الطائرة الكويتية ترتفع وترتفع وترتفع.. وعيناك تطاردانها وتحرسانها وتباركانها لحظة بعد لحظة.. فما دامت عيناك تقومان بحراستي فمن اي شيء اخاف؟؟؟ وما دام القرآن الذي علقته في رقبتي يحميني. فلماذا الاضطراب؟ ان تاريخي مع الطيران كان دائماً مليئاً بالكوابيس. والهواجس.. منذ ذلك اليوم الحزيراني المشؤوم عندما اختطف الموت ولدي من بين أحضاني في طائرة بين السماء والارض. القلق الوحيد الذي أصابني هو ان ابتعد عنك. وأن الطائرة تتجه إلي لندن لا إلي احضانك.. مشكلتي ان جسدي مسافر إلي لندن وأفكاري ومشاعري معك في الكويت. ومشكلتك انك كلما ابتعدت تكبر.. وكلما ازددت نأيا تلتصق بي أكثر. معك لا يبدو السفر سفرا.. ولا الرحيل رحيلا.. كل الدروب تبدأ منك يا حبيبي وتنتهي بك.. كل المطارات تستقبلك كملك وتودعك كملك.. فكيف أصدق بعد هذا كله انني مسافرة؟ المقصورة فيها عشرون راكبا جميعهم يشبهونك.. ايها الحبيب الذي جعل سفري مستحيلا.. وجعل الأزمنة كلها تحت تصرفه. تزداد سرعة الطائرة ويزداد شوقي إليك.. سرعة الطائرة وصلت إلي النهاية وكذلك حنيني إليك.. أشعر بان أشواقي تسابق الطائرة. حلو هذا السباق بين محركات الطائرة ومحركات القلب. تموت كل الاتجاهات ولا يبقي سوي اتجاهك وتنطفيء اضواء كل المطارات ولا تبقي سوي اضواء عينيك البعيدتين. خلال السفر ابلغوني ثلاث رسائل.. كيف يمكن لامرأة ان تسافر وانت حبيبها؟ كيف لامرأة ان تدعي الرحيل وانت تسبح في كيف يمكنني ان أستعمل جواز سفري.. وعلي ها هي سنجابتي الصغيرة الشيماء تتسلق وصدري.. سنجابتي المدهشة الجميلة السود تتحداني وتفرض شروطها علي. تلخبط الزمن بالنسبة لي.. استيقظت بعد نومة قصيرة.. فتحت شنطة يدي فوجدتك فيها.. فتحت شراييني فوجدتك فيها. اكلت قطعة من الشوكولاته فاذا بحلاوتك تسيل تحت لساني.. فهل انت تسكن ايضا في الشوكولاته السويسرية.. للمرة الاولي أجلس الي مائدة لا تكون فيها علي يميني. اذا طال غيابك فسوف أموت جوعا وعطشاً. أين أجد اليد التي تضع في طبقي فتافيت الرز وفتافيت الحنان؟ القلم الذي أكتب به هو قلمك.. والورق الاخضر الذي أكتب عليه هو ورقك.. والزمن الذي أعيشه هو زمنك.. لا اتصور انني أملك شيئاً بمفردي.