1 يعود إلي البيت ، يتناول مع أسرته الطعام و القليل من الكلمات ، ثم يأخذ قيلولة ، يوقظه في منتصفها ثقل بصدره ؛ ليكتشف أن أنفاسه اللاهثة وليدة العدو في زمن طالما خبأه أسفل وجبات الطعام و الكلمات القليلة مطمئنا لطمس آثار جريمة ما كانت المرأة قرب سريره لتسكت عليها ؛ فراحت توسوس له أن لا الصلعة المخبأة بتصفيف شعره إلي الخلف، و لا الأنفاس اللاهثة كافيتان ليتعلل المرء بعدم التفكير في الثورة. 2 بعد الانتهاء من رفع آخر دليل علي طعام تم تناوله ، شرعت في مسح الغبار ... الغبار الذي لا يفارقها إلا في أحلامها، ترك يدها معلقة لأعلي وهي تمسح إطار المرآة . كانت تتحقق في دهشة بليدة من مفاجأة لازمتها ثلاثين عاما بشأن صورتها المغبرة .. كيف عُتمت كل المرايا عدا واحدة؟ لا يتحقق الشعور بامتلاكها إلا بصحو أنزل يدها، و أجبرها علي إطلاق زفرة حُملت حرارة الصرخات المكدسة في جوفها. ولما عاودت النظر ، أخبرها انعكاس وجهها المشوه أسفل طبقات الغبار وبخار زفرتها : أن الصفاء المستحيل لمرآة حلمها قد يعول عليه.. 3 يبدد النهار بالنوم ، شاكرا للأرض عدم البوح بوقع خطواته واتساعها لعينيه المفتوحتين علي نفس تضع كل أثقال جسده في سلة التخييل ، حيث مسارات تطيل منحنياتها نزف وعيه بواقع لم يبق منه سوي غيمة خريفية ظل يترصدها متوجسا من شتاء قادم ، ستفسد أمطاره دفقة حنو سري تغلف به الأرض نظرته الحزينة ؛ فيسترد الواقع كامل حضوره بمطالعة بركة مطر تُذكر أن المرآة من طينة النهار الذي يتحاشاه كلما نظر في صفحتها لا يري شيئا. 4 يالرحمة الشياطين ! من وسوس له بنصب مرآة مؤطرة بإحكام قبضته علي عزلة يخرج من طلعها عاريا ، يتوسل العينين والكفين في التعامل مع جسد لم يحتج معه أي جهد للشعور بغيريته المانحة شرعية وجود محموم لقبلات ومعانقات وحرائق ستُخمد بعد قليل ؛ فيسقط في البكاء و اجترار تأكيد بائس أن ما يفعله صورة من صور حب الذات . بينما الآخر في المرآة عاريا يسوطه دون أدني رحمة بنظرة باردة. الإسكندرية