اتفق شباب الأحزاب المصرية علي مجانية التعليم كحق يكفله الدستور، وحذروا من خطورة تدني مستوي التعليم الجامعي وما قبل الجامعي في مصر، وطالبوا بوضع خطة استراتيجية لانقاذ التعليم، يشارك فيها فئات المجتمع، ولا يتم تنفيذها بتغيير الوزير، وأشادوا بالسياسة التي ينتهجها أحمد زكي بدر وزير التعليم، محذرين - في نفس الوقت - من أن يكون ما قالوه وما طرحوه من رؤي للعلاج مجرد كلام في الهواء.. جاء هذا في ختام جلسات المؤتمر السنوي الثالث الذي نظمته وحدة دراسات الشباب واعداد القادة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بالتعاون مع منظمة فريدريش ابيريت الألمانية، وكان عنوانه (الأحزاب السياسية وقضايا التعليم في مصر). وبحضور نخبة من قادة وشباب الأحزاب السياسية وأساتذة الجامعات والمهتمين بالتعليم في مصر، وعلي مدار أكثر من خمس ساعات، تم طرح 41 رؤية حزبية في كيفية تناول قضية التعليم في مصر. كانت البداية للدكتورة نورهان الشيخ مدير الوحدة، التي أشارت الي أن ما يتم اليوم ما هو إلا محاولة للوقوف علي المشاكل التي تكتنف التعليم في مصر موضحة أن أي حديث عن أي تنمية حقيقية فإنه يعني اصلاح التعليم الذي يعد محكا أساسيا للتنمية، مشيرة الي انعقاد الكونجرس الأمريكي بشكل طاريء لمناقشة تقرير عن التعليم وكان عنوانه (أمة في خطر) بمعني أن قضية التعليم قضية أمن قومي. وفي مشاركته التي جاءت في الجلسة الافتتاحية أكد د.علي الدين هلال، عضو لجنة السياسات، علي اخفاق الدولة في مواجهة الأمية التي تمثل ثلث سكان مصر. ورصد هلال عدة معايير لتقييم السياسة التعليمية في مصر وتتلخص في الشمول الواقعية، الطابع الاستراتيجي (المستقبلي)، وحدد وظائف التعليم ودوره في بناء الشخصية المصرية، واكساب مهارات لسوق العمل، وطالب هلال بزيادة تمويل التعليم، وخلال ثلاث جلسات تم عرض رؤي شباب الأحزاب حول قضية التعليم، فجاءت الجلسة الأولي عن الأحزاب الليبرالية وقضايا التعليم في مصر، ورأستها د.نازلي معوض التي أشارت الي وجوداشكاليات تؤرق المجتمع العلمي، وهي كيفية مواجهة قيود النشاط الحزبي في الجامعات، وعن رؤية الحزب الوطني، تحدث أحمد مصيلحي مشيرا الي وجود تحديات في انخفاض اتقان اللغات، والانتشار الجغرافي للمدارس وطالب أحمد عبدالغني ( الوفد) برفع مستوي المدرس، وتضاعف أعداد المدرسين، وطالب بتأسيس هيئة قومية لمراجعة المقررات الدراسية لحذف التفاصيل والحشو، كما طالب باستقلال الجامعات عن الادارة الحكومية، والغاء كل وصاية لوزير التعليم العالي وللمجلس الأعلي للجامعات، وضرورة أن تكون المناصب الادارية الجامعية جميعها بالانتخاب. ولفت باسم العربي حزب الجبهة الي ظاهرة انصراف الطلاب عن الانتظام في الدراسة بالمدارس وتحولهم الي ما يسمي بالدروس الخصوصية، وطالب بإغلاق ملف التعليم الخاص وأكدت سارة مصطفي ( حزب الأحرار) علي حل مشكلة رواتب وأجور المدرسين وتطوير مهاراتهم، وأهمية دراسة اللغات، والنظر باهتمام الي مادة التاريخ المصري. ويري علي رمضان ( الحزب الدستوري) أن التعليم في مصر لايزال يشكل انسانا ومواطنا مسلوب الشخصية وعاجزا عن الاختيار والتفكير، مشيرا إلي عدم استقرار سياسات التعليم، ومحذرا من الدروس الخصوصية التي بلغت ميزانيتها 21 مليار جنيه تنفق علي تعليم يلقن خارج المدرسة. وفي تعقيبه تساءل عصام شيحة ( الوفد)، الكل أكد علي مجانية التعليم فهل ستستمر في التعليم كله أم سوف تتوقف عند دخول الجامعة؟، وحذر شيحة من النظرة الدونية للتعليم الفني، وطالب بربط التعليم بسوق العمل، وحذر من المناهج التي تحث علي الفتنة ورفض الآخر. ومن جانبه أكد محمد هيبة ( الحزب الوطني) علي خطورة الأمية، وكيف أن مخرجات التعليم لاتتوافق مع سوق العمل، مشيرا إلي أهمية التعليم الفني. وجاءت الجلسة الثانية لتعرض رؤي أحزاب اليسار والوسط في قضية التعليم وأدارها د. السيد غانم، فبدأها بقوله: ان التعليم مسئولية الأسرة، وان الكلية أو الجامعة دورها الانطلاق، أما إلي المكتبة المركزية بالجامعة أو إلي خارج سور الجماعة، مشيرا الي أن نضال حكومتنا في الكباري والطرقات، وليس في بناء الانسان، وعقبت فريدة النقاش علي الرؤي التي طرحها شباب الأحزاب، بقولها:أن 71٪ من مدارسنا غير صالحة كمؤسسة تعليمية، فضلا عن وجود قيود علي حريات الطلاب، ولاينتبه أحد إلي القيود علي المعلمين، ومحذرة فيما سمي بالتعليم الاستثماري واعتبرته تدميرا شاملا للعملية التعليمية في مصر، وتري النقاش أن التعليم جزء من منظومة متكاملة من مجموعة سياسات شاملة تحمل عنوان اسمه التكيف الهيكلي سواء في التعليم أو الصحة، مشيرة إلي أن قضية الأمية أوسع بكثير من تعليم القراءة والكتابة، وأن ما لدينا هو أمية مركبة لم ينتبه إليها أحد. وعقب د. رأفت رضوان (رئيس الهيئة القومية لمحو الأمية وتعليم الكبار)، بقوله أن المشكلة في الارادة السياسية، فإذا كان التعليم هو المشروع القومي فلابد أن يأخذ أكبر ميزانية للدولة، وموضحا ضرورة التصدي لمشكلة الأمية مع الاستفادة من تجارب الآخرين، ففي تايلاند تم استغلال شهور الصيف للقضاء عليها وتم ذلك خلال 3 سنوات، أما تجربة كوبا فقد واجهها كاسترو بغلق الجامعة لمدة عام تم فيها خفض نسبة الأمية من 26٪ إلي 9٪. وكان آخر المعقبين محمد أنورالسادات، بقوله ان الواقع مؤسف ولانستطيع الفصل بين حالة التعليم وحالة مصر ككل، فالفوضي تعم كل شيء، وان كان الأمل موجودا، وأرجع ذلك للتسيب الأخلاقي وعدم تكافؤ الفرص، وعدم العدالة الاجتماعية، مضيفا أننا في حاجة إلي ما يسمي بالمحاسبة.