تنسيق الثانوية العامة 2025.. تعرف علي الحد الأدنى لدرجات القبول فى 15 محافظة    "الهيئة الوطنية": قبول طلبات 13 منظمة مجتمع مدنى مصرية لمتابعة الانتخابات    بحضور 4 وزراء ورئيس الهيئة .. وزير الصحة يشهد اجتماع مجلس الإدارة ال 22 للهيئة المصرية للشراء الموحد    رئيس البرازيل يقترح إنشاء عملة تجارية بديلة للدولار خلال قمة بريكس    استشهاد 3 فلسطينيين في قصف إسرائيلى لخان يونس    غارات جوية للجيش الإسرائيلى على جنوب لبنان والبقاع تسفر عن إصابات بين المدنيين    ترامب بعد المحادثة الهاتفية مع بوتين : شعرت بخيبة أمل كبيرة وكنت شديد الإحباط    حملات مرورية لرصد المخالفات بمحاور القاهرة والجيزة    الطرق البديلة قبل غلق الطريق الإقليمى لتنفيذ أعمال إصلاحات لمدة 7 أيام    البترول تبدأ العمل في حفر 11 بئرا جديدا لإضافة نحو 160 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي    القضاء الإداري يلزم المحامين بصرف الزيادة السنوية لمستحقي المعاش    تنسيق الكليات 2025.. خطوات التسجيل لاختبارات القدرات عبر موقع التنسيق الإلكتروني    عيار 21 الآن صباحًا.. سعر الذهب اليوم الاثنين 7-7-2025 بعد صعود 40 جنيهًا في الجرام    ارتفاع التفاح.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    الدفاع الروسية: إسقاط 91 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    مصدر ليلا كورة: الزمالك يحسم صفقة عمرو ناصر خلال ساعات    بوكيتينو يتهم التحكيم بالتسبب في خسارة أمريكا نهائي الكأس الذهبية    كل ما تريد معرفته عن بطولة السوبر السعودي    وكيله يكشف.. حقيقة رغبة مالكوم في الرحيل عن الهلال السعودي    "قصص متفوتكش".. زوجة النني الثانية تثير الجدل.. وأسباب حبس إبراهيم سعيد    محافظ الدقهلية يتفقد سير العمل بمخابز جمصة (صور)    ارتفاع البلدي.. أسعار البيض اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    السيطرة على حريق مركب صيد في ميناء الأتكة بالسويس    غرق سيارة نقل بداخلها شخصين ومواشى بنهر النيل.. وتواصل جهود الإنقاذ النهري لانتشالهم بقنا    نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس.. 7 خطوات للاستعلام عبر بوابة التعليم الفني    النائب فريدي البياضي: تعديل قانون التعليم في أسبوع عبث تشريعي    إدوارد يعلن إصابته بالسرطان وشفائه بعد خضوعه لعملية جراحية    ماذا يناقش الرئيس السيسي ونظيره الصومالي في العلمين اليوم؟    فات الميعاد الحلقة 18.. حبس أحمد مجدي وتوتر علاقة أسماء أبواليزيد وزوجها    لافروف: استخدام صندوق النقد والبنك الدولي للحفاظ على الممارسات الاستعمارية الجديدة أمر غير مقبول    إيه اللي حصل بعد قبلة الزعيم عادل إمام ليكي؟.. الفنانة دنيا ماهر تجيب    وفاة الكاتب والسيناريست براء الخطيب    نجم الأهلي السابق: ما يحدث داخل نادي الزمالك "تهريج"    «أنا مبحبش الدلع».. خالد الغندور يفتح النار على لاعب الزمالك بعد التصرف الأخير    إدوارد يكشف عن ذكرياته مع أولى أفلامه "بحب السيما"    بلوجر وتمتلك ماركة تجارية.. 15 صورة وأبرز المعلومات عن زوجة محمد النني    إعلام عبري: ذباب مصري يغزو حيفا ويثير الذعر في الأحياء الراقية (تفاصيل)    شقق الإسكان الاجتماعي 2025.. الموعد والشروط الكاملة ل حجز سكن لكل المصريين 7    تردد قناة MBC Action hd الناقلة لمباريات نصف نهائي كأس العالم للأندية 2025    عليك تقدير ما تملك.. حظ برج الدلو اليوم 7 يوليو    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    خبير اقتصادي: سيناريو يوم القيامة ووصول الدولار إلى 70 جنيهًا لن يحدث (فيديو)    إدوارد ينهار من البكاء: «حقن التخسيس دمرتني« (فيديو)    يفاقم حالات مرضية بعضها مزمنة.. خبراء تغذية يحذرون من «غمس البسكويت في الشاي»    عاجل| «أديس» تواصل البحث عن المفقودين الثلاثة في حادث غرق البارجة «أدمارين 12»    تعرف على طريقة إبلاغ الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية عن الجرائم المرورية والجنائية    طريقة عمل الآيس كوفي منعش ولذيذ في الطقس الحار    الاحتلال الإسرائيلي يرتكب 59 مجزرة خلال 100 ساعة راح ضحيتها 288 شهيدا    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 7 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    اليوم .. «حماة الوطن» يعقد الاجتماع التنسيقي الثاني للأحزاب ضمن القائمة الوطنية    حريق يلتهم شقة سكنية في عزبة النخل    مي عمر جريئة و سارة سلامة داخل سيارتها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    تراجع مفاجئ لنقابة المحامين عن الإضراب الشامل.. ضغوط سياسية أم مناورة تكتيكية؟    اختراق وآلام شديدة.. أطباء يستخرجون «ثعبانا» من بطن مريض (صورة)    أمين الفتوى يوضح حكم إخفاء معلومات عن شريك العمل: خيانة للأمانة ومخالفة شرعية (فيديو)    «لها حدود وضوابط».. أمين الفتوى: لا يجوز الوصية بكل المال إذا كان للموصي ورثة    أمين الفتوى: يجوز التبرع بنفقات العمرة لشخص.. وهذا من أبواب البر والإعانة على الخير    أمين الفتوى: 6 حالات توجب الغُسل على المرأة.. 3 منها مشتركة مع الرجل و3 تختص بها النساء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليلة التحرير
نشر في أخبار الأدب يوم 16 - 04 - 2011

بعد العاشرة مساءً بدقائق ، تُصفُّ سيارة مرسيدس حديثة الطراز بجانب الرصيف المقابل لجامع عمر مكرم ، علي غير العادة كانت هناك أماكن خالية ، تقريباً كان الرصيف خالياً ، بعد هذا اليوم الحافل لم يكن الأمر مدهشاً ولا مثيراً للاستغراب ، منذ زمن طويل لم يمر علي الناس يوم كهذا.
زحام كثيف لكنه ليس زحام الأيام الأخري .. العادية ، تجمعات من الكتل البشرية تتوزع في أرجاء الميدان الفسيح ، في حقيقة الأمر هو ليس ميداناً واحداً بل هما ميدانان يصل بينهما شارع واسع يتوسطه المتحف المصري ، تم منذ بضع سنوات اختراع الميدان الجديد وأطلقوا عليه ميدان الشهيد ، نصبوا قاعدة وضعوا عليها تمثالاً للقائد الشهيد في مفترق الطرق الذي يسبق الميدان الأصلي في محاولة ساذجة لتنظيم المرور المختنق في مدينة يتزايد عدد سكانها بجنون وبمعدلات غير مسبوقة أنتجت في نهاية الأمر أعداداً هائلة من الشبان ، أصبحوا يمثلون الكتلة الأكبر من التجمعات التي تغطي وجه الميدان.
أربع فتيات مازلن في المرحلة الجامعية يوحي مظهرهن بالثراء نزلن من السيارة المرسيدس وهن يحملن أكياس بلاستيك كبيرة الحجم عليها أسماء محال ومطاعم شهيرة ، توجهن بخطوات خجلة نحو الجموع التي تجلس في الحديقة التي تتوسط الميدان ، كانت وسائل الإعلام قد أذاعت أن حركة اعتصام بدأت في الميدان وأنها ستستمر حتي الصباح ، سارت الفتيات وسط حالة من الفرح والشعور بالانتصار تسود جميع الجالسين في تجمعات صغيرة وكبيرة تضم شباناً وشابات ورجالاً ونساء أكبر سناً وقد حرص الجميع علي رفع الأعلام واللافتات التي كتبت عليها عبارات نارية تنادي بسقوط السيد الدكتاتور الرئيس الطاغية وابنه المريض المتطلع للحكم ، بينما تدوي من الجانب الآخر للميدان هتافات منغمة علي دقات الطبول والصفارات من مشجعي أندية الكرة الذين انضموا للمرة الأولي في حياتهم إلي المظاهرات السياسية ، كانوا أشد الجميع حماسة كأنهم يريدون تعويض السنوات التي قضوها في ممارسة التفاهة من مدرجات الأندية والملاعب بعيداً عن الهموم الحقيقية لوطنهم ، بحكم تمرسهم علي الهتافات المنظمة وقدرتهم علي الاستمرار لساعات فإنهم ظلوا يواصلون بعد أن بحت أصوات الجميع من حولهم ، ولم تلبث مقدرتهم علي ابتكار الهتافات أن تفجرت بشعارات جديدة من ينبوع وطنيتهم التي تشاغلوا عنها من قبل بأنديتهم ، كان النظام السياسي للسيد الديكتاتور الرئيس ينفق بسخاء علي وسائل الإلهاء كافة ومن ضمنها الأندية ومشجعوها ويخلق بينهم صراعات مفتعلة ليمتص طاقة الجماهير ويصرفها بعيداً عن شئون الحكم وسوء إدارته وعن تردي الأحوال المعيشية لغالبية مواطنيه ، لكن المشجعين في نهاية الأمر كانوا جزءًاً من الشعب يعانون كغيرهم وتنتمي غالبيتهم للطبقات الفقيرة التي تتحمل النصيب الأكبر من المعاناة والظروف الحياتية البالغة السوء ، مما جعلهم يعلنون موافقتهم علي الاشتراك في المظاهرات دون تحفظات بمجرد أن اتصلت بهم مجموعات الشبان السياسية ضمن تخطيطهم لحشد أكبر عدد ممكن في المظاهرة التي أرادوا لها أن تكون الأكبر ضد النظام الديكتاتوري الحاكم.
الميدالية الذهبية تتدلي من يد الفتاة صاحبة المرسيدس وهي تتقدم رفيقاتها بين حشود الناس في الميدان ، يبحثن بأعينهن عمن يبدأن بالحديث معه ، توقفن تقريباً وهن يتلفتن وقد اعتراهن الخجل ، علي مقربة منهن كانت مجموعة من الشبان والشابات الأكبر سناً يجلسون علي حجارة رصيف الممشي الذي يتخلل حديقة الميدان ، وبرغم الإرهاق الذي يشعرون به بعد قضاء يوم حافل كانوا في قمة السعادة لما تحقق من نجاح للمظاهرات التي اشتركوا في تنظيمها والدعوة لها علي شبكة الإنترنت وصفحات الفيس بوك ، نجاح فاق توقعاتهم ، ظلوا لسنوات ومنذ أن كانوا في الجامعة وهم يخرجون في مظاهرات تقاوم القبح والاستبداد وتدعو لسقوط الديكتاتور الذي أظلم حياتهم وأفقدهم الثقة في المستقبل ، تعودوا لامبالاة الناس بهم ، ينظرون إليهم بتعاطف ويتضامنون معهم من بعيد ، ولكن لا ينضمون إليهم إلا في أضيق الحدود ، خوفاً من قوات الأمن والشرطة التي تطوق المظاهرة بصفوف من الجنود ثم تنقض عليها بعد ذلك لتضرب وتعتقل وتنكل بالشبان والشابات تماماً كما تفعل قوات الاحتلال بشعوب الدول التي تستعمرها بل ربما تمادت في عنفها وفاقتها بطشاً . اليوم فقط اختلف الأمر وأخذت جموع المواطنين تنضم للمظاهرات وتدعمها ، بدا أن الناس فاض بهم الكيل ولم يعد بمقدورهم الصمت فقرروا أخيراً المشاركة وإعلان تأييدهم لشبان المظاهرات الذين لم ينل القمع و التنكيل من عزيمتهم وإصرارهم علي مواجهة الطغيان ، مما حول المئات المعتادة إلي آلاف ظلت تتزايد طوال ساعات النهار حتي وصلت في نهاية الأمر إلي ميدان التحرير واحتلته تحت حراسة قوات الشرطة التي ظلت علي الحياد ، وأعلنت قياداتها في وسائل الإعلام و المحطات الفضائية أن التظاهر حق للمواطنين وأن جو الديمقراطية الذي يسود البلاد بفضل حكمة السيد الرئيس لا يري أي غضاضة في التعبير عن الرأي كما يحدث في الدول المتقدمة.
اتجهت أعين مجموعة الشباب الجالسين ناحية الفتيات الأربع وقد وقفن والحيرة تبدو عليهن ، قامت إحدي الشابات من الناشطات في مركز لحقوق الإنسان ، تعمل باحثة في أحد مراكز البحث العلمي الحكومية واتجهت إليهن لتساعدهن.
قالت الفتاة صاحبة السيارة ، لقد تابعنا المظاهرات علي شاشة التليفزيون وقررنا أن نشارك بما نقدر عليه ، أحضرنا أطعمة ومعلبات وعصائر لكننا لا نعرف كيف نبدأ وعلي من نوزع هذه الأشياء ؟ إنها المرة الأولي التي ننزل فيها إلي مظاهرة ، ضحكت الشابة وقالت إننا جميعاً إخوة وسوف نساعدكن ، ثم تقدمت الفتيات وسارت نحو أصدقائها الذين رحبوا بالفتيات وساعدوهن في توزيع ما معهن علي الجالسين في الميدان ، كانت الأكياس تحتوي علي ساندويتشات شاورمة ودجاج وكباب وعلب بسكويت من أغلي الأصناف ، وبعد جولة واسعة فرغت خلالها الأكياس ، قالت الفتيات بسعادة ، إن السيارة مازال بها المزيد من أكياس الطعام بالإضافة إلي عدة كراتين مياه معدنية لم يتمكن من حملها ، تطوع عدد من الشبان فذهبوا معهن ليجدوا أن الصندوق الخلفي للسيارة الفاخرة محمل عن آخره بكراتين المياه والعصائر وأكياس الطعام ، قدر الشبان أن الفتيات اشترين بما يزيد علي الألفين من الجنيهات.
اعتذرت الفتيات برقة بعد أن تجاوزت الساعة الحادية عشرة بأنهن لا يستطعن البقاء لأكثر من هذا وإن كن يتمنين من أعماق قلوبهن الاستمرار حتي الصباح ، وقالت صاحبة السيارة إنها لا تعاني من أي مشاكل في حياتها لكنها تود أن تري بلدها تتمتع بالحرية والعدالة والحياة الكريمة مثل شعوب الدول الراقية فمصر لا تستحق هذه الحياة التعسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.