وَحَوِيِ يَا وَحَوِي.. إيَّاحَا وكمَانْ وَحَوِي .. إيَّاحَا بِنْتْ السُلطانْ .. إيَّاحَا لابْسَهْ الفُسْتَانْ..إيَّاحَا مِنْ بِدْعْ زَمَانْ .. إيَّاحَا أحْمَرْ واخْضَرْ .. إيَّاحَا طرَابيشْ عَسْكَرْ.. إيَّاحَا وِوَحَوِيِ يَا وَحَوِي..إيَّاحَا هكذا كان المصريون يستقبلون رمضان لا بوصفه شهرا دينيا لكن لكونه إنسانا اشتاقوا إلي رؤيته ، فرمضان ليس حلية أو فانوسا يضاء كلما هلت الرؤية. لكنه يصور لنا دورة حياة مكتملة تبدأ بالرؤية: رؤية القمر يوحا أو وحوي حين يولد في كبد السماء ويطلع إليه العشاق والمحبون. ينتظرون هلته وإطلالته. يذهبون لرؤيته من الأماكن العالية ويمنح من يراه العطايا كمبشر بميلاد قمر يأتي ليزيح ظلام الجماعة. آتيا بمنظومة من العادات والتقاليد والتعابير والتحايا وعناصر الثقافة المادية. كما يأتي بلغة تتحصن بالمحبة. السماح. فيخلي للجماعة مساحة تحكي فيها وتغني وتنشد وتبدع علي قدر ولد جاء لتوه كهدية من الله فتمتليء به حصالة الخير. فالقرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود أو ربما تحويشة لمواجهة شر قادم. يأتي إلينا وكأنه قد مارس طقس العبور من الدين إلي الجماعة الشعبية. فهي تسعد حينما يكون الدين يدا بيد مع ما تشربته الروح المصرية من إرث ثقافي هو العرق الذي حفظ لنيلها الفولكلوري بقاءه. فظل مستمرا يمزج بين العناصر بعد أن تصهرها روحه أو يستبدل أو يعدل. لكن يظل الدين جليا في الشعبي. والشعبي قادرا علي الصمود. فحين نستمع إلي الأغنية الشعبية الرمضانية التي تقول: يارمضان ياعود كبريت يا مخوف كل العفاريت سوقت عليك أهل البيت لتبات عندنا الليله يا رمضان يا صحن نحاس يا مسافر في بلاد الناس سوقت عليك أبو العباس لتبات عندنا الليله سنجد سحرا يجمع بين الموسيقي والحركة والدلالات التي تتعمق حين نربطها بالعادات والتقاليد وكانت الجسر الذي عبر عليه المصريون لتظل البهجة إلي جانب الدين. فالدين لا يحض علي الكآبة أو القتل ورمضان يمثل شهرا للمحبة والتسامح والوحدة وهو ما يجب أن يفهمه المصريون ليستعيدوا مجد مصر الذي سيظل سلاحنا في المواجهة مع كل ما يحاك لها.