(كن جميلًا ترَ الوجودَ جميلًا) موضوع خطبة الجمعة المقبلة    كجوك: مستعدون لمواصلة العمل مع شركائنا الدوليين وبنوك التنمية متعددة الأطراف والقطاع الخاص لدفع مسار التحول الأخضر    «المصرية للاتصالات» توقّع 3 مذكرات تفاهم لتوسيع خدمات منصة WE HealthCloud خلال PHDC 2025    الأمم المتحدة: صعوبة الوصول إلى الفاشر أكبر عائق أمام إيصال المساعدات الإنسانية    الخط الأصفر.. هل يتحول إلى جدار برلين جديد؟    الزمالك يكرّم نجمه الراحل محمد صبري بطريقة جديدة    اليابان تفوز على جنوب إفريقيا بثلاثية وتتأهل لدور ال16 في كأس العالم للناشئين    الأهلي يتأهل لمواجهة الاتحاد في نهائي دوري المرتبط لكرة السلة    أسباب الانزلاق إلى الإدمان ودوافع التعافي.. دراسة تكشف تأثير البيئة والصحة والضغوط المعيشية على مسار المدمنين في مصر    طقس مائل للبرودة وسقوط أمطارعلى هذه المناطق.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا الأحد    الأرصاد: تحسن في الطقس وارتفاع طفيف بدرجات الحرارة نهاية الأسبوع    المتحف.. لقاء عبقرية المصرى القديم وإبداع المعاصر    خالد عبد الغفار: إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصحة الرقمية لإنشاء نظام صحي ذكي بحلول 2030    استشاري أمراض صدرية تحسم الجدل حول انتشار الفيروس المخلوي بين طلاب المدارس    ألبانيا ضد إنجلترا.. توماس توخيل يوضح موقفه من غضب اللاعبين    متحدث الأوقاف يكشف كواليس دولة التلاوة.. ويؤكد: نفخر بالتعاون مع المتحدة    من مقلب قمامة إلى أجمل حديقة.. مشاهد رائعة لحديقة الفسطاط بوسط القاهرة    المنظمات الدولية والحقوقية: لا مخالفات جوهرية تؤثر على سلامة العملية الانتخابية    حقيقة مفاوضات الأهلي مع أسامة فيصل وموقف اللاعب    قضية إبستين.. واشنطن بوست: ترامب يُصعد لتوجيه الغضب نحو الديمقراطيين    ذكرى اعتزال حسام حسن.. العميد الذي ترك بصمة لا تُنسى في الكرة المصرية    حبس والدى طفلة الإشارة بالإسماعيلية 4 أيام على ذمة التحقيقات    خبير أسري: الشك في الحياة الزوجية "حرام" ونابع من شخصية غير سوية    عملات تذكارية جديدة توثق معالم المتحف المصري الكبير وتشهد إقبالًا كبيرًا    الزراعة: تعاون مصري صيني لتعزيز الابتكار في مجال الصحة الحيوانية    وزير الصحة يعلن توصيات المؤتمر العالمى للسكان والصحة والتنمية البشرية    جيراسي وهاري كين على رادار برشلونة لتعويض ليفاندوفيسكي    المصارعة تشارك ب 13 لاعب ولاعبة في دورة التضامن الإسلامي بالرياض    اليابان تحتج على تحذيرات السفر الصينية وتدعو إلى علاقات أكثر استقرارًا    سفير الجزائر عن المتحف الكبير: لمست عن قرب إنجازات المصريين رغم التحديات    القاهرة للعرائس تتألق وتحصد 4 جوائز في مهرجان الطفل العربي    تعرض الفنان هاني مهنى لوعكة صحية شديدة.. اعرف التفاصيل    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    أسامة ربيع: عبور سفن عملاقة من باب المندب إلى قناة السويس يؤكد عودة الأمن للممرات البحرية    الداخلية تكشف ملابسات تضرر مواطن من ضابط مرور بسبب «إسكوتر»    جنايات بنها تصدر حكم الإعدام شنقًا لعامل وسائق في قضية قتل سيدة بالقليوبية    استجابة لما نشرناه امس..الخارجية المصرية تنقذ عشرات الشباب من المنصورة بعد احتجازهم بجزيرة بين تركيا واليونان    عاجل| «الفجر» تنشر أبرز النقاط في اجتماع الرئيس السيسي مع وزير البترول ورئيس الوزراء    دعت لضرورة تنوع مصادر التمويل، دراسة تكشف تكاليف تشغيل الجامعات التكنولوجية    أسماء مرشحي القائمة الوطنية لانتخابات النواب عن قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    وزيرة التنمية المحلية تفتتح أول مجزر متنقل في مصر بطاقة 100 رأس يوميا    آخر تطورات أسعار الفضة صباح اليوم السبت    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    كولومبيا تعلن شراء 17 مقاتلة سويدية لتعزيز قدرتها الدفاعية    ترامب يلغي الرسوم الجمركية على اللحم البقري والقهوة والفواكه الاستوائية    الشرطة السويدية: مصرع ثلاثة أشخاص إثر صدمهم من قبل حافلة وسط استوكهولم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    طريقة عمل بودينج البطاطا الحلوة، وصفة سهلة وغنية بالألياف    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    نقيب المهن الموسيقية يطمئن جمهور أحمد سعد بعد تعرضه لحادث    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    نانسي عجرم تروي قصة زواجها من فادي الهاشم: أسناني سبب ارتباطنا    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في فيلم يستلهم كتابات إدوارد سعيد:»أمرييكا«...إذا حكت بالعربية!
نشر في أخبار الأدب يوم 02 - 05 - 2010

بالصدفة حصلت علي نسخة "دي في دي" من فيلم "أمرييكا" للمخرجة الفلسطينية الأردنية الأمريكية شيرين دعبس بعد أن فاتتني مشاهدته في مهرجان القاهرة الماضي، وانبهرت بمستوي الفيلم الذي حقق نجاحا "عالميا" ملحوظا. وهو ما استدعي إلي ذهني عددا من الأفلام العربية المتميزة التي شاهدتها خلال الأعوام الأخيرة في مناسبات متفرقة.
لقد أصبحت حقيقة لا يمكن انكارها أن السينما العربية _ خارج مصر _ قفزت خطوات كبيرة في مجال السينما من ناحية التواجد علي الساحة العالمية والمشاركة في المهرجانات الدولية والحصول علي عدد من الجوائز الكبري.
الشيء الوحيد الذي لا يزال بعيدا عن طموح هذه الأفلام هو الوصول إلي الجمهور العربي رغم المحاولات القليلة المتواضعة التي قامت بها الموزعة والمنتجة ماريان خوري لعرض بعض الأفلام اللبنانية والفلسطينية في مصر مثل "بوسطة" و"سكر بنات" وأخيرا "المر والرمان".
لا تزال الأفلام العربية خاصة أفلام المغرب العربي مجهولة عند الجمهور المصري والجماهير العربية الأخري بشكل عام...والأسوأ أنها غريبة في بلادها نفسها، وليس لها جمهور في بلادها، لأن الجمهور يفضل الأفلام الأجنبية ولأنه لا يوجد بنية أساسية للتوزيع ودور العرض في البلاد العربية...باستثناء مصر التي تعد من السينمات القليلة في العالم التي يعتمد دخلها علي الإيرادات المحلية. ولكننا في المقابل لا نعرف سوي السينما المحلية ونوع واحد من الأفلام الأمريكية التجارية. تقريبا لا نعرف شيئا عن السينمات الأوروبية والآسيوية والأفريقية، ونفس الشئ مع السينمات العربية وحتي السينما الفلسطينية مع أننا نتغني بإسم فلسطين ليل نهار...بل إن الجمهور الأوروبي _ قطاع كبير منه من محبي السينما والنقاد والسينمائيين لديهم دراية بالسينما الفلسطينية أكثر منا. السبب طبعا أن كثيراً من هذه الأفلام انتاج مشترك مع أوروبا وأمريكا مما يعني ضمان توزيعها وعرضها في هذه البلاد، وبالتالي وصولها إلي الناس الذين هو الهدف الأساسي من أي انتاج ثقافي أو فني...علي عكس الأفلام المصرية العاجزة تسويقيا وفنيا عن الوصول إلي الأسواق العالمية لأسباب كثيرة يطول شرحها.

فيلم "أمرييكا" نموذج للفيلم "العالمي" بالمعني الحديث في انتاجه وتوزيعه ومستواه واسلوبه الفني.
المخرجة شيرين دعبس تنتمي لجيل جديد من السينمائيين الشباب، يضعون قدما في الشرق والأخري في الغرب. يحملون هموم أوطانهم، ولكنهم يعيشون حياة عصرية في الغرب بعيدا عن القمع والبؤس في العالم العربي، يحملون جنسية أجنبية أو علي الأقل يجيدون التحدث بأكثر من لغة ولديهم تعليم وثقافة تؤهلهم للتخاطب والتواصل مع العالم، وبالتحديد المسئولين عن صناعة السينما في الغرب والشرق...ومن المؤكد أن الجدل سيثار هنا عن هوية هؤلاء المخرجين وأفلامهم، وأنهم ليسوا عربا مائة بالمائة وأنهم يخاطبون الغرب إلي آخر هذا الجدل القديم والعقيم وغير الصالح للتعميم لأن كل فيلم حالة خاصة يجب مناقشتها علي حدة.
فيلم "أمرييكا" مثلا يروي صورا من حياة شيرين دعبس وعائلتها في الولايات المتحدة عقب أحداث 11 سبتمبر وما تلاها من اضطهاد للعرب المقيمين في أمريكا، كما يصور الحياة الصعبة للفلسطينيين في فلسطين المحتلة وسط القنابل والحواجز والتحرشات اليومية من الجنود الإسرائيليين. وعنوان الفيلم نفسه يغير هجاء كلمة "أميركا" الإنجليزية وفقا للكنة العربية، "أمرييكا"، وهو حسب علمي أول فيلم أمريكي يدور بالكامل عن الأمريكان من أصول عربية وتنطق فيه الشخصيات باللغة العربية بجانب الإنجليزية...ورغم أن كل أنواع الجاليات المهاجرة إلي أمريكا صنعت أفلاما عن حياتها في الهجرة، لعل أقدمها هو فيلم "المهاجر" لشارلي شابلن عام 1917 وأشهرها هو ثلاثية "الأب الروحي" لفرانسيس فورد كوبولا، إلا أن هذا هو الفيلم الأول الذي يتناول متاعب الهجرة العربية.

تقول شيرين دعبس أنها لم تكن تحب اصرار أسرتها علي الحديث بالعربية في المنزل ولا زياراتهم السنوية إلي الأردن للقاء العائلة، ولكن بعدما حدث في أعقاب تفجيرات سبتمبر والحرب علي العراق واضطهاد العرب في أمريكا بدأت تكتشف هويتها العربية وأصبحت أكثر تمسكا بها. كما تقول أنها شاهدت كل الأفلام التي صنعت عن المهاجرين إلي أمريكا، ولكن كتابات ادوارد سعيد عن الهوية والمنفي كان لها التأثير الأكبر في الإحساس الذي خرج به الفيلم.
بذكاء شديد يبدأ الفيلم في فلسطين، حيث تضرب جذور المشكلة العربية كلها، ومن خلال عائلة بسيطة جدا تتكون من مني، وهي موظفة في أحد بنوك رام الله، جميلة ولكن بدينة، مطلقة وتعيل ابنها المراهق وأمها العجوز. ذات يوم يصلها خطاب بأنها كسبت قرعة الهجرة إلي الولايات المتحدة التي كانت تقدمت إليها منذ سنوات طويلة هي وزوجها السابق ونسيتها...وخوفا علي ابنها الذي يمكن أن يطيح به الاحتلال في أي لحظة، وحرصا علي مستقبله التعليمي والمهني تقرر قبول الهجرة. ولكن المتاعب تبدأ منذ اللحظة الأولي التي تطأ فيها أرض أمريكا، في عز الحرب علي العراق 2003، حيث يتم تفتيشهما واستجوابهما بشكل مهين ونزع علب الطعام الشرقي الذي يحملانه إلي أقاربهما، ومن بينه علبة حلوي كانت مني قد خبأت بها كل ما تملكه من أموال!

تصل مني إلي أمريكا مفلسة، حيث تقيم لدي عائلة أختها وزوجها الطبيب وأبنائهما الثلاثة، وذلك بشكل مؤقت حتي يمكنها الحصول علي عمل والانتقال، ولكنها لا تجد عملا رغم شهادتها الجامعية وخبرتها الكبيرة وإجادتها للإنجليزية، مع أنها تنطقها بلكنة عربية ثقيلة. وهي تضطر في النهاية للعمل كمضيفة في أحد مطاعم الهامبورجر، وتخفي ذلك عن أسرتها. وعائلة مني نفسها لديها ما يكفيها ويزيد من المتاعب، فالأب الذي يعمل طبيبا فقد معظم زبائنه بعد أحداث سبتمبر لأن الأمريكيين باتوا يكرهون كل ما هو عربي. والأبناء يتعرضون للتحرشات في المدرسة، خاصة مع انضمام شادي القادم توا من فلسطين إليهم ويصل الأمر إلي تبادل الضرب والذهاب إلي قسم الشرطة.
أهم ما يميز الفيلم هو فهم المخرجة والكاتبة شيرين دعبس لطبيعة الحياة العائلية العربية وتصويرها بدقة، وفي نفس الوقت معرفة الواقع الأمريكي ومعايشته...لذلك لن تجد أبدا المبالغات التي تمتلئ بها السينما العربية المحلية عادة، والفيلم يميز بين "رهاب العرب" الذي أصيب به الأمريكان في العموم، وبين مدير المدرسة اليهودي المثقف الذي يتعاطف مع مني وابنها، وينتهي الفيلم بمشهد جميل حيث تذهب عائلة مني إلي مطعم عربي، وتدعو مني مدير المدرسة الذي يجلس وسط العائلة يشاركهم الطعام العربي.
ينأي الفيلم بنفسه عن التحيز ضد دين أو جنسية بعينها، وبذلك يخدم قضيته وهي رفض التمييز ضد العرب، وكم من فيلم عربي شاهدناه يخسر كل قضاياه بسبب تعصبه وانحيازه.
ومن مزايا الفيلم الأخري أنه يعرض موضوعه بسلاسة وأسلوب غير مباشر، ذلك أن شيرين دعبس تغلف معظم مشاهدها بالكوميديا الخفيفة التي تجبر المشاهد علي التعاطف مع شخصياتها وقضاياهم، بل والوقوع في حب مني، أو الممثلة نسرين فاعور، التي أشاد بها معظم النقاد وحصلت علي أكثر من جائزة عن دورها.
الفيلم تم إنتاجه بأموال أمريكية وكندية وجزء لا يتجاوز عشرة بالمئة من الشرق الأوسط، من الأردن تحديدا، ولا تحاول أن تسأل لماذا لا يقوم المليارديرات العرب بالتمويل؟!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.