطر وصاحب أخلاق ومنفتح علي الدنيا.. وكل هذه الصفات من الصعب أنت تجتمع في إنسان، خاصة شباب «اليومين دول»..كدت أطير من الفرحة بعدما أعلنت عن حبها بطريقتها.
وأخيراً تحقق ما تمنيته لها.. حصلت علي مجموع كبير فرحت به 96%، أقامت أسرتها احتفالاً فخماً بهذه المناسبة، وكنت بالطبع أول المدعوين.
أضاف وائل: سافرت أسرتها لقضاء الصيف في «مارينا»، قضت شهرين بعيداً عني، كنت أتصل بها باستمرار، لطيفة دوماً معي، داهمني شعور رغم ذلك بأن إعجابها بشخصي في تراجع، تساءلت: هل انشغلت بغيري وانتهي دوري بعدما أديت لها خدمة جليلة؟؟ لم لا تأخذ زمام المبادرة وتسأل عني كما أفعل؟
لماذا أنا الذي أحدثها باستمرار؟ «معلش» اصبر، إنني لا أدري ماذا تفعل في «مارينا» اتفقنا علي أن أهاتفها مساء لأنها تنام صباحاً! هل هذا معقول؟ فكرت في السفر إليها، وقضاء أيام هناك، لكن كيف وأسرتي كلها في الإسكندرية، وأهلها لم يتفضلوا بدعوتي عندهم رغم أن عندهم بيتاً أشبه بقصر.
وكانت المفاجأة عندما دخلت فتاتي الجامعة، أصابتني بالفعل بعقدة من الكلية التي أنتمي إليها.
تراقصت علامات الاستفهام علي وجه «تامر»، تساءل عن هذا اللغز الذي يحمله كلام صديقه: أنت تحدثت عن وقوع معجزة، وبدلاً من ذلك أري «فزّورة» تشبه فوازير رمضان.
واصل وائل حديثه وكأنه لم يسمعه: اختارت الساعات المعتمدة وتخصصت في هندسة الإنشاءات وهو نظام، كما تعلم، يختلف عن الدراسة العادية.. «عندنا التعليم أفضل من عندكم مليون مرة» الطلاب أقل.. والأساتذة أكثر اهتماماً بالدارسين، وخريجو برامج الساعات المعتمدة ستكون لهم فرصة أفضل مقارنة بزملائهم الذين درسوا الهندسة بطريقة تقليدية.
وفي إحدي المرات سألتني: لماذا لم تلتحق بهذا النظام الراقي؟ قلت لها بتلقائية: لأنه كان جديداً علينا عندما دخلت الكلية، وأنا سعيد في قسم مدني حيث أدرس.. دراستنا، والحمد لله، شاملة ومحترمة، وتكاليفها زهيدة.
ردت بطريقة لم أستوعبها: عصرنا الذي نعيش فيه يؤكد أن العلم الحقيقي لابد أن يكون له ثمن، وأفضل بالتأكيد من «أبوبلاش»!! وإذا نظرت إلي كليات الجامعة المختلفة فستجد كلامي صحيحاً.. في كليات التجارة والحقوق والاقتصاد والعلوم السياسية.. الأقسام بمصاريف متميزة عن تلك التي يدرس فيها الطلاب دون مقابل يذكر! قلت لها: هذا غير صحيح.. انتهي عصر التعليم المجاني يكفي غلاء الكتب.
انصرفت وفي عينيها نظرة ساخرة.. شعرت بعد تلك المقابلة أن بيني وبينها مسافة، سكت قليلاً ثم أضاف: صدق من قال: القلب مالوش أحكام.. الغريب أن عاطفتي نحوها ظلت قوية برغم هذا الاستعلاء الذي بدا عليها، ازداد تكبرها بعد دخول والدها فجأة مجلس الشعب. مات شقيقه الكبير، نائب الدائرة فقام الحزب الوطني بترشيح أبيها مكانه في بلدتهم بالشرقية
انتهي وائل من كلامه، كست الدهشة وجه تامر، عبر عنها قائلاً: عفواً يا صاحبي.. أين معجزة ربنا فيما قلته؟ توقعت قصة مثيرة ولا في الأفلام العربي! لكن حكايتك عادية.
تأمله صاحب الحكاية وعلي وجهه الأسي ثم قال: خاب أملي في ذكائك وسرعة بديهتك.. وجودنا في هذا المكان فضل من الله وكرم ونعمة عظيمة!
«مش فاهم حاجة».
رد في سخرية: أصلك ولا مؤاخذة.
وقبل أن ينطق الكلمة الأخيرة سحبها مع سخريته قائلاً في جدية: تلك التي كنت أحبها أصابتني بعقدة كما أخبرتك دفعتني إلي مزيد من التفوق وتمنيت العمل معيداً، حيث تدرس وكنت من الأوائل، طرقت الأبواب دون جدوي، كل شيء في البلد بالواسطة والكوسة، استسلمت لمصيري في النهاية، أصبحت معيداً بقسم مدني دون أن تتحقق رغبتي في الالتحاق بنظام الساعات المعتمدة، انشغلت في رسالة الماجستير، حصلت عليها في زمن قياسي، نسيت حلمي وأصبحت مدرساً مساعداً، فوجئت بأستاذي الدكتور نبيل محمود يستدعيني، يوماً قائلاً: أنا رشحتك لقسم الهندسة الإنشائية.. نظام الساعات المعتمدة.. إنهم يبحثون عن واحد متخصص في إدارة التشييد يساعد أستاذ المادة، وتلك كانت رسالتك العلمية.. هناك أوضاع العاملين أفضل من كل الوجوه.. مبروك! وهكذا انتقلت إلي هذا المكان وكانت حبيبة القلب قد تخرجت وبقي أن تعلم أن اسمها خديجة.
استولت المفاجأة علي تامر: هذه هي المفاجأة العظمي والإعجاز بحق وحقيقي.. صدق من قال: صدفة خير من مليون ميعاد.. خديجة حبك الأول وبنت الأكابر التي تطاردك تحمل ذات الاسم! شيء لا يصدقه عقل.. لا وجه للمقارنة بينهما، الأولي كانت متكبرة عليك.. أبوها عضو عادي بالبرلمان ينتمي للحزب الوطني، أما رقم اتنين فهي «البريمو» بسيطة ومتواضعة، تلهث وراءك، زواجك منها يعني أنك وضعت الحزب الوطني كله في جيبك لمكانة أبيها هناك.. ماذا تنتظر؟
قال في تردد: لا أفكر بهذه الطريقة.. أريد الزواج من فتاة عادية جداً، صاح صاحبه: مخطئ 100% مجنون، هذا الذي يرفص نعمة ربه بقدميه.
ولم يدع له الفرصة بل انطلق في حماس قائلاً: «تزوجها وامتلك الحزب الحاكم الذي سيكون في خدمتك وتحت أمرك! تفتح لك الدنيا أبوابها.
وشرح ما يعنيه قائلاً: ستدرس بأرقي جامعات أمريكا للحصول علي الدكتوراه.. عندما تصطحب معك زوجتك خديجة هانم ستجد السفارة المصرية رهن إشارتك، وتكون حياتك هناك «آخر تمام» وعلي أرقي مستوي.
وأضاف قائلاً: وبعد عودتك، بإذن الله، سيتم ترقيتك بسرعة الصاروخ! وتصل إلي أعلي المناصب «عميداً للهندسة ثم مديراً للجامعة، ومن يدري ربما وزيراً للتعليم العالي لتعمل علي إصلاحه والارتقاء به».
يا سيدي.. أنا لا أريد الزواج من أبيها وحزب الحكومة!! أتطلع إلي إنسانة أستريح معها، ثم إنني لا أحب شق طريقي في الحياة معتمداً علي الكوسة والقرع.
وقال تامر: أبداً أبداً أنت ذكي وكفء وتستحق أن تصل إلي كل المناصب باجتهادك، ودور أبيها مساندتك في بلد كل شيء فيه يقوم علي الواسطة! أما ابنته فهي معجبة بحضرتك دون بقية خلق الله!! والمؤكد أنها ستصبح زوجة زي الفل.. وأنت ما رأيك فيها؟
سكت برهة.. أطلت عليه في خياله،استعرض مواصفاتها، تذكر كلامها ابتسم قائلاً: إذا أردت تلخيص شخصيتها لقلت إنها إنسانة متفوقة في جمالها، أخلاقها تواضعها.
«مبروك ياعم»
سحب ابتسامته وقال رداً علي تلك التهنئة: أخشي أن يرفض والدها إذا تقدمت إليه، لا شك أنه يتطلع إلي تزويج ابنته من نجل مليونير مثله.
رد صديقه: أنت تعلم وأنا كذلك أن ابنته «فرخة بكشك» عنده.. إنها الابنة الوحيدة له، ولا يمكن أن يرفض لها طلباً.
فاجأه وائل: بصراحة لا أتصور أن يكون الدكتور مفيد هلال والداً لزوجتي.
«خدّام» للحكومة ومنافق من الطراز الأول.. رجل كل العصور. أيام شبابه كان من نجوم الاتحاد الاشتراكي، وحالياً تجده أحد رموز الانفتاح سداح مداح! ثم إنني أخشي من قيام انتفاضة شعبية تأكل الأخضر واليابس وتطيح بكل هؤلاء، وأجد نفسي ولقد ضاع مستقبلي كله.
نظر إليه تامر بعيون حادة تحمل اللوم، وقال: فكرة أن تقوم بثورة في البلد مستبعدة، لكن من الواضح أنك عندك عقدة من حبك الأول.. خديجة رقم واحد.
اضطرب ولم يرد تاركاً الفرصة لمحدثه ليكمل كلامه: حبيبة قلبك السابقة رفضتك، وأنت ودون أن تدري، يريد عقلك الباطن الانتقام ورد «الصاع صاعين» في خديجة رقم 2.
وأضاف تامر في حنان: يا وائل لا تدع فرصة العمرتضيع منك.
وفي اليوم التالي التقي بخديجة مفيد هلال، لاحظت أن ابتسامته وإقباله عليها أكبر من كل مرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.