أ _ أسئلة لماذا كلّ ذرّةٍ في رماد فلسطين جرح مفتوح؟ لماذا، هذا الجرح يصنع الحياةَ، لكن بآلات الموت؟ هل تاريخ فلسطين خَريفٌ هاجَرَ خارج الفصول؟ لماذا يتجعّد في لغة القادة العرب وجه الخليقة؟ ولماذا تعجّ هذه اللغة بقطاراتٍ لا تحمل إلا الطّرقَ التي لا مخرج لها، والتي لا تنتهي؟ ولماذا يرسم هذه الطُّرقَ قادة آخرون لا يتشاجرون إلاّ مع الشجر والماء؟ ب _ رسالة إلي حزقيال النبي حزقيال أنتَ الرّائي، حَدّقْ أيضاً وأيضاً. لا يزال الخرابُ خبزاً يومياً في أَرْضِ الله. هل تتحوّل النّبوءات هي كذلك إلي حصار؟ هل تَنْحفِرُ الخنادقُ في كلماتها؟ هل تتشظّي رؤاها في صواريخ، في قنابلَ، في براكينِ غازٍ وفوسفور؟ وهل حَقّاً أصبحتَ، أيّها الرائي، صديقاً لمِنخرَيْ هذا التنّين؟ وأكادُ أن أسألكَ: هل التقيتَ هيروديا؟ وما لوحش الزّمن يتقنّع بملاك الأبدية؟ وما لتلك المسكينة، أَتَانِ النبوّة، بَدأَتْ تتعثّر وتَعرُج؟ وماذا نفعلُ، نحن أبناء الجارية، والأرضُ كلّها جاريةٌ في أحضان النبوّات؟ فاضَ الحديدُ صاعداً هابِطاً علي سلالم الصّلاة. الورَمُ والدُّهْنُ آدمُ الحياة وحوّاؤها. النّهار أهدابٌ تحترق، والدّقائق ترجمُ أصولَها. هل نَحفظُ بطون النّساء، وندّخر أجنَّتهنَّ إلي حين؟ هل نَقول للأثداء: ترحّلي إلي ملكوتٍ آخر؟ أمن الخطواتِ تجيء السّلاسل؟ هل الأرحامُ هي القبور؟ حزقيال، أيّها الرّائي، لا يليق بنبوءاتكَ إلا الرَّعد اسمحْ لي، إذاً، أن أصرخ: هيروديا، هيروديا الدّم يتدفَّقُ من العتبات ومن الجُدران ومن النّوافذ، وتعرفين جيّداً قلوبَ السّادة _ الأنبياء والسَّاسَةِ. قولي، إذاً، بماذا تنبضُ هذه القلوب وكيف ترِقّ، ومتي، وما سِرّها؟ لا ترغب الوردة في عطر غيرها. لا يطير طائِرٌ حاملاً عُشَّه. الأرضُ رحمةٌ، والتّرابُ هو الأخيرُ والأوّل. لماذا إذاً تشعوذ الكتُب؟ لماذا يُوضَع لكلّ حَرْفٍ قَيْدٌ، ولكلّ لسانٍ لجامٌ؟ لماذا لا تُري السَّماءُ إلاّ مملوكةً وموسومةً وموشومةً ومحروسةً ومسوّرة؟ أهي زريبةٌ للّغة؟ أهي خزانَةٌ لذهب النبوّات؟ هيروديا، هيروديا شيما، لا يكاد اسْمُكِ يُلفظ حَتّي تنطفئ الحواسّ. كلاّ، لستِ الرَّقْصَ، ولستِ العشيقة، ولستِ امرأة. عفواً، عفواً حزقيال، أيّها الرّائي. ج _ اعتبار - كيف تستقبلُ الصّخرةَ ببَوْلٍ؟ كيف تستقبلُها بغائط؟ إمضِ. غَطّ قدميكَ بالمصابيح، وَاسْتَغفِرْ. (المياه العذبَةُ والرّياحُ اللّواقح تخرجُ من تحت صخرة بيت المقدس") (عن: أبي هريرة) سَقَتِ النّبوّاتُ عطشَ الفَوْضي، ورمت زهورَها في الشوارع. حيث الشُّعراء ذئابٌ ومغاور، وحيث نقتحمُ، نحن العربَ، المُدنَ لكي نغنّي بصوتٍ واحد: بسريرٍ مُفْرَدٍ، نفتح فندقاً، بفندقٍ مفرَدٍ، نصنع قارّةً. أقدامنا أكثر علوّاً من صلواتِنا والشمس نفسها تغارُ مِنّا. الحمد والشكر لله الذي خَصَّنا بهذه الصّفات. ما أشقي أمثالي _ ولست أيوب، ولستُ فم الذّهب.